لأن النفط صراع
الصفحة الرئيسية تحليلات

سجلت WTI‎ هبوطا كارثيا في أسعار خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة حيث انخفض سعر النفط الخام غرب تسكاس من مستوى 100 دولار للبرميل إلى ما يقارب 80 دولار للبرميل.

وهذا البهوط المفاجئ قد أثر تأثيرا سلبيا جدا على سعر أسهم أكبر شركات النفط العالمية، وومضت الأسواق العالمية إلى حالة توقف نسبي.

ماذا حدث هناك بالتحديد؟ هل هذا عبارة عن حالة مؤقتة أو سوف تشهد الأسواق تراجعا أكثر من ذلك بكثير؟

هذا ما يقوله بهذا الصدد السيد دانيل إرهين، نائب رئيس شركة الأبحاث IHS، مؤلف الكتاب المعروف عالميا في مجال النفط والغاز " التنفط: الاستخراج وتاريخ النضال العالمي من أجل النفط والمال والهيمنة" حول تقلبات الأسواق:

إن احتمال وقوع تقلبات جديدة (مؤقتة كانت أو مستمرة ) في الأسواق العالمية يبقى عاليا جدا حتى الأن.

من الممكن أن يؤدي الزخم وأعمال المستثمرين إلى انخفاض أكثر لسعر النفط. لذلك ينبغى الأخذ بعين الاعتبار السؤال حول متى سوف ترد الأسواق الأمريكية والأوروبية بإنخفاض مستوى استخراج النفط تعويضا لخفض أسعار النفط ؟ هناك الكثيرون اليوم من يجاوبون على هذا السؤال قائلين إنه من المحتمل أن يحدث ذلك في وقت قريب وأسرع مما نتوقع .

يمكن القول أن هذا التراجع القوي لأسعار النفط الذي نشهده حاليا يعتبر من أول ظواهر الواقع الاقتصادي الجديد ويدل على حلول القرن الاقتصادي الجديد إن جاز التعبير.

بفضل التطور السريع لتكنولوجيا التكسير الهيدروليكي شهدت صناعة استخراج النفط في عام 2008 نموا مميزا بـ70% حيث قد وصل الإنتاج إلى 8.5 مليون برميل يوميا. (يجب الإشارة في هذا الثياق إلى أن تكنولويجيا التكسير الهيدروليكي تستخدم عند استخراج الغاز الصخري والنفط الصخري أيضا).

من المتوقع أن تصبح الولايات المتحدة الأمريكية في وقت قريب دولة رائدة في مجال استخراج النفط وتحقق مستوى الإنتاج الأكثر بكثير من المملكة العربية السعودية وروسيا.

وفي نفس الوقت أثارت ليبيا اهتمام العالم بقرارها المفاجئ حول زيادة إنتاج النفط ب800 ألف برميل يوميا.

وإذا نظرنا إلى صورة إنتاج النفط عالميا لاحظنا أن مستوى أنتاج الصين ودول أوروبا يزداد تدريجيا لذلك يمكن الوصول إلى الاستنتاج أنه ليست هناك حاجة في العالم اليوم لمثل هذه الكميات الضخمة من النفط. أليس هو هكذا؟

وتقدم شركة IHS تنبؤاتها وتقول أن الإنتاج سوف يصبح أكثر ب800 ألف برميل يوميا من الطلب على النفط على مستوى الدول التي ليست من أعضاء منظمة أوبك. هل ينبغي أن نقرأ هذا الخبر بمعنى أن أسعار النفط سوف تهبط أكثر؟ لا، ليس الأمر هكذا وإنه بالعكس تماما. من المحتمل أن تتغير الأوضاع أسرع مما نتوقع.

الخطر الجيوسياسي هو من أهم العوامل التي قد تؤثر على الأوضاع في السوق

كيف يمكن أن تنعكس الأحداث السياسية على الأوضاع في السوق؟ على سبيل المثال، لو سيطرت " داعش" سيطرة كاملة على الحقول النفطية بجنوب العراق سوف تتغير الأوضاع بصورة جذرية.

أو لو حدث شيء في ليبيا مثلا التي لا يمكننا أن نعتبرها في الوقت الراهن دولةً ذات الاستقرار والأمن. فإذا فشل التحالف السياسي الهش يرجع العالم إلى عهد الإنتاج البطيء، ولا ينبغى أن ننسى أيضا أن المملكة العربية السعودية التي تفعل كل ما في وسعها للحفاظ على مستوى الانتاج الحالي من أجل ألا تفقد حصتها في الأسواق.

السلطات السعودية قد عبرت عن موقفها حول إنتاج النفط حيث صرح المسؤولون السعوديون أن السلطات السعودية لن تقوم بخفض مستوى إنتاج النفط من طرف واحد. وترغب السعودية أن تقف الدول الأخرى بجانبها عند اتخاذ مثل هذا القرار الجيوسياسي. وإذا توصلت كل الأطراف المشارِكة في المفاوضات في إطار جلسة منظمة أوبك (التي من المرتقب أن تعقد قريبا) إلى اتفاق فمن المحتمل أن يُتخذَ القرار حول خفض إنتاج النفط هادفا إلى الحفاظ على السعر بمستوى معقول ومقبول لجميع اللاعبين الدوليين.

وإذا استمرت أسعار النفط في هبوطها يعقد اجتماع طارئ لأوبك لاتخاذ قرارات حاسمة إذا تطلبت الأمور ذلك.

وإلا قد يأتي قرار خفض إنتاج النفط في إطار اجتماع الدول الأعضاء للأوبك الذي من المرتقب عقده الشهر المقبل فقط.

كما يظن إرهين أيضا أنه ينبغى الاعتماد في غضون أشهر قريبة على مستوى إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة حيث من المعروف أن إستخراجه وإنتاجه يعتبران مربحا إذا لم يصل سعر برميل النفط إلى مستوى أدنى من 80 دولار للبرميل - وهذا هو المستوى الذي يقوم عليه سعر النفط الصخري الأمريكي حاليا.

وإذا قرر المصنعون خفض حجم أعمال الاستكشاف والإنتاج للنفط الصخري فسبب ذلك ارتفاع أسعار النفط من جديد.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق