جيل طفرة المواليد دمر أمريكا: ما هو خطأ متهمي جيل القرن الحاضر؟
الصفحة الرئيسية تحليلات, الولايات المتحدة

أنشأ باحثان أمريكيان نيل هاو و يليام شتراوس عام 1991 ما يسمى ب " نظرية الأجيال ".أساس هذه النظرية - قيم الطبقة المتوسطة حيث يتم تشكيل جيل من القيم بدلا من العمر. المجتمع الحالي يجمع بين عدة أجيال : جيل طفرة المواليد (1943-1961) جيل X (من 1961-1982) جيل Y أو جيل الألفية (1982-2004) وجيل Z (ابتداء من 2004).

إنتقاد الشباب الحديث يمكن أن يكون ممتعاً، ولكن السبب الحقيقي لحالة سوق العمل الرهيبة، و لمرض العالم بأكمله يتمثل في شيء آخر.

وجد القارئ، بالطبع، الكثير من المقالات التي تقوم بلوم جيل التكنولوجيا عما يفعلونه مع القوى العاملة والمجتمع والأسرة، ومع كل شيء حولهم. قائمة الإدعاءات التي ليس لها نهاية الموجهة إلى الجيل التكنولوجي تبدأ بالكسل والتدلل وتنتهي بعادة إلتقاط الصور الذاتية Selfie. الهجمات والاتهامات والهلع ليس لها أي أساس، والأسوأ من ذلك أن ما يقف وراءها هو تحويل المسؤولية. بصراحة، تعبنا من كل هذا. وأصعب شيء في تحمل الانتقادات الموجهة تجاه جيل التكنولوجيا هي أن منشريها هم جيل طفرة المواليد الذين يقومون بتعكير المياه بإستمرار.

ذنوب الاباء

بلغ جيل طفرة المواليد الثمانية عشر من العمر في عصر ازدهار ليس له مثيل. ربيوا من قبل الآباء الذين عانوا من الفقر والحرب و الذين ينتمون إلى جيلٍ جلب تضحية حقيقية تحت وطأة النضال الأخلاقي الثقيل. غالبية جيل طفرة المواليد كبروا في ظروف الأمن الاقتصادي والمادي. بمقاييس اليوم، حصلوا على تعليم غير مكلف و موجود بمتناول الجميع، وكانوا جاهزين للعمل في سوقٍ مزدهر و مفتوح. بسبب النجاح في البداية تشكل أساس قوي للإنجاز المالي والشخصي، الذي لم يشهده العالم حتى تلك اللحظة.

هكذا تشكلت قاعدة المجتمع الأمريكي: الطبقة الوسطى. وماذا فعلوا مع حسن حظهم؟ منذ ذلك الحين، بعد قدوم جيل طفرة المواليد إلى الساحة عانى المناخ الاقتصادي في الولايات المتحدة من رأس المال والأسعار غير المضمونة وانهيار سوق العقارات. تظهر فقاعات الأسعار بسبب المستثمرين المكفوفين في جشعهم الذين لا يبالون بهم المنظمين.

حّول جيل طفرة المواليد النظام المالي والمصرفي الموثوق نسبيا إلى نظامٍ مع درجة عالية من المخاطر.

وهناك مثال رائع لهذا - انهيار سوق الرهن العقاري في عام 2008. وضخم جيل طفرة المواليد في ميزانية الدفاع إلى حدود لا يمكن تصورها. ثم إندلاعهم على البرامج الدولية مع متطلبات دفع ثمن أخطائهم. إعتمد جيل طفرة المواليد في المجال البيئي على الفحم ودمروا ببطء تطوير البنية التحتية النووية، التي أنشئت من قبل آبائهم. يمكن للأميركيين شكر قادة جيل طفرة المواليد على الدولة التي لا يوجد فيها سياسة معقولة في مجال العلاقات الدولية، والبيئة، والطاقة، والأمن الاجتماعي، وحقوق الإنسان، والإرهاب، وتطوير التكنولوجيا، والتعليم، والائتمان، وإلخ .. خلاصة القول هي أن قادة جيل طفرة المواليد شكلوا في الولايات المتحدة حكومة منحازة وموجهة لخدمة المصالح الذاتية لم تشهد البلاد أمثالها، في حين إستمرارها مواجهة العالم بأكمله.

الشباب يدفعون الثمن

يتواجه شباب اليوم مع سوقَ عملٍ مشبعة بخريجي الماجستير مع نقص الوظائف بأجور لائقة. ممثل جيل التكنولوجيا النموذجي يمكنه أن يطالب بنقطة الانطلاق، االتي تتطلب بدورها درجة الماجستير، والتي تستقبل الآلاف من السير الذاتية. المحظوظين الذين وجدوا مكانا للعمل، يقومون بأعمال لا تفي مؤهلاتهم، ويحصلون على راتب يقلل من شأنهم في كثير من الأحيان.

و مع هذا يتوجب على ممثل جيل التكنولوجيا أن يحاول الحصول على الاستقلال المالي تحت وطأة قرض التعليم الضخم الذي تولاه للحصول على التعلم الذي هو بحاجة باتة إليه (في سوق العمل المعاصرة). ونظرا لعدم وجود الاستقرار المالي بشكل عام، ليس من المستغرب أن المزيد والمزيد من ممثلي جيل التكنولوجيا يرجعون إلى حضن أمهاتهم وأبائهم. وعلى ما يبدو، لا يمكننا لوم جيل التكنولوجيا في أسباب الهجرة الجماعية إلى المنزل في كثير من الأحيان، بل علينا لوم الاقتصاد الذي ينبع مباشرة من سياسة الاستهلاك و مبادئ جيل طفرة المواليد. لذلك عندما يعود شاب يبلغ من العمر 26 عاما إلى المنزل، من الأفضل أن لا يغضب عليه والديه انه لم يستطع إيجاد وظيفة ذات راتب عالي، و عليهم النظر في المرآة ولوم نفسم بما يحدث.

المتشككين الذين ينتقدون جيل التكنولوجيا، ينبغي أن يكونوا أكثر قلقا بشأن التأثير الذي سوف يتركه الجيل الضائع على الاقتصاد وسوق العمل على المدى الطويل.

يكافح جيل التكنولوجيا الصعوبات ولا يشتري السيارات والمنازل، و يأجلون زفافهم وولادة أطفالهم لفترات أطول بكثير من أسلافهم. وبالإضافة إلى ذلك، الدخل المخفض في بداية المسار يقلل بدرجة كبيرة من القدرة المحتملة للإنسان أن يكسب شيئاً. لذلك لا يستطيع جيل التكنولوجيا الاعتماد على نسبة نجاح عالية مشابهة لنسبة نجاح آباؤهم. لم يرغب أحد بالتوصل إلى هذا الوضع، ولكننا مجبورون بالتعامل معه.

يمكن لجيل التكنولوجيا إلتقاط الصور الذاتية وكتابة سخافات على Twitter، ولكن هذا الجيل نفسه يواجه تحديات غير مسبوقة الآن وسوف يقوم بمواجهتها في المستقبل. وهذا الجيل سيضطربالقيام ببناء التوازن في الاستدامة البيئية والنمو الاقتصادي واستهلاك الطاقة، والحرص على أن التأمين الاجتماعي والرعاية الصحية سيستمران في تلقي التمويل اللازم عندما يشيخ آبائهم و لن يستطيعوا فعل كل هذا. وبنفس الوقت سيتوجب عليهم الحفاظ على الحرية الاجتماعية وتعزيزها في عصر التكنولوجيا ومقاتلة الأشرار الذي بدؤوا برفع رؤوسهم في كل أنحاء العالم.

لذلك عندما يغضب السيد والسيدة ممثلي جيل طفرة المواليد في المرة القادمة، على طفلهم الكسول و النرجسي ممثل جيل التكنولوجيا ، يحتاجون فقط أن يتذكروا أن وآباءهم كانوا يفكرون بنفس العقلية عن جيلهم الهيبي، مع الفارق الوحيد هو أن جيل التكنولوجيا لن يستطيع الاعتماد على الإستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، الذي حصل جيل طفرة المواليد عليه بفضل عمل آبائه الجاهد.

اقرأ أيضا:
الرجاء وصف الخطأ
إغلاق