التكنولوجيا المسكنة

هل لاحظتم في الآونة الأخيرة أن العديد من الشركات الناشئة جمعت مبالغ كبيرة من المال؟ من المحتمل أن تكون في حيرة من مسألة كيف يمكن لشركة مثل BuzzFeed، المعروفة بموقعها الإلكتروني المليء بصور GIF المتحركة ومختلف الرسوم البيانية والمسابقات جمع مبلغ 50 مليون دولار - أي قيمتها الآن 850 مليون دولار. ويقدرالمستثمرون قيمة تطبيق الرسائل Snapchat الذي يساعد المراهقين على المغازلة في المراسلات مع بعضهم البعض ب 10 مليارات دولار.

هل جن العالم بأكمله؟

يعتبر بعض خبراء الصناعة أن طفرة التطبيقات والمواقع التافهة علامة على نشأة الفقاعة التكنولوجية 2.0. ولكن السيناريو ليس بهذه البساطة.

أول رد فعل لناعلى أي إبتكا رهو أننا نشير إلى أنه إما مهم أو تافه، لذلك شعر الكثيرون بالصدمة عند حصول الشركات التي كانت تعتبر غير مهمة على تقييمات عالية.

معظم الناس، بما في ذلك العديد من المستثمرين المحترفين، يقسمون جميع المنتجات الجديدة إلى فئتين: "الفيتامينات" و "المسكنات".

المسكنات مصممة لحل المشاكل الهامة. وهي تركز على الحاجة الواضحة وتقوم بتقليل نوع ألم معين لدى المشترين، كما تغطي الأسواق القابلة للقياس الكمي. مثال على ذلك هو الNurofen الذي يضمن تخفيف الألم.

يتطلب من المبدعين في الشركات الكبيرة والصغيرة بإستمرار إثبات أن فكرتهم هي مهمة بما يكفي لتبرير الوقت والأموال اللازمة لتنفيذ ذلك. تريد وحدات التحكم مثل المدراء ورؤساء الأقسام أن تستثمر في حل المشاكل الحقيقية أو تلبية الإحتياجات الفورية ولذلك تدعم تطوير المسكنات.

في المقابل يمكن أن لا تزيل الفيتامينات أعراض الألم الواضحة. بدلاً من ذلك فإنها تناشد الإحتياجات العاطفية للمشترين بدلاً من إحتياجاتهم الوظيفية.

عندما نتناول الفيتامينات كل صباح لا نعرف إذا كانت فعلا تساهم فيتعزيز صحتنا. إننا نتناول الفيتامينات ليس بسبب فعاليتها. تناول الفيتامينات هو «علامة» في قائمة الإجراءات اللازمة لتحقيق الهدوء النفسي وليس الفزيولوجي.

وعلى النقيض من المسكنات التي لا نستطيع أن نعمل من دونها تخطي بضعة أيام من تناول الفيتامينات عندما نكون على سبيل المثال في عطلة ليست مشكلة. وبالمثل يستخف الناس غالباً بإبتكارات مثل BuzzFeed كما يسخفون بالفيتامينات، ويعتبرون أن إمتلاك هذا الشيء يكون لطيفاً ولكن ليس ضرورياً - و هم على حق في معظم الحالات.

إلا أننا في كثير من الأحيان لا ندرك أن الفيتامينات يمكن أن تتحول إلى مسكنات على المدى الطويل. يكتب مستثمر BuzzFeed كريس ديكسون:

«سيبدأ الإختراق المقبل كلعبة».

دعونا ننظر إلى بعض المنتجات التكنولوجية الأكثر شعبية اليوم مثل Facebook و Twitter و Instagram و Pinterest. ماذا يبيعون - الفيتامينات أو المسكنات؟

سيكون جواب الأغلبية الفيتامينات لأنهم يعتقدون أن المستخدمين لا يقومومون في هذه الشبكات بشيء مهم بل لا يسعون إلا لتأكيد وضعهم الإجتماعي. فكر بالتالي قبل تعيين هذه الشركات التكنولوجية الناجحة ذو الشعبية الكبيرة إلى الفيتامينات أو المسكنات:

تذكر الآن الفترة عندما بدأت للتو بإستخدام هذه الخدمات. لم يستيقظ أحد في منتصف الليل صارخاً «أنا بحاجة ماسة لتحديث حالتي! ». كما هو الحال في العديد من الإبتكارات الأخرى لم يظن أحد أنه في حاجة إلى ال Facebook إلى أن أصبح جزءاً من حياتهم اليومية أي أنه تحول إلى عادة.

من المهم أن نوضح أن مصطلح «نقطة الألم» الذي يستخدم في كليات إدارة الأعمال وفي الكتب عن التسويق مُبالغ به قليلاً. في الواقع نحن نتحدث عن مشاعر«الحكة» أي عن رغبة تُذكرعن نفسها بإستمرار وتُسبب الإنزعاج إلى أن يتم تلبيتها.

المنتجات التي نستخدمها والتي تسبب الإدمان عليها صممت فقط لتلبية حاجة معينة. إستخدام بعض التقنيات أسهل من تجاهل رغبة معينة بإستمرار. حالما نصبح ندمن على أداةٍ ما لن يقدر أي شيء آخر على مساعدتنا.

عندما نشعر بالإنزعاج نحاول التخلص منه. مع مرور الوقت يصبح إستخدام المنتج طريقة للتخلص من «الحكة».

يبدو للوهلة الأولى أن التكنولوجيا المؤدية للإدمان تقدم الفيتامينات الغير ضرورية ولكن بمجرد تشكل العادة تتحول الفيتامينات إلى مسكنات. من السهل أن ننسب هذه التكنولوجيا «السخيفة» إلى فئة التكنولوجيا التافهة إن لم نتفهم الأسس النفسية لها التي تجعل الناس يستخدمونها مراراً وتكراراً.

هذا المقال هو تطويع فقرة من كتاب "المشتري على الخطّاف. دليل خلق المنتجات المشكّلة للعادة" تأليف نير إيا. يمكنك أن تجد بلوق نيرعن علم النفس المنتجات على موقع NirAndFar.com.