لا تكن كبافيت بل كن نفسك

يناقش الكثير من الخبراء والمحللون الماليون في العالم الرسالة التي وجهها وارين بافيت إلى المساهمين. ولكن لا فائدة من أن نبحث في هذه الرسالة عن أي تعليمات تخص كيفية الاستثمار مثل بافيت".

يناقش العالم المالي بأكمله موضوع الرسالة السنوية لوارين بافيت الموجهة إلى مساهمي شركة Berkshire Hathaway. وقضى جميع الصحفيين ومؤيدي وارين بافيت وغريم ودود وكل من له أي علاقة مباشرة أو غير مباشرة بسوق الأوراق المالية عدة أيام في دراسة معمقة لهذه الرسالة بكل تفاصيلها. وكل واحد يبحث فيها عن نوع من الحكمة التي سوف تساعده في تعلم طريقة الاستثمار التي قد أوصلت وارين بافيت إلى الازدهار المالي.

نعطيكم نصيحة هنا: لا تضيعوا وقتكم على هذا. لأنكم لستم وارين بافيت. ولن تستثمروا بنفس الطريقة مثل ما يستثمر بافيت. شيء واضح.

لماذا؟ لأن بافيت لديه شيء لا تملكونه أنتم وربما لن تجدونه أبدا. وهذا الشيء هو ليس عشرات المليارات من الدولارات. لا. وليس أي سر خاص. الأمر هنا في معرفته ومهاراته فقط.

وربما ليس لديكم مثل هذه المهارات أو ربما لا تولون لها أهمية بالغة في حياتكم.

يقول بافيت دائما إنه أحد تلاميذ الأستاذ من مدرسة كالومبيا للأعمال بينجامين غريم. يعتبره بافيت معبودا له منذ أن قرأ كتابه "المستثمر الذكي".

يستثمر بافيت أمواله في شركات ذات إمكانات نمو غير مقيمة بقيمتها الحقيقية حيث يدرس المعدلات المالية ورصيدها. للقيام بمثل هذه العمليات تتطلب مهارات خاصة. يجب أن يتساءل معظم المستثمرين: هل لديهم مثل هذه المهارات الفريدة؟. من أجل التعرف على الإمكانات الحقيقة لنمو الشركة لا تكفي قراءة كتاب أو كتابين عن الاستثمار التقييمي.

لا توجد في الاستثمار أي قاعدة أو مبدأ يعمل في كل الوقت.ويعني ذلك أنه بالرغم من طموحاتكم الاستثمارية سوف يأتي الوقت حيث تفقد هذه المناهج والقواعد فعاليتها أخيرا. حتى ربما تمر سنوات قبل هذا.

ولكن إذا فكرتم جيدا في المنهج الذي تتبعونه فيمكنكم الاحتفاظ به ومواصلة تحقيقه. لأنكم تعرفون تماما أنه ليس من الممكن ضمان الحفاظ على الأرباح على مستواها العالي دائما وتأتي أيام الخسائر المالية وهذا شيء طبيعي جدا. ولكن من الصعب للغاية إهمال كل الخلفية المزعجة للحفاظ على الاستراتيجية التي اخترتموها من قبل.

تذكروا أيام التسعينيات من القرن الماضي، كان وقت طفرة الدوت كوم و Nasdaqتزداد بنسبة 40% خلال بضع سنوات وتأتي الأرباح الهائلة.. ليس الكثيرون اليوم يطبقون منهجية الاستثمار التقييمي لبافيت وهذا ليس لأنها غير فعالة ولكن لأنها تؤدي إلى أرباح أقل مما كان يتوقع المستثمر منها في البداية. كان الكثيرون يقولون أن بافيت فقد قوته وخبرته ولا يمكن بعد الاعتماد على طريقة استثماره. وشدد النقاد أن بافيت أصبح ديناصور السوق المالية.

يجب على الشخص أن يكون منضبطا ومنظما للغاية من أجل أن يقاوم ويواصل طريقه مثل ما هو يريد. يتمتع بافيت بهذه المهارة مثل ما يتمتع بها شريكه تشارلي مانغير أيضا. وأنتم؟

يقول بافيت إن فترة الحفاظ على أي أوراق مالية عنده لا تقل عن الأبدية. بالطبع إنه يبالغ في كلامه نسبيا ولكنه فعلا يتميز بقدرته الفريدة على الحفاظ على الأوراق خلال وقت طويل للغاية.

وخلال السنوات الأخيرة تقلصت هذه الفترة تدريجيا وهذا بالطبع لا يخص التجارة الرياضية أو عالية السرعة حيث تلعب كل ثانية دورا هاما.

قليل من المستثمرين يستطيعون التوقف في التداول والانتظار فقط. وأنتم؟

بالطبع إنه من اللازم والضروري جدا أن نتعلم الكثير من بافيت ويجب علينا حتى أن نسعى إلى تعلم مهاراته الفريدة. ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أنه يتمتع بشيء لا يتمتع أحد آخر به وهو فلسفة خاصة وانضباط وقدرة على التفكير للمدى الطويل جدا.

إذا تابعنا كل ما يعمله بافيت لاحظنا أن سر نجاحه هو بسيط جدا. أهم ما يجعله فريدا ومستثمرا ناجحا هو قدرته على الاحتفاظ بمبادئه وقواعده. قد وجد طريقة تتناسب تماما مع مزاجه وقدراته وطبيعته.

هل تريدون أن تصبحوا مستثمرين من أعلى مستوى؟ يجب تطبيق قاعدة واحدة: لا يجب تقليد بافيت. أصبحت شركة Berkshire Hathaway ناجحة لأن بافيت تمكن من تحديد أسلوب خاص به في الاستثمار. لذلك ليس هناك أي فائدة من اتخاذ نفس الخطوات إذ يجب وضع استراتيجية خاصة بكم فقط.