الهروب من الضرائب إلى سويسرا
JuliusKielaitis/Shutterstock.com
الصفحة الرئيسية تحليلات

في القسم السويسري لمصرف HSBC كانوا يقدمون الحسابات السرية للمجرمين ويساعدون العملاء على التهرب من الضرائب.

نشرت فئة من الصحفيين من Guardian وLe MondeوBBC والاتحاد الدولي للأبحاث الصحفية نتائج أبحاثهم لمخطط التهرب العالمي من الضرائب بواسطة الحسابات في المصارف السويسرية. أساس البحث هي مستندات HSBC Private Bank للشركة السويسرية الفرعية من مصرف HSBC.

هذا دليل قوي على أن النخبة العالمية تتجنب قوانين الضرائب لدى بلدانهم وذلك بمسك مبالغ هائلة على حساباتهم في المصارف السويسرية. قدمت فئة من الصحفيين حولي 30 ألف مستند خلال فترة 2005-2007 التي تشهد على الصفقات مع الأصول بالمبلغ العام 120 مليار دولار تقريباً.

التفاصيل

هذه المستندات معروفة للسلطات منذ عام 2010، في بادئ الأمر استلمتها فرنسا وبعد ذلك تقاسمت المعلومات مع بلدان أخرى، أما وزارة العدل في الولايات المتحدة فبعد أن درست المستندات خالفت في عام 2012 HSBC بمبلغ 1.92 مليار دولار وكان هذا رقماً قياسياً بالنسبة لذاك الزمن. وقد نشر مت تايبي من Rolling Stone في عام 2013 الدراسة المفصلة لهذه الأحداث.

ولكن من الجائز أن الصحفيين لم يسنح لهم الوصول إلى المعلومات الكاملة إلا الآن. البلاغات مختلفة لكن المضمون نفسه تقريباً، وهذا ما أبلغ عنه Guardian:

كما وتدل الوثائق على أن القسم السويسري لـ HSBC كان يعطي بصورة روتينية مبالغاً كبيرة للعملاء الأجانب وتقريباً دون توجيه أية أسئلة. صرح المصرف رسمياً أنه منذ ذاك الحين عزز مراقبة العمليات الداخلية: "تسمح الشروط الجديدة لمصرف خاص رفض تقديم موارد نقدية. تم إدخال مراقبة صارمة على سحب المبالغ التي تزيد عن 10 آلاف دولار.

حسب تصريح HSBC الرسمي إنه يأخذ على عاتقه كاملاً كل واجبات قسمه السويسري ولكن يشيد أنه خلال السنتين الأخيرتين كان هذا القسم يتصرف بشكل مستقل. تم الحصول على هذا القسم عام 1999 وفي نفس العام تم شراء Republic National Bank of New York و Safra Republic Holdings SAوكذلك المصرف الخاص. قيل في بيان صحفي أن القسم السويسري "يركز على العمل مع فرق مختلفة جداً من العملاء، وكانت أعماله الوظيفية تختلف كثيراً عن المعتمدة في HSBC. لم يكن المصرف المكتسب متكاملاً بصورة كاملة، فحافظ على ثقاقته ومعاييره السابقة".

لماذا هذا شيء مهم؟

إذا كانت لديكم أموال وأنتم لا تريدون دفع الضرائب فثمة نوعين من الطرق: قانونية وغير قانونية. ثمة قطاع ضخم للتمويل (والاختراعات!) للطرق القانونية. المستندات التي قدمتها فئة من الصحفيين تخلو من شهادات أن HSBC اقترح للعملاء طرقا قانونية. بل العكس صحيح وذلك أن المصرف نصح بغير القانونية منها فتبقى ضمن إطارها الأموال على الحسابات السويسرية مخفية.

كما وتحتوي هذه المستندات على أسماء العملاء الذين استخدموا هذه الخدمات.

حلل منشور "فيدوموستي" بالمشاركة في المشروع المشترك مع ICIJ وLe Monde القسم الروسي من القائمة المكونة من أكثر من 740 اسم ولم تجد فيها الأشخاص الأولين أو كبار رجال السياسة. ومع ذلك ففيما عدا عشرات من المشاركين في القائمة الروسية Forbes كان فيها الموظفون الأسبقون ورؤساء "روسنيفت" والصيرفية الحكوميون وكذلك أقرباؤهم. كان للبعض منهم في العامين 2006 و2007 أكثر من مليون دولار على الحساب.

كما هو ظاهر أن HSBC كان يراجع البيانات الشخصية للعملاء ببعض الإهمال. لم يكن يستطيع فتح حساب في المصرف بإيداع الأموال نقداً ودون أسئلة زائدة إلا المجرمون العاملون في مجال تجارة مخدرات أو تجارة الأسلحة الغير قانونية أو تجارة الماس غير القانوني الخ..

إذا كنتم تظنون أن تفاوت الدخول في العالم يتعزز غالباً لأن الأغنياء يزدادون غناً فالذي حدث مشكلة كبيرة. الضرائب هي وسيلة إعادة توزيع الدخول، والموارد المالية الواقعة في الحسابات السرية في المصرف السويسري تقلص من المبلغ المستهدف لبناء طرقات أو تقديم خدمات طبية في بلدان أخرى (مثلاً اليونان التي تفتقد كثيراً من عوائد الضرائب حالياً ).

لكن العالم مليء بالناس الأغنياء وأصحاب النفوذ الذين يحتاجون إلى هذا النوع من الخدمات. القسم السويسري من HSBC ليس وحيداً في عداد المصارف الخاصة الذي يقدم خدمات كهذه، وإن توقف نشاطه يكاد يعني أن الأغنياء الذين يبذلون قصارى جهدهم ويستخدمون شتى الأساليب للتهرب من دفع الضرائب سيمتنعون عن مثل هذه الخدمات. كتبت Le Monde أنه حسب نتائج مراجعة المستندات تم استدعاء إلى المحكمة 72 مواطنا و"معظم دافعي الضرائب في البلاد الذين ظهرت أسماؤهم في القائمة قد ضبطوا قضايا ضرائبه لديهم".

الكفاح المستمر ضد التهرب من الضرائب

تقوم منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بتعزيز الكفاح العالمي ضد التهرب من الضرائب، وتتعاون مع وزراء المالية في مجموعة العشرين مع تنسيق خطط الإصلاحات الضريبية والتقارير. ثمة بعض لنجاح.

بفضل جهود منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية انخفضت كمية المنافذ السرية للتهرب من الضرائب في أيرلندا إلى النصف.

والأهم من ذلك أن اتفاقية التعاون الإداري المتبادل في القضايا الضريبية التي وقعت عليها سويسرا يجبر تقديم البيانات المالية الهامة. توجد السرية المصرفية السويسرية منذ عام 1934.

بلاغ Guardian:

“تعهدت سويسرا إدخال قبل حلول عام 2018 منظومة التبادل الآلي للبيانات مع خمسين دولة حول الحسابات الشخصية والضرائب والأصول والأرباح. وقد فهم الكثيرون بسرور أن هذا نهاية السرية المصرفية".

على أية حال حتى بإقرار هذه الاتفاقية لم تتغير المنظومة المصرفية السويسرية كثيراً، ولا داعي للتوقع أن الحسابات السرية ستختفي تماماً.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق