القرصنة الإلكترونية
Pawel Kopczynsk/Reuters
الصفحة الرئيسية تحليلات

وردت معلومات مؤخرا حول هجوم إكتروني جديد على المواقع الحكومية للولايات المتحدة. هكذا تولد الأساطير والشائعات التي تقول أن الولايات المتحدة الأمريكية ضحية بريئة للقراصنة الإلكترونيين الأجانب.

من المعروف أن الأنظمة الإلكترونية وشبكة الإنترنت عموما تتطور اليوم بسرعة فائقة وتدخل إلى حياتنا اليومية حيث تصبح شبكة الإنترنت وسيلة للسيطرة الكاملة على كل شيء ابتداء من شبكات الكهرباء و حتى الرحلات الجوية. ومع ذلك قد أصبحت الولايات المتحدة مشاركا نشطا اليوم في الحروب الإلكترونية التي تشنّها ضد أقوى وأكثر البلدان نفوذا في العالم. أما الخبر الذي كانت تتحدث عنه وسائل الإعلام الرائدة العالمية حول برنامج التجسس الجديد الذي من المحتمل أنه تم إنشاؤه في الولايات المتحدة ،فهذا نوع من الإشارة الغير مباشرة إلى أن الحكومة الأمريكية كانت ولا تزال تستخدم البرامج الجاسوسية المختلفة ليس على شبكة الإنترنت فحسب، بل وخارجها أيضا.

أشار مختصون من شركة Symantec إلى أنهم اكتشفوا برنامجا جاسوسيا جديدا يدعى Regin والذي بإمكانه مراقبة العديد من الكمبيوترات وشبكات الإتصال. مستهدفو البرنامج مستخدمون عاديون يحصل البرنامج على معلومات عنهم عن طريق الإنترنت والإتصالات وعبر التقنيات الأخرى وحتى عن طريق الشركات التي تعمل في مجال السياحة والفندقة. يوفر البرنامج Regin الوصول الكامل إلى المعلومات والبيانات الخاصة بالمستخدمين وكل ما يتعلق بما يفعله المستخدم بالإضافة إلى مكالماته الهاتفية.

بكلمات أخرى تمت المراقبة بمعظم الحالات للأشخاص وليس للشركات الكبيرة والهيئات الحكومية.

وهذا يشبه بشكل ما التنصت الكامل على المكالمات الهاتفية الذي أجرته وكالة الأمن القومي الأمريكية بعد فترة قصيرة من أحداث 11 سبتمبر.

كما أفاد أحد المختصين من شركة Symantec إن هناك الكثير مما يشير إلى أن هذا البرنامج تم إنشاؤه بطلب من دولة كبيرة.منذ عام 2008 إستخدم Regin للحصول على البيانات الشخصية و بيانات النشاط اليومي في شبكة الإنترنت للعديد من المستخدمين في روسيا والمملكة العربية السعودية.

يشير المختصون الآخرون إلى المشاركة النشيطة للولايات المتحدة وبريطانيا في إنشاء هذا البرنامج الخطير انطلاقا من الدول التي تمت مراقبتها ومن أي منطقة زمنية تم تحقيق هذه الهجمات الإلكترونية. وما يؤشر إلى الأثر الأمريكي والبريطاني أيضا في هذا الشأن هو وجود روابط باللغة الإنجليزية تدل على موقع مقاهي ستارباكس وغيرها في كود البرنامج.

ويقول الخبراء من شركة Intercept عن وجود علاقة مباشرة بين برنامج Regin والحكومة الأمريكية. وتدل التقارير الصادرة من الشركة على أنه تم اكتشاف البرنامج في النظام الإلكتروني للشركة البلجيكية Belgacom التي تقدم خدمات الإتصال بشبكة الإنترنت وخدمات الإتصالات حيث راقبت وكالة الأمن القومي ومقر الإتصالات الحكومية في بريطانيا هذه الشركة كثيرا.

وعندما تظهر في وسائل الإعلام المختلفة أخبار تقول أنه تم كشف برنامج تجسس كبير مثل Regin على سبيل المثال تصبح هذه الأخبار دلالة على أن التجسس الإلكتروني والحروب الإلكترونية قد أصبحت اليوم واقعا جديدا.

تشير السيدة ليزا ماييرس الخبيرة من شركة ESET والمتخصصة في برامج الأمن الإلكتروني إلى ما يلي:

"هناك الآن تقريبا في كل دولة في العالم برامج تجسس إلكترونية التي تهدف ليس إلى السيطرة على البيانات الشخصية والمراقبة التامة لمواطنيها فحسب بل لمواطني الدول المختلفة".

.وهذا إشارة أخرى إلى أن أي أعمال نقوم بها في شبكة الإنترنت يمكن أن تؤدي إلى تداعيات وعواقب واقعية خطيرة.

:هذا ما أفاده السيد مايكل كاوتس المدير في شوؤن الأمن الإلكتروني لمنتجات شركة Shape Security :

."كل دولة لديها علم بأنها تعيش تحت المراقبة من داخل وخارج الدولة.إذا اكتشف أن برنامج Regin ينتهك حقوق الإنسان والإتفاقيات القائمة فيمكن أن تطلب بعض الدول تفسيرا رسميا بهذا الشأن".

وعلى خلفية هذه التصريحات أعلن مدير وكالة الأمن القومي الأمريكية السيد مايكل روجرس للكونغريس الأمريكي أن الدول الأجنبية قد أدرجت برامجها الخاصة في البنية التحتية للولايات المتحدة بما في ذلك شبكات المياه والكهرباء وأنظمة الوقود. وقد صرّح في كلمته الذي ألقاها السيد روجرس أمام لجنة الأمن القومي أن الهجمات الإلكترونية المتواصلة والمستمرة تكلف مئات مليارات الدولارات ويمكنها أن تضر بشكل كبير وتلحق خسائر كبيرة.

الحقيقة في أن كل دولة ذات نفوذ في العالم تشارك يوميا في الحرب الإلكترونية .وإذا تحققت توقعات السيد روجرس وسوف تشن الهجمات الإلكترونية كما يصفها روجرس فسيحدث ذلك كنتيجة للسنوات الطويلة من التجسس والسرقة والمراقبة السرية.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق