من يتحكم بالنفط
الصفحة الرئيسية تحليلات

أسر قرارالحفاظ على حصص إنتاج النفط المملكة العربية السعودية أكثر من الدول الأخرى. تحدث العديد من الخبراء أنه قريبا ستصبح الرياض مرادفا لأوبك.

إستنادا إلى النتائج الغير مؤكدة لإجتماع وزراء النفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) الإسبوع الماضي يعتقد الخبراء، مع وجود إستثناءات قليلة، أنه إذا نهاية المنظمة لم تحن بعد فإنها قريبة بالتأكيد. هذا المنطق معقول، مع الأخذ بعين الإعتبار الخلافات داخل أوبك على خفض حصص إنتاج النفط لرفع الأسعار على المدى القصير.

ولكن يصح القول أنه في المستقبل المنظور «أوبك» لن تعني سوى المملكة العربية السعودية. توافق المملكة على المستوى الحالي من الأسعار العالمية ولكن هناك إعتبارات سياسية (وربما إقتصادية) قد تمكنها من رفع الأسعار كي لا تنخفض في الأشهر المقبلة.

الأسباب التي أدت إلى الحفاظ على حصص الإنتاج عند المستويات الحالية واضحة تماماً. العديد من الدول الرائدة في المنظمة تعتقد بأنه بطريقة أو بأخرى يمكن ألا تحصل على حصص إضافية. تنتج إيران الآن أقل بكثير مما تستطيع إنتاجه (السبب الرئيسي العقوبات الغربية). العراق التي لم تحصل على حصص إضافية منذ حرب الخليج الأولى في عام 1991 تخوض حربا مع الدولة الإسلامية وتحاول إستعادة البنية التحتية النفطية التي دمرت خلال عقود من الحروب والثورات. في ليبيا عائدات النفط تذهب لدعم الفصائل المتحاربة ولا تنتج البلاد سوى جزءا صغيرا مما كانت قادرة عليه( المثير للإهتمام هو أن المجموعات المتحاربة أرادت إرسال وزراء النفط إلى فيينا إلى قمة أوبك، لكن وافق على الذهاب واحد فقط). في نيجيريا جماعة "بوكو حرام" تقوم بعملياتها الإرهابية. والقائمة تطول.

والإستنتاج هو أنه على عكس السنوات الأخيرة الآن ليس سوى عدد قليل من أعضاء أوبك يستطيعون أن تقومون بالإجراءات التي تهدد انخفاض الإيرادات.

وبالإضافة إلى ذلك هناك عدد من الشكوك المتبادلة: هل سينفذ الجار إلتزاماته؟ العديد من البلدان في المنظمة لا يمكن أن تقاوم إغراء الحفاظ على الإنتاج عند المستويات الحالية على أمل أن الآخرين سوف يقللون ذلك المستوى.

تقريبا في كل دول أوبك يفوق سعر النفط الذي يحافظ على الميزانية سعر السوق الحالي (71 دولاراً لبرميل Brent)‎. لكن المملكة العربية السعودية السعودية ليست قلقة بشأن انخفاض الأسعار إذ تمتلك تقريبا 750 ملياردولار من إحتياطيات الذهب والدين الحكومي تقريباً شبه معدوم. يدخل في الميزانية العديد من مشاريع البنية التحتية الكبيرة، ولكن عند الضررة لايصعب رفض أحد هذه المشاريع. المملكة العربية السعودية يمكن أن تقوم بالمحافظة على انخفاض الأسعار للحفاظ على حصتها في السوق في انتظار التغيرات في ديناميكية الأسعار.

هناك تفسيرات أخرى لماذا الرياض راضية عن الأسعار الحالية. بعض المحللين يبالغون في تقدير رغبة المملكة للتنافس مع النفط الصخري الأمريكي، على الرغم من أنه إذا تباطأ النمو المطرد لإنتاج النفط في الولايات المتحدة سوف تضطر المملكة العربية السعودية لزيادة طاقتها الإنتاجية وهذا أمر مكلف للغاية. ومع ذلك يمكن للحكومة إغتنام الفرصة لتعزيز موقفها في الحرب ضد «ثورة النفط الصخري» العالمية، التي بلغت سرعتها أقل مما كان متوقعاً بالفعل. الأمراء أيضاً لهم مصلحة في المشاكل الداخلية في إيران وروسيا. وأخيرا عدم فعل أي شيء أسهل من تغيير الحال والرياض تشتهر مؤخرا ببطئها في عملية صنع القرار.

ربما الشيء الأكثر أهمية هو أن المملكة العربية السعودية تتذكر ثمانينات القرن الماضي عندما قامت بخفض مستوى الإنتاج وفقدت حصة كبيرة في السوق، في حين أن أسعار النفط العالمية لم تستجب لذلك تقريباً . ربما الآن تشك الرياض في أن خفض مستوى الإنتاج سيجلب النتائج المرغوبة:

  • تُختصر حصة المملكة العربية السعودية وجميع دول أوبك في الإنتاج العالمي للنفط إلى حد كبير نتيجة لتطوير حقول جديدة في أمريكا الشمالية والجنوبية.
  • الآن لا تستطيع أوبك أن تملي الأسعار. هناك عدد من الموردين المستقلين عن سياسة التسعير في أوبك، وعند تقليل أوبك مستوى إنتاج النفط من المرجح أنهم سيزيدون حجم المعروض في السوق العالمية بدرجة كبيرة ، أي لتحقيق نفس التأثير على السعر سيتعين خفض الإنتاج حتى أكثر من ذلك.
  • تفهم الرياض أنه ليس النفط التقليدي من الأصناف الزائدة بل النفط الفاتح و النفط ذات نسبة الكبريت المنخفضة وهي الأنواع التي صدرت إلى سوق الولايات المتحدة قبل ثورة النفط الصخري.

كل المؤشرات تدل على أنه لا يجب الخوف من تخفيضات الإنتاج من قبل المملكة العربية السعودية. وبدونها لن تصدر أوبك أي قرارات. على ما يبدو ذهب وزير النفط للمملكة إلى قمة فيينا دون وجود نية لتخفيض الحصص و قد حددت هذه النية نتائج القمة.

ومع ذلك هناك سؤال مهم آخر: مل ستتخذ المملكة العربية السعودية خطوات للاحتفاظ بالأسعار منخفضة إذا استمرت نسب العرض والطلب في ممارسة ضغط هبوطي قوي على الأسعار؟

على الأغلب لا.

تعطي إحتياطيات الذهب الضخمة للمملكة العربية السعودية مجالا أوسع للمناورة الإقتصادية، ولكن هناك إعتبارات سياسية لا يمكن بسببها للرياض الترحيب بالمزيد من الانخفاض في الأسعار.

دعونا نبدأ بحقيقة أن الحكومة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار رأي مواطنيها في انخفاض الأسعار. حتى لو كان ذلك سيزيد ميزانية الربح فقد يظن الناس أن الأمراء فقدوا السيطرة على سوق النفط، والتي يمكن أن تؤدي إلى زيادة عدم الاستقرار الداخلي في بلد ذات ساحة سياسية غير واضحة.

وبالإضافة إلى ذلك، تمكنت دول الخليج من تجنب الإضطرابات التي إجتاحت الجمهوريات العربية فلقد سيطرت على الوضع عن طريق زيادة كبيرة في الإنفاق الحكومي. يجب على الرياض تقييم مدى تأثير المعدلات المنخفضة على الرأي العام، وإلى جانب ذلك هي لا تحتاج إلى أي صعوبات مالية في الدول المجاورة التي قد تتسبب بزيادة التوترات السياسية في المنطقة. يمكن لأي إضطرابات في الكويت وسلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة أن تجبر المملكة العربية السعودية على إعادة النظر في نهجها في تحديد حصص إنتاج النفط. الآن منطقة الخليج هادئة ولكن أظهرت الثورة في عام 2011 أن الأحداث الصغيرة يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة.

ونظراً لزيادة كبيرة في العرض العالمي من النفط وانخفاض مستوى طلب النفط في أوروبا وأماكن أخرى، من الضروري التهيؤ لفترة انخفاض الأسعار. حسب معلوماتنا عن العمليات الداخلية في منظمة أوبك من المعقول أن نفترض أنه لن يكون هناك قرار جماعي من جانب أوبك لتغير ديناميكيات الأسعارالعالمية. لكن يمكن أن تتكون لدى المملكة العربية وجهات نظرخاصة يصعب معرفتها للغاية.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق