أوبك ضد النفط الصخري
الصفحة الرئيسية تحليلات

لقد انخفضت أسعار النفط إلى أقل من 50 دولارا للبرميل. ربما هذا ليس من صالح السعودية من حيث الاقتصاد الداخلي. ولكن في حالة الحرب مع النفط الصخري الأمريكي يمكن لهذا السعر أن يكون صفقة جيدة.

الماضي

ما أن قام شخص ما في أواخر القرن التاسع عشر بفتح حقل نفط جديد في الولايات المتحدة، خلال بضعة أيام جاءه رجال من Standard Oilمقترحين بأن يبنوا فرعا من الحقل الجديد إلى شبكتهم الأنبوبية.

و إذا قلنا بشكل أدق، لم يقترحوا بل قدموا عرضا لا يمكن أن يرفض. استطاع دانيال أوديي رئيس Standard Oil بأن يكون مقنعا جدا. إذا رفضت بنقل النفط عبر خط الأنابيب من بناء شركة مصفية للنفط أو محطات وقود فسوف تقوم Standard Oil بإلقائك خارج السوق أو ببساطة ستقوم بشراء عملك.

بعد مرورعقود، قال جون ديفيسون روكفلر رئيسStandard Oil:

"من جهتنا كان ذلك دفاعا عن النفس. سيطر الارتباك على صناعة النفط وتدهورت الحالة كل يوم . كان يجب على شخص ما بأن يستعيد النظام".

عرض هذا البيان في دراسة ممتازة لسيرة روكفلر "العملاق" من تأليف رون تشيرنوو.

كان جون د. روكفلر يعتقد أن المنافسة في مجال النفط هي شيء غير مقبول. تهدر الموارد عبثا و يكون للجهود تأثير عكسي ما قد يؤدي إلى انتفاخ وانفجار فقاعات ضخمة. لقد انتهى احتكار روكفلر عندما وجد نفطا بعيدا جدا عن أراضي ممتلكاته الخاصة في أوهايو، وفي عام 1911 قررت المحكمة تقسيم شركة Standard Oil إلى34 شركة. لكنه لم تتلاشى رغبة الصناعة الثقيلة الرائدة في السيطرة على كل شيء وكل شخص "بوضع النظام".

بعد أن تم تقسيم Standard Oil وأصبح الشرق الأوسط مركزا عالميا في إنتاج النفط، كانت "الأخوات السبع" وهي عمالقة في مجال النفط، ولدت ثلاث منها من Standard Oil، تسيطر معا على 85% من احتياطي النفط العالمي ومن وقت لآخر تشارك في المؤامرة التي تهدف إلى السيطرة على أسواق النفط.

و كان الرد على هذا هو إنشاء منظمة للبلاد المنتجة للنفط و هي أوبك. بدأ أعضاء أوبك بتأميم حقول النفط على أراضيهم. بعد الحظر على صادرات النفط من الخليج العربي في عام 1973 قررت أوبك بوضع قواعدها الخاصة لللعبة.

الحاضر

هي لا تزال تحاول بأن تفعل ذلك. يسعى علي النعيمي، الوزير الدائم للنفط السعودي، إلى أن يأخذ دور جون د. روكفلر. وفقا لبلومبرغ أوضح النعيمي ومعاونيه في الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة مؤخرا، أنهم ينوون بسحق المبتدئين المستقلين في سوق النفط الذين تجرؤوا على التنافس مع أوبك ومع الأسعار المنخفضة لآخر ستة أشهر.

هؤلاء المنافسين الوقحين، هي الشركات الأمريكية التي تقوم بالحفر الاستكشافي وتستخرج بالفعل كميات ضخمة من النفط والغاز من المكامن التي كان يعتبر تطويرها سابقا غير مربح. السخرية في الموضوع هو أن التطوير النشط لحقول النفط الصخري يقع على مقربة من ودائع بنسلفانيا التي بدأت منها Standard Oil. ومن الغريب أيضا أن النعيمي يبدو جيدا في دور روكفلر، لقد تخرج من جامعة ليهاي في ولاية بنسلفانيا وكان رئيس شركة "أرامكو" السعودية وهي خليفة ل Standard Oil في الشرق الأوسط.

لكن لا يمتلك النعيمي تأثيرا بقوة التأثير الذي كان لدى روكفلر. لا يمكنه إرسال رجال أقوياء إلى بنسيلفانيا أو تكساس أو داكوتا الشمالية. ولا يستطيع شراء أعمال النفط الصخري. و لذلك تسعى المملكة العربية السعودية ومعاونيها في العالم العربي إلى خفض أسعار النفط لكي تجعل تطوير النفط الصخري غير مربح. وهذا قد يعمل فإن التكسير الهيدروليكي هو تكنولوجيا باهظة الثمن. عندما يستخرج النفط من خلال الطرق التقليدية، يكلف هذا القليل ويمكن الاستمرار في التعدين حتى عندما تنحفض أسعار النفط.

وفقا لحسابات Bloomberg New Energy Finance نقطة التعادل لكل حقول النفط الصخري في الولايات المتحدة، هي أعلى من ذلك بكثير حوالي 50 دولارا للبرميل (في 12 يناير عام2015 في بورصة نيويورك التجارية كان مزيج الخام المتداول WTI بسعر 46.07 دولار).

إذا (وعندما) ستستطيع أوبك أن تسحق النفط الصخري، عندها ستستطيع المملكة العربية السعودية وحلفاؤها أن يحدوا من إنتاجهم وسيستعاد عندها النظام في عالم النفط وسترتفع الأسعار مرة أخرى. طبعا إذا ارتفعت أسعار النفط فسوف يستأنف إنتاج النفط الصخري ولكن ليس بين عشية وضحاها. سيكون المستثمرون الذين يتذكرون التقلبات أكثر حذرا. ومن الجدير أن نذكر بأنه بينما يقف عمالقة صناعة النفط مثل اكسون موبيل و شيفرون ("أطفال" Standard Oil)‎جانبا، مراقبين ازدهار النفط الصخري إذا سقطت أعمال الحفارات بشكل كبير في الأسعار، فسوف يكونون قادرين على شرائها بشكل مربح. ربما سيرحب النعيمي بذلك. إنه من الأسهل بكثير أن يعمل في سوق حضاري تهيمن عليه عدد قليل من الشركات الثقيلة، من أن يتفاوض مع مجموعة من الشركات الصغيرة التي تكون كل منها مستقلة ذاتيا.

وربما سيكون سوق النفط الأكثر حضارة وتنظيما لصالح مستهلكي النفط والمنتجات النفطية. إن التنبؤ في سوق الطاقة له أهمية كبيرة. لكن تصرفات أوبك لم يكن أبدا متنبأ بها ولم تستطع المؤسسة بأن تبقي الأسعار مستقرة. تقوم الدول التي ليست أعضاء في الكارتل بفتح حقول جديدة في بحر الشمال في ألاسكا و الآن حقول التشكيلات الصخرية في وسط الولايات المتحدة الأمريكية. إن هذه هي منافسة حادة لمنظمة أوبك، وتتسبب دورات الصعود والهبوط التي لا مفر منها في الاقتصاد العالمي منذ أوائل السبعينات إما في الهبوط الحاد في أسعار النفط أو في ارتفاعها المطرد. مهما كان ستحاول السعودية و معاونيها في منطمة"أوبك" بأن يسيطروا على سوق النفط العالمي. إنه حلم جميع أقطاب النفط.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق