دروس مالية من داعش
Stringer/Reuters
الصفحة الرئيسية تحليلات

الأسبوع الماضي أعلن تنظيم "داعش" عن نيته لصك عملة جديدة في الأراضي العراقية والسورية التي تخضع لسيطرته من أجل الإبتعاد عن "النظام المالي الطاغوتي". وفي خطط داعش تأسيس دينار جديد وهو نسخة عن الدينار الإسلامي الذهبي الذي تم تقديمه في عصر الخلافة في القرن السابع.

إن فكرة تعزيز السلطة عن طريق إقامة عملة رسمية ليست جديدة. لو كنتم في رغبة الحصول على السلطة لأردتم أن تقدموا نظام عملة جديد. وهنا بعض القواعد البسيطة التي يجب أن تتّبعوها.

بسط السيطرة

على الرغم من أنه تقوم القوات الأمريكية بالغارات الجوية المنتظمة على المسلحين، لا يزال تنظيم داعش يسيطر على الأراضي التي يماثل حجمها حجم المملكة المتحدة. تقع العاصمة التي ا في مدينة الرقة السورية. يسيطر المسلحون على بعض المدن الكبيرة مثل الموصل ويشكّلون بالواقع سلطة سياسية وإدارية في الأراضي المحتلة. وهذا هو سبب رغبتهم بتأسيس الخلافة الإسلامية.

يعترض بعض سكان الرقة على الضربات الجوية الأمريكية المستمرة التي تشوّش الحياة اليومية في المدينة والتي وفقاً لصحيفة The New York Times "أصبحت دولة الإسلام موفر الخدمات الضرورية الوحيد فيها".و تستطيع داعش إجبار سكان المدن التي تسيطر عليها على إستخدام العملة الجديدة.

ومع ذلك يمكنكم صك العملة دون أن تكونوا مسلحين عنيفين. إن المثال الأشهر هو دولار ديزني الذي يمكن إستخدامه في كل مدن ألعاب ديزني لاند في العالم. المثال الثاني هو جنيه بريكستون المتداول في منطقة مدينة لندن التي تحمل نفس الإسم. توجد على جنيه بريكستون صور المشاهير الذين كانوا يعيشون في هذه المنطقة ومنهم فينسنت فان غوخ والكاتب من ترينيداد و توباغو سيريل جايمس. تم تقديم هذا الجنيه من أجل دعم الإقتصاد المحلي.

المهم أن يحدد سعر صرف العملة الجديدة 1:1 بنسبة للعملة القائمة لكي تعتبَر في الوزارة المالية عبارة عن شهادة مهداة.

تأسيس ورزاة مالية خاصة

بالإضافة إلى تقديم الدينار الجديد أعلنت داعش عن تأسيس "بيت المال". الهدف الرئيسي هو بسط السيطرة على صك وتداول العملة الجديدة. هذا يبيّن أن هيكل داعش لا يزال يتعقد حيث يأسس المسلحون منظمة مماثلة لوزارة المالية الأمريكية.

داعش ربما أغنى تنظيم إرهابي في العالم. وفقاً للتقديرات التي أقيمت في سبتمبر تكسب داعش مليون دولار يومياً من بيع النفط من عدا الأموال من الضرائب وإيفاء فدية الرهائن وبيع المعدات العسكرية المسروقة والتحف. وفقاً للمعلومات الواردة من المسلحين المقبوض عليهم، قبل سقوط الموصل "بلغت قيمة المبالغ النقدية والمملكات التابعة لداعش 875 ملايين دولار. وبعد االسطو على بعض البنوك وغنم المعدات العسكرية ارتفع هذا المبلغ ليصل 1.5إلى مليار دولار.

وهذا المبلغ أكثر من أن يكفي لإنشاء النظام المالي الخاص. خاصةً في حالة داعش التي تقوم بمعاملاتها المالية عن طريق النقد وتبذّل جهوداً لتجنب إستخدام النظام المصرفي الدولي لأسباب عملية ودينية.

طبع وتوزيع العملة الجديدة

وفقاً لصحيفة De La Rue ستستغرق الشركة من المملكة المتحدة المسؤولة عن طبع العملة البريطانية والدنانير العراقية في عصر ما بعد صدام حسين أربعة أشهر على الأقلّ لتطبع الأوراق النقدية والمسكوكات التي ستحلّ محلّ النقود المتداولة في الدول الغربية. إذا أردتم إسقاط نظامكم يجب أن تأخذوا هذا الأمر في عين الإعتبار.

في خطط داعش صك سبعة أنواع من العملة المعدنية دون أن تطبع الأوراق النقدية وهي: 2 من الذهب و3 من الفضة و2 من النحاس.وهذا يشير إلى أنه توجد لدى المسلحين كمية كافية من جميع المعادن الثلاثة وهي على الأرجح مستوردة من تركيا بشكل غير قانوني أو مصهورة من الودائع المصرفية. من المفترض أنه سيتم تقديم هذه العملة أولاً في مدينة الرقة. أعلن التنظيم أنه سيشير في تصريحاته المقبلة أين يمكن أن توجد الدنانير الجديدة وماذا سيكون سعر صرفها.

يجب على أي سلطة إنفصالية أن تتّبع بعناية نظامها المالي لكي يمنع إنخفض أارباح المواطنين السريع خلال مرحلة التحول إلى العملة الجديدة وعلى خلاف ذلك سيصبح السكان مفلسين وهذا سيسبب إنهيار إقتصاد الدولة.

من اللازم أن تكون العملة الجديدة متداولة في السوق بكمية كافية.

على الأرجح ستحاول داعش أن تثبّت سعر صرف العملة بالنسبة للعملات الأخرى وهذا لن يكون أمرا بسيطا بالنظر إلى أنه يتم تحديد أسعار الذهب والفضة والنحاس كل دقيقة على الأسواق الدولية. بالإضافة إلى ذلك ستحاول داعش أن تمنع إنتشار الدينار الجديد خارج أراضيها وهذه المهمة صعبة جداً للسكان المحليين الذين كانوا يكسبون بالتهريب خلال القرون الطويلة.وفي الدول الأخرى التي تقوم بمراقبة العملة ومنها فنزويلا والأرجنتين وكوبا توجد قضايا التضخم المالي وسحب الودائع الجماعي من البنوك ناهيك عن سعري الصرف حيث يوجد سعر واحد محدّد من قبل الحكومة والثاني بالسوق السوداء.إن صك النقود المعدنية الجديدة دائماً مرتبط بالصعوبات المختلفة، مثلاً ارتفاع سعر الزنك المستمر أدّى إلى أن تكلفة تصنيع سنت واحد في الولايات المتحدة تصل إلى 1.6 سنتا أمريكيا.

إن شن الحرب ضد الولايات المتحدة وحلفائها وفي نفس الوقت محاولة نشر العملة الجديدة في الأراضي التي تتعرض للهجمات المستمرة لن تجري ببساطة. إن غداً لناظرة قريب هل سيكسب الدينار الجديد شعبية الدولار الأمريكي وهو أشد العملات في العالم تأثيراً.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق