تاريخ النفط بإختصار
الصفحة الرئيسية تحليلات

النفط هو ليس نوع من الوقود فقط.هو عبارة عن سوق بقيمة 3.4 تريليون دولار. هو سلاح ومورد استراتيجي و"لعنة" في نفس الوقت. النفط يمكن أن يصبح طريقة إلى الأفضل أو إلى الأسوء، النفط يؤثر ويتعرض للتأثير. وكل هذا يؤثر بشكل ما على سعره. لذلك تحليل بيانات سوق النفط يمكن أن يخبرنا ليس فقط عن الطلب والعرض العالمي والعلاقة بينهما فحسب، بل عن السياسة والنظام الاقتصادي بشكل عام.

الحاضر

في الأعوام الأربعة الأخيرة كانت أسعار النفط قد استقرت على مستوى عال مما كان يهدد استقرار النظام الاقتصادي. وفي النصف الثاني من هذا العام فجأة شهدت سوق النفط تراجعا قويا رغم أن سعر النفط في شهر يوليو كان على مستوى 107.73 دولارا للبرميل مما جعل تطوير حقول النفط الصخري وإنتاج النفط من الآبار في المياه العميقة مربحا للغاية.

تأثير هذين العامليْن قد اكتشف في الصيف حيثما تم انخفاض الطلب من الصين، ودول أوروبا وجدت نفسها على حافة الركود الاقتصادي، وتقوية الدولار على خلفية انتعاش الاقتصاد الأمريكي جعلت النفط الذي يباع مقابل الدولار غالي الثمن. وبدلا من خفض الإنتاج وإقناع كبار منتجي النفط في العالم بضرورة تجنب تشبع السوق بأي طريقة ممكنة بدأت الدول الشرقأوسطية المصنّعة للنفط حربَ الأسعار لحماية حصتها في السوق العالمية. ولعب اكتشاف وتطوير الحقول النفطية الجديدة، مكامن النفط الرملية في كندا وحقول النفط الصخري في الولايات المتحدة، دورا مهما وجعل منظمة أوبك تعترف بضعف سلطتها.

تسعى المملكة العربية السعودية أن تحتفظ بالأسعار المنخفضة وهذا ما تعاني منه الدول المنافسة سياسيا واقتصاديا للمملكة السعودية،وهي روسيا والصين، اللتان تواجهان ضغط العقوبات الاقتصادية المفروضة عليهما. النفط منخفض السعر هو ما كان المصنّعون السعوديون يحتاجون إليه، ولكن إنتاج النفط بالنسبة للولايات المتحدة هو أمر مكلف جدا. وفي منتصف شهر أكتوبر انخفض سعر النفط إلى مستوى أقل من 80 دولارا للبرميل ما يعتبر أدنى مستوى لسعر النفط الذي يعتبر الإنتاج على أساسه في ولايتيْ تسكساس وداكوتا الشمالية الأمريكية مربحا. في 30 من أكتوبر أعلنت ConocoPhillips ‎(NYSE: ConocoPhillips [COP])‎ عن تقليل الاستثمارات في بعض الحقول النفطية في الولايات المتحدة لأن الأسعار المنخفضة لا تُكسب الأرباح الكبيرة.

الماضي

في منتصف القرن العشرين كانت كبرى الشركات المعروفة باسم "الأخوات السبع" تسود في سوق النفط (هي شركة British Petroleum و Exxon و Gulf Oil و Mobil و Royal Dutch Shell و Chevron و Texaco)‎، وكانت ترصد دورة كاملة لإنتاج النفط بدءا من استخراجه من البئر وحتى وصوله إلى محطة الوقود حيث يتم بيعه إلى المستهلك، وكانت هذه الشركات تتاجر مع بعضها البعض على أساس الاتفاقيات الخاصة بينها إذ لم يكن في ذلك الحين سوقا مفتوحا بأي شكل من الأشكال.

وفي عام 1960 قامت الدول المصنعة للنفط بتأسيس منظمة الدول المصنعة أوبك. واستخدمت الدول العربية من عدد أعضاء منظمة أوبك قوتها لأهداف سياسية واقتصادية حيث تمكنت من وضع الحظر على إمدادات النفط مرتين في عام 1973 و1979 مما أدى إلى الأزمة الاقتصادية العالمية الخطيرة. وفي الثمانينات من القرن الماضي أدت أعمال وقرارات منظمة أوبك وظهور المورّدين الجدد في السوق بالإضافة إلى تطوير التجارة بالعقود الآجلة إلى التسعير في السوق.

واليوم يعتبر نفط خام برينت الذي يتم إنتاجه في البحر الشمالي معيارا دوليا.

وتعتبر المنطقة التي يتم استخراج النفط الخام برينت فيها منطقة مستقرة من الناحية السياسية ولكن في الآونة الأخيرة قل عدد الصفقات مع نفط برينت بسبب خفض حجم الإنتاج. وأما النفط WTI الذي يعتبر ميعارا قياسيا للولايات المتحدة الأمريكية فسعره أقل من نفط برينت في ظل زيادة الإنتاج والإمدادات للنفط الصخري من الأمريكا. وفي السنة الماضية قامت سلطات الاتحاد الأوروبي بتنظيم حملة تفتيش في المقر والمكاتب الإدراية لشركة Shell ‎(LON: RDSB)‎ و BP وغيرها في إطار تحقيقات في واقع التلاعب بالأسعار المرجعية التي تم تحديدها من قبل شركة Platts.

المستقبل

لأن العالم المعاصر اليوم يستهلك الطاقة أكثر فأكثر- يرتفع تدريجيا سعر كل برميل لأن "النفط السهل" الذي يعتبر إنتاجه مربحا وليس معقدا قد انتهى. نعيش اليوم في ظروف تحددها تكلفة إنتاج النفط الثقيل. ومن هنا نشأ مفهوم "الذروة النفطية". الذي يقوم على واقع وصول مستوى إنتاج النفط في نقطة ما إلى ذروته ومن ثم يأتي تباطؤ الإنتاج بسبب نفاذ الحقول النفطية.

وكما يشير المعارضون لهذه النظرية إلى أن التكنولويجيا اليوم تتطور باستمرار. وعلى سبيل المثال الإبتكارات والتكنولوجيا الجديدة جعلت إنتاج النفط الصخري والغاز الصخري ممكنا على الرغم من أن هذا النوع من الإنتاج ن يعتبره البعض أمرا مستحيلا. لذلك يمكننا أن نستنتج أن حجم الإنتاج لن يقل ولكن سعر النفط سوف يرتفع. وأيضا يتعلق كل شيء بالطلب العالمي حيث قد يؤدي خفضه في هذا العام إلى التفكير حول مصير الذهب الأسود في المستقبل: يلاحَظ نمو مستوى الاستهلاك للطاقة بسرعة ولذلك يمكن المستهلكون أن يبحثوا عن موارد الطاقة الأخرى منها مثلا الغاز الطبيعي والأنواع المختلفة من الطاقة المتجددة، في عام 2012 كانت نسبة النفط 31% من إجمالي استهلاك الطاقة العالمي وفي عام 1973 كانت ما يقارب46%.

نعم، من المحتمل أن النفط سوف يتراجع سعره لأنه لن يكون ضروريا مثل ما كان سابقا.لذلك ينصح البعض ببيع الأوراق المالية المرتبطة بسعر النفط. وهم يحذرون من أن القيمة الوهمية لكبرى شركات الطاقة يمكن أن تكون من أسباب الأزمة الاقتصادية الجديدة إذا ارتفعت أسعار النفط إلى مستوى حيث يصبح دفع الغرامات على الإنبعاثات المسببة للإحتباس الحراري ليس مربحا على الإطلاق.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق