جيمي كارتر: ليس هناك حاجة للعقوبات
الصفحة الرئيسية تحليلات

يبدأ المجتمع بطرح المزيد و المزيد من الأسئلة حول فعالية العقوبات الدولية التي أصبحت الأداة الرئيسية للسياسية الجغرافية. شاركنا الرئيس الأمريكي ال 39 جيمي كارتر والذي كان رئيسا من عام 1977 إلى عام 1981 رأيه بخصوص ممارسة الحصار الاقتصادي . لماذا الفائز بجائزة نوبل للسلام ضد العقوبات؟

تتهم الولايات المتحدة كوريا الشمالية بهجوم القرصنة المنظم على Sony Pictures Entertainment و تستعد للانتقام. أول ما يتبادر إلى الذهن هو فرض عقوبات أكثر صرامة. خلال سفري إلى البلاد الواقعة تحت عقوبات رأيت بأم عيني كيف يسبب الحصارالاقتصادي الضرر للأشخاص العاديين الذين يعانون من الطاغية والذين ليس لهم أي علاقة بالسياسة.

إن العقوبات الموجهة ضد البلدان ذات النظام السياسي الذي لا تقبله بلاد الغرب لا تؤدي عادة إلى النتيجة المرجوة وغالبا ما ينتج عنها تأثير معاكس. ينخدع الكوبيون بالدعاية الحكومية ويعتقدون أن الولايات الأمريكية المتحدة هي الملامة في كل المشاكل وأن الدولة الشيوعية تفعل كل شيء من أجل حماية المواطنين (وهذا لصالح الحكومة). لقد زرت مساكن الأخوين كاسترو وأستطيع أن أقول أن الحصارالمفروض لم يؤثر عليهم إطلاقا. لا يملك الكوبيون العاديون رواتب جيدة، هواتف محمولة، إنترنت ولا حتى أبسط الحقوق المدنية ولكن لديهم مناخ لطيف، تربة خصبة و نظامي تعليم وطب جيدين. وبالإضافة إلى ذلك يرسل الكوبيون القاطنون في الولايات المتحدة المال إلى الأقارب والأصدقاء الباقين في الجزيرة (يبلغ إجماله حوالي 2 مليار دولار سنويا).

الوضع في كوريا الشمالية أكثر تعقيدا. فرضت الولايات المتحدة على كوريا الشمالية حظرا منذ 64 عاما أي بعد الحرب الكورية وتفعل كل شيء ممكن لخنق اقتصاد البلاد. لقد تحدثت في بيونغ يانغ مع المسؤولين وقادة الحركة النسائية. اتفقوا جميهم على مدى صعوبة الأمر بالنسبة لعامة الناس. فهم يتضورون جوعا. وحسب الأمم المتحدة من أجل الحفاظ على الحياة يحتاج كل شخص على الاقل إلى 600 غرام من الأرز في اليوم الواحد. المعدل اليومي في كوريا الشمالية 128 جرام. صرحت لجنة الكونغرس الأمريكي التي زارت كوريا الشمالية في عام 1998 أنه يموت من الجوع في البلاد 300-800 ألف شخص سنويا.

في عام 2001 قام مركز كارتر بتنظيم زيارة لمزارعي كوريا الشمالية إلى المكسيك للتبادل بخبراتهم في زراعة الحبوب والخضروات. خلال فترة الوفاق الوجيزة في العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية في أواخر عام 1990 ، استوردت كوريا الشمالية 695 ألف طن من الحبوب. لقد انخفص العرض بشكل كبير خلال رئاسة جورج بوش وتوقف تماما خلال رئاسة باراك أوباما. قيل لي في وزارة خارجية الولايات المتحدة أن المشكلة في كوريا الشمالية إذ تنفي الحكومة بشكل قاطع حق أمريكا في الإشراف على أماكن توزيع هذه المساعدات.

عدت مجددا في 2011 إلى كوريا الشمالية مع رئيس فنلندا السابق مآرتيي أهتيساري ورئيس أيرلندا السابق ماري روبنسون ورئيسة النرويج السابقة غرو برونتلان (لقد كانت طبيبة والآن ترأس منظمة الصحة العالمية). توقفنا أولا في بكين للمشاركة في مؤتمر مع المسؤولين الصينيين من برنامج الغذاء العالمي الذين أبلغونا أنه لم يكن هناك قيود مفروضة على الإمدادات الغذائية للعائلات في كوريا الشمالية. و قاموا بمرافقتنا في رحلة إلى المناطق الريفية من كوريا الشمالية. تلقينا شهادة رسمية من السلطات الكورية الشمالية بأنه يمكن للولايات المتحدة ولغيرها من الدول تقديم المساعدات الإنسانية ورصد جميع مراحل الإمدادات الغذائية. لقد أبلغت الحكومة الأمريكية أن ثلث أطفال كوريا الشمالية يعانون من سوء التغذية (يحصلون على 700-1400 سعرة حرارية يوميا بينما المعدل في الولايات المتحدة الأمريكية هو2000-2500 من السعرات الحرارية). لكن الحكومة لم تستجب لذلك.

إن الأنطمة الديكتاتورية هي الشر. ولكن العقوبات لا تضر الطغاة، بل تضر الناس العاديين.

من المرجح أن ينتفض المواطنون الغاضبون من الجوع ضد النظام وسيتم سجنهم أو إعدامهم. في كوبا وكوريا الشمالية تعيش النخبة الحاكمة بسعادة دائمة وبذلك لا تنسى أن تلقي اللوم باستمرارعلى الولايات المتحدة. يكمن معنى الحياة للديكتاتور في الحفاظ على السلطة. ولهذا يقوم بأي شيء من أجل وضع نفسه في دور منقذ الأمة.

إذا كان من الضروري تطبيق الضغط على النظام دون اللجوء إلى العمل العسكري فيجب القيام بذلك عن طريق حد الرحلات الدولية، تجميد الحسابات المصرفية و من خلال عدد من التدابير المماثلة التي تستهدف، أنا أشدد،: المسؤولين و ليس الناس العاديين ولا تستهدف اقتصاد الدولة الذي يؤثر مباشرة على حياة الناس العاديين.

المصدر:Washingtonpost

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق