يروي جون ماسون رجل الأعمال والكاتب عن اختلاف كلام السياسيين عن أعمالهم و يناقش ما ينبغي أن تستعد له البلاد بعملة قوية.
إن الدولار الأمريكي يستمر في النمو فوقعت حكومة الولايات المتحدة في وضع غيرعادي و صعب. خلال ال50 عاما الماضي شهدت أمريكا انخفاضا في قيمة العملة الوطنية، على الرغم من أن المسؤولين، خلال رئاسة جميع الرؤساء كانوا يدعون أنهم يدعمون الدولار القوي.
بغض النظر عن ما إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للقيام بمثل هذه التغييرات هي تحتاج إلى تغيير موقفها تجاه المسألة و إعادة النظر في الإجراءات المعتادة لضمان الدولار القوي. إن المسؤولية هي أمر مهم جدا وتُفرض على البلاد بسبب العملة القوية. تعني العملة القوية أن البلاد في حالة تختلف جذريا عن حياة البلاد بعملة ضعيفة.
القليل عن التاريخ
لقد عاشت الولايات المتحدة مع عملة ضعيفة لأكثر من نصف قرن. في بداية الستينات كان الدولار الأمريكي قوي جدا. لكن بعد ثماني سنوات أدت حوافز الحكومة الإضافية والتضخم بسبب الإئتمان إلى إسقاط الدولار عن منصته.
في 15 أغسطس من عام 1971، قام الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون بإلغاء ربط الدولار بالذهب وأعلن للعالم أن الولايات المتحدة لم تعد بلادا بعملة قوية.
ريتشارد نيكسون
باستثناء حالتين في ال 50 عاما الماضي، كان جميع ممثلو البيت الأبيض يتحدثون عن دعم الدولار القوي ولكن انحرفت كلماتهم عن الواقع.
تيموثي غايتنر وزير المالية السابق هو المثال النموذجي الذي كان يؤكد بأن "الدولار القوي هو دائما في مصلحة الولايات المتحدة". بالطبع لم تتفق سياسته مع هذا البيان.
وقام الجمهوريون و الديمقراطيون بالشيء ذاته. تابعت جميع الحكومات تقريبا منذ عام 1961 السياسات الاقتصادية التي أدت إلى ضعف قيمة الدولار وليس إلى تعزيزه.بمكن أن نستثني فترة رئاسة بول فولكر للنظام الاحتياطي الفيدرالي و روبرت روبين لوزارة مالية الولايات المتحدة . كان فولكر في أوائل الثمانينات يتحكم بالنظام النقدي بشكل صارم وكان روبين ينظم الحد من العجز في الميزانية واستطاع في نهاية المطاف أن يحقق الفائض فعليا. لقد زادت قيمة الدولار في هاتين الحالتين .
لكن لم يكن الدولار القوي دائما هو أساس الطموحات.
تهدف الحكومة الفيديرالية إلى خفض البطالة وأرادت أن تهدف السياسة النقدية والمالية إلى إبقاء الناس في أماكن العمل و لذلك قامت بتنفيذ البرامج الحكومية التي سمحت للمزيد من الناس بشراء المنازل. أدى ذلك إلى إضعاف الدولار ما لم يكن بأمر سيء نظرا لأنه قد ساهم من بين أمور أخرى في نمو الصادرات وسمح للناس بأن يواصلوا العمل في الأماكن التي اعتادوها. ويعني هذا أيضا أنه أصبح يمكن للشركات بأن تقلل تكلفة تدريب العاملين بما أنه لم يحتاج الأمرإلى زيادة كبيرة في الأداء.
كان ضعف الدولار الأمريكي جزءا من حزمة التدابير اللازمة لإنشاء اقتصاد كهذا. و كانت الولايات المتحدة بحاجة لأن تتحدث عن الدولار القوي لتلافي "فقدان الوجه" أمام بقية أنحاء العالم في محاولتها لإخفاء حقيقة أنها في الواقع تسعى إلى تحقيق أهدافها من خلال "حرب العملات". كان بدء الولايات المتحدة بحرب العملات مع بقية العالم خطأ نظرا لقوتها.
ولذلك كانت الحكومة تسمي هذه اللعبة بالتضخم الإئتماني وكان الانخفاض في قيمة العملة مجرد نتيجة من نتائج هذه السياسة.
تبدو سياسة التضخم الإئتماني غاية في الكينزية. و عموما ليست تبدو فقط. لكن لم يكن الانخفاض في قيمة العملة مضمونا في عقيدة جون ماينارد كينز. ما الذي أراده وعلى ماذا حصل ؟ أسعار صرف ثابتة و تدفقات رؤوس أموال محدودة أو معدومة بين الدول.
في الستينات بعد الحرب العالمية الثانية كان لا يمكن إيقاف تدفقات رأس المال ولذلك أصبح من المستحيل أن يحتجز سعر الصرف. وأدى فك ربط الدولار بالذهب من قبل الرئيس نيكسون ، إلى حل المسألة الأخيرة ثم جاء الربع الأخير من القرن العشرين عندما ازدهر التضخم الإئتماني في كل مكان تقريبا.
مسألة الإنتاج
أول دفعة من Ford Model T
وجود الدولار القوي في حاجة إلى شيء أكثر. يتطلب الدولار القوي من الناحية الاقتصادية اهتماما شديدا بالإنتاج. إذا لم تستطع الشركات المصنعة الأمريكية أن تتغلب على المنافسين الأجانب باستخدام العملة المتزايدة الضعف فسيبقى الخيار الوحيد بالنسبة لها تحسين جودة السلع والخدمات.
لكن لا يتم تحقيق تحسين الإنتاج بين عشية وضحاها. يتطلب ذلك التدريب، التعليم والاستثمار على نحو متزايد في التكنولوجيات المتطورة و تحويل وظائف الشركات الناشئة التي لم تنفذ بما فيه الكفاية. في العالم المعاصريعد التعليم في جميع مراحل الحياة شرطا إلزاميا. ويجب أن تكون القدرة والرغبة في تغيير مكان العمل أو الإقامة أو القطاع خلال ثلاث إلى خمس سنوات مقبولة من قبل العمال. و كذلك يجب السعي أيضا إلى التغيير المنتظم في الصناعات ومجالات نشاط الشركات.
لا يمكن تحقيق زيادة الإنتاجية إذا استمرت سياسة الحكومة التي تولد التضخم الإئتماني ، نظرا لأن التضخم الإئتماني يشجع أولئك الذين يملكون المال على الاستثمار في قطاعات الاقتصاد المالية و ليس في قطاعات الصناعات. إذا كان هناك أي شيء ما تم تحقيقه بمساعدة التضخم الإئتماني خلال ال50 سنة الماضية فهو تشجيع الأثرياء على شراء الأصول، زيادة عدد الرافعات المالية وإنشاء الأدوات المالية المبتكرة. يجب تغيير هذه الحوافز من أجل إعادة المال إلى القطاع الصناعي عوضا عن بقائه في الأدوات مالية أو في الأصول الموجودة فعليا.
لا يمكن تحقيق كل هذا من خلال وسائل السياسة المالية والنقدية التي تهدف إلى إبقاء العمال في أماكنهم. لتحقيق هذه الأهداف سيجب على الحكومة الفيديرالية أن تغير نظرتها القائمة لعالم الواقع و لما يجب أن تقوم به لإنشاء " عالم جديد". وسيستغرق ذلك بعض الوقت، نظرا لأن العمال والأسر سيضطرون أيضا لأن يغيروا وجهة نظرهم للعالم.
إذا كانت الولايات المتحدة تسعى إلى الحفاظ على الدولار القوي سوف تضطر إلى تغيير نهجها في كثير من الأمور. إذا لم يحدث ذلك فسوف نعود إلى عالم "حرب العملات" حيث ستقع العديد من الآمال لاستعادة قيمة الدولار المنخفضة على التضخم الإئتماني .
هل أنتم مستعدون لعملة قوية؟
لست متأكدا من أن الولايات المتحدة والسياسيين الأمريكيين هم على استعداد للقيام بما هو ضروري للحفاظ على قوة الدولار. أولا، يتم انتخاب السياسيين لمدة سنتين أو أربع أو ست سنوات. وهي فترة زمنية قصيرة جدا لتحقيق النتائج الضرورية لدعم الدولار القوي. على شخص ما أن يبذل قصارى جهده لإظهار كيفية الحفاظ على قوة الدولارللمواطنين .
وإلا فإننا لن نكون مستعدين للدولار القوي و عاجلا أو آجلا سنعود إلى حالتنا السابقة. و لكن إن ذلك محفوف بمشاكل معينة نظرا لأن الآن تقوم كل الدول بتطبيق سياسات تهدف إلى إضعاف العملة. إذا حاولت جميع البلاد إضعاف عملتها سيصبح عالمنا مكانا حزينا جدا.