أسواق النفط ونظرية الألعاب
الصفحة الرئيسية تحليلات

إذا كانت الولايات الأمريكية المتحدة هي الملامة في فائض النفط العالمي الذي أدى إلى خفض الأسعار في العالم، فلماذا لا نقوم بإغلاق صنبور شركات النفط الأميركية ببساطة؟

يمكن أن يوضح الجواب إلى حد كبير من خلال نظرية الألعاب البسيطة.باختصارعلى الرغم من أن خفض الإنتاج هو المصلحة المشتركة لمنتجي النفط، تكون مصالح أي واحد منهم فرديا عكس ذلك تماما. كل منهم في إنتظار أن يتخذ خصمه الخطوة الأولى.

إن هذا السلوك وهو الأمل في أن شخصا ما سوف يفسح الطريق، حتى لا تضطر أنت بفعل ذلك، هو مثال كلاسيكي ل"معضلة السجين"، يقول روجر ماكين أستاذ في كلية الإقتصاد في جامعة دريكسيل :

"إذا كنتم لا تستطيعون العمل معا، فهناك بديل واحد فقط المضي قدما بالتفكير بالمصلحة الخاصة وإتخاذ القرارات على أساس أناني عقلاني ".

يحظر القانون الأمريكي على الشركات أن تعمل معا للتأثير على الأسعار ولذلك تكون ردة الفعل المنظمة لصناع النفط تقريبا مستحيلة، كما يقول الخبراء. يقول فريد يولاندر رئيس الشركة الدنفرية Julander Energy العاملة في مجال النفط منذ أكثر من 40 عاما:

"إذا كان هناك وقت مناسب للتعاون فهو الآن. ولكنني لا أرى حدوث أي شيء من هذا القبيل".

لقد ارتفع إنتاج النفط في الولايات المتحدة بنسبة 1.1 مليون برميل يوميا خلال العام الماضي فقط والآن هو أكثر من 9.1 مليون برميل يومياً ، ليس هناك مؤشرات على التباطؤ. تظهر البيانات الفيديرالية أنه في أواخر نوفمبر ستضخ شركات النفط الأمريكية 641 ألف برميل في اليوم الواحد، أكثر من الحجم في نهاية يونيو عندما كانت أسعار النفط في ذروتها.

يختلف التقييم في حجم فائض منتج النفط حول العالم من المرتفع الذي يصل إلى 1.4 مليون برميل يوميا بتقييم Barclays Plc إلى المنخفض و يصل إلى 600 ألف برميل يوميا وفقا لكريس لافاكيسا، كبير الاقتصاديين في وكالة Moody ’s Analytics .و يقول:

" إن الطلب المتزايد على النفط، غير قادر على استيعاب الفائض ورفع الأسعار، يجب أن تحدث التعديلات الرئيسية من خلال الحد من العرض".

خلال ما يقرب من ثلاثة عقود عندما كانت أسعار النفط ترتفع جدا أو تنخفض جدا، قامت المملكة العربية السعودية بتنظيم الإنتاج لتحقيق الإستقرار في السوق. و تدعي أنها لن تقوم بعد الآن بأخذ دور ما يسمى ب "المصنع التعويضي" للعالم كله. روسيا التي هي وسط أزمة اقتصادية بسبب الانخفاض في أسعار النفط، لا تستطيع أن تأخذ هذه المهمة على عاتقها وغيرها من البلدان المنتجة للنفط تجتمع على رأي مفاده أن الولايات المتحدة التي تسببت في المشكلة هي التي يجب أن تصلحها.

ولكن بالنسبة للولايات المتحدة سيتطلب تخفيض إنتاج النفط إلى مليون برميل في اليوم تحولا غير مسبوق في الاقتصاد. إذا تم الحد من التوزيع بالتساوي فستضطر كل شركة في الولايات المتحدة إلى خفض الإنتاج بنسبة 11%. أو على سبيل المثال، ExxonMobil، Chevron و EOG Resources Inc ستضطر إلى تقليص الإنتاج في الولايات المتحدة.

يقول جيم بوركهارد نائب رئيس أبحاث السوق العالمية للنفط في شركة IHS :

"كان يمكن لعشرات الشركات الأمريكية الصغيرة أن تغطي جميع آبار النفط في وقت واحد دون التسبب في أضرار كبيرة للإقتصاد. ولكن من الواضح أنها لن تفعل ذلك بينما تحصل على أي تمويل حتى لو كان قليلا."

قالت بعض شركات أمريكا الشمالية، أنها تخطط في العام المقبل لخفض التكاليف والحد من الاستكشافات لحقول النفط الجديدة. ولكنها في نفس الوقت تقول أن إنتاجها للنفط سوف ينمو. أعلنت Continental Resources Inc، أكبر منتج للنفط الخام في شمال داكوتا أوكلاهوما هذا الأسبوع عن التخفيض في الإنفاق في العام المقبل بنسبة 41%. إلا أنه من المتوقع أن يزيد الإنتاج السنوي للنفط والغاز الطبيعي ب16-20%.

تنتظر الشركات الأخرى بداية السنة الجديدة و ليست في عجلة من أمرها للكشف عن خططها. ذكر سابقا تيم داف الرئيس والمدير التنفيذي Pioneer Natural Resources Co، أنه في هذا الشهر لم تنشر الشركة أي خطط عن الإنتاج والتكاليف لعام 2015 و من المحتمل أنها لن تفعل ذلك حتى فبراير:

"بدلا من الحد في الحفر سنحاول تحقيق خفض أسعار جميع الموردين."

إن الحد في إنتاج النفط هي خطوة خطرة للشركات التي قد تفقد حصتها في السوق، ناهيك عن السيولة النقدية التي تحتاجها لسداد الديون ولحفر آبار جديدة.

يقول المحلل دانيال كاتسينبرغ في Robert W. Baird & Co :

"إذا قامت الشركات الآن بالتخلي عن المنصات و أطقم الحفر فإنها تخاطر بأن تصبح غير قادرة على المنافسة عندما يتحسن وضع أسعار النفط. فمن المنطقي أنها تريد أن تبقي الأسعار لأطول وقت ممكن".

يقوم المحلل إريك أوتو في CLSA Americas LLC، فرع شركة هونغ كونغ المصدرة في أمريكا الشمالية، بتحديد الوضع بمساعدة النظرية التي تسمى "بالمأساة المشتركة". إنها تصف حالة كل من لديه حق الوصول إلى المراعي، يحاول أن يرعى عليها أكثر عدد ممكن من الماشية وعلى الرغم من أن هذا الحل يبدو رشيدا، فإنه يؤدي إلى موت المراعي بسبب الإستخدام المفرط. يقول أوتو أن شركات النفط الأمريكية بكميات كبيرة من الديون، بميزانيات مضخمة وبسيولة منخفضة، قد علقت في لعبة البقاء على قيد الحياة، و يناضل كل منها على أن يكون الأخير في خفض الإنتاج.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق