نعمل باستمرار على البحث في الإنترنت عن الأسئلة و النقاشات المثيرة و نعرض عليك الأكثر إثارة منها. اليوم سوف نواصل الحديث حول ما يجب القيام به إذا كنت قد أدركت فجأة بأنك تقوم بالشيء الذي لا ترغبه و حول كيفية فهم ما هو الشيء الذي تريده حقا. شرح مارك أيخينلاوب، الفيزيائي، خريج الدراسات العليا من جامعة جونز هوبكنز للبحث ، السبب في أنه ليس بهذه البساطة.
كتب ستيفن كولبير في كتابه "أنا -أمريكا" -I Am America, And So Can You!- :
"كيف نفهم الكون في خطوتين:
- تذكر أن الله قد خلق الكون و الأرض منذ ستة آلاف سنة
- كرر ذلك إذا لزم الأمر
وهو أسهل بكثير من البحث عن أدلة ملموسة للانفجار الكبير الذي قد حدث كما يقولون، من 14 مليار سنة. إن 14 مليار سنة هي فترة طويلة جدا جدا. ومن الأرجح أن الله قد لم يخلقنا حتى نضيع وقتنا في محاولة تخيل شيئا لم يحدث لمدة 14 مليار سنة. على سبيل المثال الكعكات( هل تحبها؟).لا تحاول حتى".
لنفترض أنك أكثر ذكاءا من ستيفن كولبير. إذا طلبت منك بأن تتخيل 14 مليار كعكة، فسوف تقول: "نعم، أنا أفعل ذلك حقا!". اسمح لي بأن أحاول أن أشرح لماذا تكمن القدرة العالمية على استيعاب مفهوم ال 14 مليار كعكة ، في حقيقة أنك لا تعرف ما الذي تفعله بحياتك.
إذا، أنت تقول بأنه يمكنك أن تتخيل 14 مليار كعكة؟ اسمح لي بأن أشك في ذلك. لربما كنت تتخيل كعكتين لكل شخص من سكان الأرض. أطلب منك أن تتخيل كعكة واحدة لكل شخص على كوكب الأرض. وتجاوبني:"لا مشكلة!".
أنت تقوم بتخيل خريطة العالم أو شارع مزدحم حيث يعبر أشخاص من جنسيات مختلفة. إن ذلك ليس بمهم جدا. المهم هو أن عقلك يبني فكرة مبسطة ومحددة أكثر "كل فرد من سكان الأرض".
أنا أعرف ذلك من نفسي و استمر بالتعجب: لا أستطيع تخيل المليارات من الكعكات ولكنني أعتقد أنه يمكننني ذلك. إن أذهاننا قادرة على بناء تجريدات معقدة بشكل لا يصدق و في بعض الأحيان يمكننا حتى أن نتحكم في هذه العملية. هكذا وصلنا إلى المشكلة بحد ذاتها.
ماذا أريد من الحياة ؟
اسأل نفسك هذا السؤال لأقل من ثانية. فكر فيه لبضع دقائق. إذا قد توفي هامستري للتو، وأنا مستاء، يمكن للتفكير أن يكون أطول. في أي حال، إن عملية التأني عبارة عن عدة مليارات من الثواني. ولا أستطيع تخيل كلا منها. يتشوه نموذج "الحياة المتبقية": فأنا لا شعوريا و لا شعوريا فقط أجعلها مثالية، متجانسة و أحاول بأن أحددها ضمن مفاهيمي.
وأنا لست الوحيد الذي يفعل ذلك. كل الناس يميلون إلى المبالغة في تخيل أنفسهم المستقبليين.
في عام 2006 عرضت Netflix مليون دولارا لمن سيحسن خوارزميتها لاختيار الأفلام الأكثر شعبية التي قد ظهرت على الشاشة للتو (استبيانات). سعت الشركة إلى تحسين نظام التوصيات. في عام 2009 تم منح الجائزة ولكن Netflix لم تستخدم الخوارزمية المحسنة .
خلال المنافسة تغير نموذج عمل Netflix. في عام 2006 كان المستخدمين يقومون بطلب الأفلام التي يريدون مشاهدتها بعد بضعة أيام من إتمام الطلب:
"أنا أفهم في الأفلام وأعرف ما الذي أريده. أريد بعد بضعة أيام أن أشاهد هذا الفيلم المثير،الفكري والمشهور. وأنتظره بفارغ الصبر".
بحلول عام 2009 أصبح من الواضح أن الغالبية العظمى من عملاء Netflix قد اتجهوا إلى الإنترنت:
"بالطبع، أنني أفهم في هذه الأشياء ولكنني إنسان كثير الأشغال و أنا الآن متعب و أريد فقط أن ألقي نظرة على الفيلم الجديد من قبل ستيف كاريلا و غدا سأشاهد أحد أفلام إنغريد بيرغمان".
لقد كان تغيير الأنماط السلوكية قويا بحيث أصبحت خوارزمية علم 2006 قديمة،خلال ثلاث سنوات.
وهلم جرا. سأشاهد فيلم"أغيري، غضب الله" في نهاية الأسبوع، إنما الليلة فأريد فيلما بسيطا مع جاكي تشان. نعم، أنا أعرف بأن الخضار و الحبوب الكاملة هي الأفضل. ولكن اليوم، أريد أن آكل البيتزا وأشرب البيرة. سوف أشاهد"يوليسيس" غدا... أو بعد غد...أما الآن فأنا متعب و سأشاهد فيلم مغامرات . غدا هو يوم جديد. أما الآن، فإلى النوم.
كلما قمت بالتأني في المستقبل، قمت بأخذ القلم و كتابة ما يجب القيام به. تبدأ القائمة بالشؤون الهامة والعاجلة: الذهاب إلى الدورات، الذهاب إلى البنك إكمال قراءة المقالة، مراجعة الوظيفة ، القيام ب 30 تمرين ضغط. نعم، ومراجعة هذا أيضا... ولكن عندما تصبح القائمة طويلة بما يكفي لملء شؤون اليوم، تبقى دائما في رأسي بعض الأفكار الإضافية ولذلك فأنا أكتبها أيضا. وخلال قيامي بذلك، تتبادر إلى ذهني بعض الأمورالأخرى و قبل أن أدرك ذلك، تزخر القائمة بعناصر مثل "دراسة نظرية الحقل الكمي" أو "هزيمة إمبراطورية الشر". على الرغم من أن قائمتي هي دائما ضمن نفس الفترة الزمنية ، فأنا لا أضمن أبدا عناصر مثل "شراء الحنطة السوداء" المكررة ألفي مرة. وعلى ما يبدو إن رأيي الشخصي عن مستقبلي ،لا يحتوي على أي شيء عدا المثاليات المطلقة والتطلعات الكبيرة. أتخلص من كل شيء حياتي و أبقي الأشياء العميقة وذات المغزى فقط. كما لو كنت أنوي العيش في رواية أين راند.
لذلك كلما قمت بالتفكير في المستقبل لست قادرا على الحصول عليه. لو أن كان الأمر في ذلك فقط ،بل أنا أدرك أيضا مدى إخطائي. أنا لا أسيطر على عقلي ولكنه توجد لدي باستمرار مشاكل جديدة. أنا مهووس بالوجود المثالي المجرد الذي قد خلقته بنفسي.
هل مررت بحالات عندما كنت تفكر: "عندما سأحصل على وظيفة جيدة ، وقتها سيتحسن كل شيء"؟ وليس بالضرورة عن العمل، إن الأمر الحاسم هو نقطة التكرار. أنت تنتقل إلى منزل آخر، تنهي دراستك، تقع في الحب، تصارع الإدمان، تنهي مشروع الإكتتاب بنجاح ... يجب فعل كل هذا و عندها كل شيء سيتحسن.
ليست الأمر كذلك و إن نظرية "وعاشوا سعداء طويلا" لا تعمل. أنا لا أقول أنه لا يوجد سعادة في الحياة، بل أعني أن السعادة ليست ب"طويلة " و لن تكون الحياة كلها "سعيدة". إن عقولنا غير قادرة على تحمل جميع الخيارات المستقبلية، و لذلك فهي تقوم بتخفيضها إلى أشكال الفكر البسيط مثل "دعونا نكون معا حتى يفرقنا الموت ". إن أشكال الفكر هذه هي عديمة الجدوى و حتى ضارة ، كأنك لو وجدت نفسك في الظلام، بدأت بمحاولة إيجاد شيء من على الرف في المرآب. إن هذا هو الحل الأوضح ولكنه بالتأكيد ليس بالأفضل.
في نهاية المطاف، كلنا نعثر على ما كنا نبحث عنه و من ثم ندرك أنه مختلف عما تخيلناه.
وعادة ما نتعامل مغ المسائل الكبيرة ببطء وبحذر و نبحث عن الإجابات في الأمثال، المرثيات، الرموز، المفارقات وفي علامات الاقتباس. و كلما كانت أقصر، كلما كانت أكثر حكمة ، أليس كذلك؟. إن الأمر هو عكس ذلك. فعليك أن تحذر من الجمل القصيرة والتي ظاهريا يكون فيها المنطق أكثر من الرموز. و من المرجح أن تكون النصيحة غير مجدية.
لا يمكنك أن تسترشد بالأقوال الحكيمة فقط و لكنني للأسف لا أستطيع أن أعطيك مشورة أكثر تحديدا. وسرعان ما أقول بوضوح أن هذا الشيء سوف يحل مشكلتك، سيرتفع الاحتمال بأنني قد أخطأت بشكل حاد. أفضل ما يمكن الاعتماد عليه في هذه الأعمال هو أنك ستتمكن من الحصول على المال من العملاء حتى قبل من أن تقول لهم ما الذي يجب عليهم أن يفعلوه. في هذه الحالة ، هم لا محالة سوف يقنعون أنفسهم بأن نصيحتك فعالة و إلا سيجب عليهم أن يعترفوا بأنهم قد صرفوا بضعة آلاف من الدولارات هباء.
لم يخلصني كل هذا التحليل من أفكاري تجاه المستقبل . ما زلت أعتقد أنه إذا فهمت ما هو الذي أريده من الحياة، ستصبح الأمور أفضل.و لكنني لست على استعداد لأن أرهن 14 مليار كعكة على ذلك.