بسبب التغيرات الدورية في الضريبة على الدخل يتساءل الاقتصاديون دائما هل من المحتمل أن الإنسان يمكنه التوقف عن العمل إطلاقا في حالة إذا كانت الضرائب عالية للغاية؟ اقرؤوا في هذه المقالة عن مدى صحة هذه المخاوف.
حذّر السيد غريغوري مانكيو الخبير الاقتصادي من جامعة هارفارد في مقاله في New York Times في عام 2010 من أن الناس سوف يتوقفون عن العمل إذا وصلت قيمة الضرائب إلى مستوى غير مقبول. هذا ما يكتبه السيد مانكيو في هذا الصدد:
"دعونا نتصور فقط إذا حصلت على اقتراح عمل إضافي الذي يمكنك الكسب منه 10 آلاف دولار بدون ضرائب حيث إذا أضافنا كل الضرائب فيبقى من هذا المبلغ ألف دولار فقط. يعني ذلك أن العبء الضرييي الكلي يصل إلى 90 %. وليس من المدهش أنني مضطر أن أرفض معظم اقتراحات العمل الإضافية التي أحصل عليها في بعض الأحيان".
في الحقيقة يجب القول أن السيد مانكيوعلى حق في فكرته الرئيسية أن الضرائب تقلل من حافز الإنسان للعمل ولكن إذا لم تكن هناك أي ضرائب أليس من الصحيح أن الربح كان أقل بكثير في هذه الحالة؟
السيد مانكيو هو خبير معروف في عالم الاقتصاد ومؤلف الكتاب الدراسي في الاقتصاد للناشئين. لا شك في أن الضرائب لا يمكن أن تشجع رغبة الإنسان في العمل، الضرائب هي التي ترفع سعر السلعة للمشتري وهي التي تقلل من ربح البائع ويعني ذلك أن المشتري يشتري أقل والبائع يبيع أقل.
وكما هو الحال في أي مسألة اقتصادية، فإن الأهمية ترجع إلى المستوى، فمستوى الضرائب هو أهم شيء في ذلك.
من الممكن أن نفترض أن الضرائب غير المرتفعة لا تقلل كثيرا من رغبة الإنسان في العمل.
- أولا يرتبط العمل الإضافي بضغط العمل بشكل ما. وليس من المعقول بأن الكثير يمكنهم التوقف عن العمل بسبب الضرائب.
- ثانيا يصبح الإنسان أكثر فقرا بعد دفعه للضرائب ويضطر إلى العمل أكثر. وكما يظنا خبيرا الاقتصاد السيد ماتيو شابيرو ومايلز كيمبال من جامعة ميتشيغان الأمريكية، أن هذا المبدأ يرتبط ارتبطا وثيقا مع المبدأ المذكور أعلاه، لكن إذا عمل الإنسان أقل بسبب الضرائب المرتفعة يستفيد أكثر من وقت الفراغ. فالإجازة جيدة بطبيعة الحال، وسوف يستمتع بوقت فراغه بصورة أفضل.
وهناك الكثير من الأدلة المباشرة وغير المباشرة على أن الضرائب لا تؤثر سلبا على حجم العمل. مثلا كما كتب السيد نيل إيرفين في Upshot على موقع New York Times نسبة السكان العاملين في الدول ذات العبء الضريبي المرتفع جدا وإعانات البطالة العالية مرتفعة جدا أيضا. هذا ما يقوله في هذا السياق:
"يبدو أنه ليس هناك أي هدف للعمل إذا يمكن الإنسان أن يحصل على إعانة بطالة عالية دون أن يفعل شيء. ومع ذلك نسبة السكان العاملين في دول الشمال الأوروبي من أعلى المستويات في العالم بأكمله بالرغم من وجود العبء الضريبي المرتفع وإعانات البطالة المرتفعة أيضا. وفي الولايات المتحدة حيث تعتبر الضرائب وإعانات البطالة منخفضة نسبيا ليس هناك نسبة عالية جداً من السكان العاملين".
وإذا نظرنا إلى معطيات الإحصائيات الرسمية في الولايات المتحدة نلاحظ، أن الإنسان لم يعمل أكثر مما تعود عليه في فترات التخفيض الضريبي.
لا تشير هذه الوقائع إلى أن ضغط العبء الضريبي على سوق العمل منخفضة ولكنها تعتمد على مؤشرات الاقتصاد الرئيسية. وكل مرة عندما يحاول الخبراء الاقتصاديون تحديد مدى تأثير العبء الضريبي على رغبة الإنسان في العمل يصلون إلى الاسنتنتاج أن مدى هذا التأثير محدود.
ويبدو أن مستوى العبء الضريبي المنتشر في دول المنطقة الأوروبية لا يؤثر إيجابيا على سوق العمل. طبعا لا يزال المبدأ الضريبي موضوعا حساسا جدا وإذا تم رفع الضرائب إلى نسبة 100% فلن يعمل أحد على الإطلاق. ولكن في ظل الظروف الحالية لن يجبر ارتفاع مستوى الضرائب بنسبة 3 % أحد على أن يترك عمله.
إذا أخذنا كل ذلك بعين الاعتبار لماذا مانكيو والاقتصاديون الآخرون يكتبون كثيرا عن خطر محتمل للعبء الضريبي المرتفع على طبقات المجتمع، ذات مستوى الدخل المرتفع جداً؟ يكمن السبب هنا هو في أنهم ضد هذا الشيء تماما. ولدى السيد مانكيو مقال خاص يتحدث فيه عن عدم وجود العدالة في نظام الضرائب التصاعدية. ولكن لا يجوز الخلط بين الموقف الأخلاقي والحقائق.