من الذي يتضرر من أسعار النفط
الصفحة الرئيسية تحليلات, النفط

عندما رفضت أوبك في نوفمبرالحد من حصص الإنتاج كان أول رد فعل للمستثمرين الأمريكيين هو الابتهاج: وقود أرخص ما يعني المزيد من المال للمشتريات ونشاط استهلاكي أعلى! ألم يكن الفرح سابق لأوانه؟

من أبريل رخص برميل البنزين في الولايات المتحدة بنسبة 1 $ مما يعني زيادة بواحد في المائة في الإمكانية الشرائية للسكان. يمكن بالطبع وضع جزء من هذا "الدخل" في الحساب عوضا عن إنفاقه لبعض الوقت على الأقل. في البلدان ذات المعدل الثابت لضريبة الوقود، يكون التأثير الاقتصادي أقوى. يمكن للشركات الأمريكية المصنعة للسيارات أن تربح من ذلك أيضا: يحفز البنزين الرخيص في شراء سيارات الدفع الرباعي بأميال مقطوعة قليلة و في شراء الشاحنات الصغيرة و هو قطاع مربح جدا.

من الذي يحلو له العيش بنفط رخيص

المستفدين من رخص النفط هي الدول المستوردة للنفط بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية وغيرها من الدول الآسيوية . تستورد الصين 60% من إجمالي النفط المستهلك أي ما يعادل 9.6 مليون برميل يوميا.

يستفيد من النفط الرخيص أيضاً غيرها من مستوردي الطاقة: الهند، تركيا ودول أوروبا الغربية. البلدان التي تدعم تكلفة إنتاج الكهرباء (باكستان ومصر والهند والعديد من البلاد الأخرى) سوف تكون قادرة على الحد من الدعم. لكن بعض المكاسب ستتلاشى نظرا لضعف اليورو والعملات الأخرى إذ يتم تداول النفط بالدولار الأقوى.

غير المحظوظون هم الأقوى

لكن المخيم العكسي و هومخيم الدول التي تضررت من النفط الرخيص قد يصبح أقوى من الفائزين. في نفس اللحظة تقريبا التي بدأ فيها النفط بالرخص، بدأت شركات قطاع الوقود و الطاقة في الحد من برامج استثمار رأس المال (في الولايات المتحدة في 2013 كانت هذه الاستثمارات تعادل 0.9% من الناتج المحلي الإجمالي وهو أعلى مستوى منذ بداية الثمانينات).تراجعت أسهم شركات الخدمات النفطية بمعدل 40% من مستويات الذروة التي بلغتها.

منذ عام 2007 وجهت جنرال اليكتريك أكثر من 14 مليار دولار لشراء النفط والغاز وأعلنت من ثلاثة أشهر أن توقعاتها الأساسية لسعر برنت تساوي 100$ للبرميل تقريبا.يوافق الرئيس التنفيذي جيفري إميلت بأنه عندما يكون سعر البرميل الواحد حوالي 60 دولارا ، قد ينخفض ربح سنة 2015.

تضررت الشركات المستخرجة للنفط من المناطق الرملية في كندا، حيث ارتفع سعر البرميل في أواخر نوفمبر إلى 48$ و هذا نظرا لوجود بنية تحتية غير مطورة و يكون هذا أقل بكثير من التكلفة الإجمالية للإنتاج التي تكون حوالي 85 $.أعلنت Canadian Oil Sands و هي من أكبر المساهمين في المؤسسة المشتركة العملاقة Syncrudeالمطورة للغاز الصخري، عن خططها لخفض العائد للنصف تقريبا.

تكون الشركات المستضعفة هي شركات لنفط والغاز في أمريكا الشمالية مع عبء ديون مرتفع. يتجاوز دين عشر شركات في مؤشر Russell 3000 والتي أظهرت أسهمها أسوأ النتائج القيمة السوقية بأربع مرات (على سبيل المقارنة يساوي معدل الديون في قطاع النفط والغاز 1.2).

في السنوات الأخيرة أنتجت شركات النفط والغاز كمية كبيرة من سندات الرهن العقاري. قد تفرض الحالة المالية الصعبة على الشركات الأقل ثباتا بأن تبيع جزء من الأصول أو حتى كلها، لكن على ما يبدو، سيكون عدد المشترين قليل حتى تستقر أسعار الطاقة. يمكن للعديد من الشركات الصغيرة ذات المسؤولية المحدودة، أن تواجه صعوبات كبيرة.

ينطبق ضعف الرهن العقاري والسندات أيضا على الأصول التي لا تتعلق بالوقود و ليست في قطاع الطاقة: يبتعد المستثمرون الخائفون بعيدا عن هذه القطاعات. من حزيران 2014 سحبوا 22 مليار دولار من حيازات سندات الرهن العقاري، عندما بدؤوا يفهمون أنهم كانوا على منحنى خطر أعلى مما يجب.

وبالإضافة إلى ذلك أدت اللوائح المقدمة بعد الأزمة المالية إلى تقييد أنشطة البنوك في أسواق الأوراق المالية المرهونة. كما يحظر إعطاء القروض للشركات بعبء ديون كبير والتي كانت تعطيها البنوك في الكثير من الأحيان لتمويل معاملات الأسهم التي لم يكن لديها قائمة للشركات المقترضة للأموال وهي المسألة التي تقلق كثيرا النظام الاحتياطي الفيدرالي .

إن شركات النفط بمعايير حكم منخفضة جدا مثل فنزويلا ونيجيريا في وضع صعب جدا: فلكي تتمكن من الربح يجب أن تكون تكلفة النفط أكثر بكثير من 100$ للبرميل الواحد.

وماذا عن روسيا؟

تمثل روسيا أفضل نموذج للمصدرين المتأثرين من انخفاض أسعار النفط. وتوقع البنك المركزي حتى قبل أن يرفع المعدل من نسبة 10.5% إلى17.0% في 16 ديسمبر، أنه إذا لن يزداد سعر النفط عن60 $ للبرميل يمكن أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة تصل إلى 4.7% في العام المقبل.

أدى تراجع الروبل بنسبة 40% منذ بداية العام إلى رفع أسعار الواردات وأدى الارتفاع في أسعار الفائدة إلى زيادة تكلفة الاقتراض، مما قد ينتج عنه زيادة سرعة التضخم. في نوفمبر زاد التضخم بنسبة 9.1% عن مستواه في العام الماضي. ليس من المستغرب أن الروس يقومون بشراء مجموعة متنوعة من السلع متوقعين ارتفاعا آخرا في الأسعار.

إضافة إلى أنه بسبب الاشتباكات في أوكرانيا تم حظر استيراد السيارات الأوروبية وسلع الرفاهية وغيرها من السلع الأساسية إلى روسيا. وسوق الأسهم يتفاعل مع العقوبات.

الروس هم على استعداد لتحمل المشاق. يوافق على سياسة الرئيس فلاديمير بوتين حوالي 80% من المواطنين بشكل ثابت و لديه سيطرة هائلة على السياسة والاقتصاد.

إلا أنه يعتمد على حب الوطن واضعا كل مشاكل روسيا على "الدول الأجنبية و المضاربين". كما كتب شكسبير في مسرحيته "هنري الرابع" : شن الحرب في الأراضي الأجنبية لكي تشغل الرؤوس الساخنة.

تتشابه المشاكل الحالية قليلا مع أزمة عام 1998. عندها ومباشرة بعد بدء الأزمة المالية الآسيوية ،قامت روسيا خلال بضعة أشهر بتخفيض قيمة الروبل بنسبة أكثر من 70% و أعلنت العجز على السندات السيادية. أنشأت الحكومة الأمريكية صندوق نقد دولي لمكافحة الأزمة و تقديم الدعم المالي للديمقراطيات الشابة،

إذا لن تنهي روسيا صراعها مع أوكرانيا، فلا يجدر بها أن تعتمد على دعم الغرب. و لذلك فإن آفاق الأزمة المالية العالمية الجديدة هي أسوأ مما كانت في أواخرالتسعينات.

وجهات النظر العالمية

لقد تطلبت الصدمات الاقتصادية لاستعادة الاتصال الذي فقد بين أسهم السوق النامية (بفضل سخاء الدول) والأسهم المعانية بسبب الاقتصاد. منذ أزمة 2008، قدمت البنوك المركزية موارد بأسعارمنخفضة للأفراد والشركات والدول. بسبب الهبوط الحاد في أسعار النفط والسلع الأخرى دفع القروض يصبح أكثر صعوبة: يختمر الانكماش في جميع أنحاء العالم وتضعف جميع العملات تقريبا أمام الدولار.

لقد ارتفعت سوق الأسهم الأمريكية، لكنها يمكن أن تتأثر بالانخفاض في أسعار النفط والغاز أيضا. يمكن للمخاطر المالية في هذه الحالة أن تفوق الأرباح بالنسبة للمستهلكين.

إذا تطورت أزمة مالية واسعة النطاق التي سوف يصحبها الركود العالمي فسيفضل المستثمرون الاستراتيجيات الخالية من المخاطر على المحفوفة بالمخاطر. في هذا السيناريو من المحتمل تدفق الأموال إلى سندات الخزانة الأمريكية والدولار مع العواقب السلبية على الأسهم والسلع.

ومن المثير للاهتمام أن معظم ما وصف يحدث بالفعل. تنمو سندات الحكومة الأمريكية مع تدفق الموارد الأمريكية و موارد المستثمرين الأجانب: والعائدات قد تعدت السجلات القياسية السابقة لعام 2014. يقف الدولار ثابتا أمام الين و اليورو، الذان يبقان عمدا في مستويات منخفضة ، وكذلك أمام عملات الدول التي تصدر المواد الخام مثل أستراليا، نيوزيلندا، كندا وروسيا. تنخفض أسعار جميع السلع، بدءا من النفط والنحاس وإنتهاء بالسكر.

وأسهم الشركة هي الوحيدة التي تقاوم الضغط الهبوطي ، إلا أنها قد لا تصمد إذا استمرت أسعار النفط بالانخفاض.

اقرأ أيضا:
الرجاء وصف الخطأ
إغلاق