إلى أن يحدث الانتعاش الاقتصادي
REUTERS/Darren Whiteside
الصفحة الرئيسية تحليلات, النفط

إن النفط الرخيص بالنسبة للاقتصاد المتنوع هو سيف ذو حدين.

يؤثر انخفاض أسعار النفط على الاقتصاد تأثيراً غامضاً، من جهة إنه يقلل من حجم الاستثمار في صناعة النفط والغاز، الذي يضر سوق الأسهم ويقلل من فرص العمل، ومن ناحية أخرى ينخفض الإنفاق الاستهلاكي ونفقات الشركات التي تستخدم الكثير من الهيدروكربونات. ومن المرجح أن يلغي كل من هذه الآثار بعضها البعض في الولايات المتحدة وأوروبا كما حدث بالفعل في الماضي.

الهبوط من السماء إلى الأرض

في الأشهر الأخيرة، الهواء مشبع بالتفاؤل بشأن آثار رخص النفط. حسب تقييم أندرو كانينغهام منCapital Economics، هبوط أسعار النفط بنسبة 10 $ ينقل ما يعادل 0.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي من منتجي النفط للمستهلكين، والتي تشكل الأساس لاقتصاد الولايات المتحدة والدول الأوروبية. وأشارت ليز آن سوندرز من Charles Schwab في نوفمبر أن الإنفاق الاستهلاكي يعطي 68٪ من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، في حين استثمارات النفط والغاز تعطي فقط حوالي ٪1.

يبدو أن الوضع مربح للأسواق الغربية، ولكن المملكة العربية السعودية وآخرون يدفعون ثمنا باهظا لمحاولة سحب المنتجين الأمريكيين من هذه الصناعة، أليس كذلك؟ لا،الوضع يختلف. يأتي آثناء تحليل البيانات التاريخية والأثر الذي يتركه النفط الرخيص في مختلف الصناعات المزيد والمزيد من الاقتصاديين إلى استنتاجات معاكسة.

استنتج جورج زاخمان الخبير الاقتصادي في بروغل، وهي مؤسسة فكرية في بروكسل، بعد تحليل البيانات حول أسعار النفط والتغيرات في الناتج المحلي الإجمالي للأعوام ما بين 1962-2014 أن الانخفاض المتضاعف لأسعار النفط من المرجح أن يعطي اقتصاد الاتحاد الأوروبي نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2٪فقط وأكثر من ذلك بقليل - 0.3٪ للاقتصاد الأمريكي. وقد أظهرت الأبحاث الاقتصادية أن الآثار السلبية تنمو بوتيرة أسرع من الآثار الإيجابية للانخفاض المتناسب في أسعار النفط.

يعد تقرير وكالة التصنيف Moody’s يوم 16 يناير ليس فقط بانخفاض الناتج المحلي الإجمالي في روسيا بنسبة 5.5٪ في العام المقبل ولكن أيضا يعطي فكرة عن السبب لماذا لن يفيد النفط الرخيص الاقتصادات الغربية في عام 2015. أحد الأسباب هو أن الانخفاض في الأسعار سوف يؤثر ليس فقط على قطاع النفط في حد ذاته وليس فقط على المستهلكين المستفيدين منه في مناطق أمريكا. لا مفر من الخسائر في إنتاج الأنابيب الصلبة، وإنتاج المواد للتصديع الهيدرولي والطاقة المتجددة التي سيتم إزاحتها من السوق بفضل وفرة من الهيدروكربونات الرخيصة.

ستستمد شركات الطيران وشركات الشحن ومصنعو الأغذية المعلبة الفائدة القصوى من الانخفاض في أسعار النفط، ولكن أثرهم التراكمي على الاقتصاد لن يكفي لتسبب زيادة ملحوظة في الأسعار.

ويبدو أن المزايا على جانب الصناعات التي ينبغي أن تستفيد من انخفاض أسعار النفط، ولكن وكالة Moody's تتوقع نموا صغيرا نسبيا لمعظمها. على سبيل المثال، ستسرع القوة الشرائية من نمو مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة بنسبة 4-5٪ هذا العام مقابل 3.4٪ في السابق. يكتب خبراء وكالة Moody’s:

«نحن لا نعتقد أن زيادة الإنفاق قادرة إلى حد ما على تحقيق التوازن بين الانخفاض في أسعار المنتجات البترولية».

في أوروبا، يمكن أن لا يتلق تجار التجزئة أي فائدة بسبب الضرائب الإقليمية المرتفعة على الوقود.

وفقا لتوقعات وكالة Moody’s، سوف تستفيد الولايات المتحدة ككل من الوضع أكثر قليلاً من أوروبا، ويرجع ذلك أساساً إلى الاختلافات في الضرائب والتنظيم الحكومي للاقتصاد . لكن أوروبا بخلاف الولايات المتحدة، لا تختبر ازدهار الإنتاج بواسطة التصديع الهيدرولي، لذلك خسارتها ستكون أقل نسبيا.

وهكذا ستكون عواقب رخص النفط مجتمعة بالنسبة للدول المتقدمة قريبة من الصفر لأن المجموع لا يتغير مع تغيير آماكن فئات المجموع. كما يعتقد زاخمان يهاجر الإنتاج والاستثمار من القطاعات «المنتجة للطاقة إلى المستهلكة للنفط» في صناعة النفط وفي بقية قطاعات الاقتصاد. «و لكن الأثر التراكمي [انخفاض الأسعار] قد يكون أصغر مما كان يبدوعليه بسبب الآثار القطاعية من البيانات التاريخية والضجة التي أثارتها بعض وسائل الإعلام».

و ماذا بالنسبة لكمية هائلة من المال وهي حوالي 1 تريليون دولار التي وفقا لتقديرات زاخمان يجب أن تنتقل من الدول المصدرة للنفط للدول المستوردة في هذا العام؟ معظم هذه الأموال سوف تتجاوز الولايات المتحدة وأوروبا؛ الفائز الأكبر هي آسيا وسوف تحل بالإضافة للربح مشكلة التنمية الناجحة.

و لدى الولايات المتحدة مشكلة أخرى، من الضروري أن لا يقضي الانخفاض في أسعار النفط على صناعة الصخر الزيتي. إذا لم يتحمل الإنتاج بواسطة التصديع الهيدرولي المنافسة وستبدأ الأسعار على الهيدروكربونات في الارتفاع، سيقع باقي الاقتصاد الأمريكي في حالة صدمة كبيرة بشكل غير متناسب مقارنة مع النجاحات المتواضعة للعام الماضي و لن يكون هناك وسيلة للتعويض عن ذلك. لا تزال الصناعة على قيد الحياة. وخلال الأسبوع الثاني من يناير تعافى إنتاج النفط من الصخر الزيتي إلى 9.19 مليون برميل يوميا، ولكن لا يمكننا القول حتى الآن أنه سوف يكون قادرا على الصمود في وجه الأسعار الحالية لفترة طويلة . اليوم السعر مقابل برميل Brentيساوي 49$ تقريبا .

اقرأ أيضا:
الرجاء وصف الخطأ
إغلاق