لغتان أفضل من لغة واحدة
الصفحة الرئيسية تحليلات

لقد تحدثت ريبيكا كالاهان بروفيسورة في جامعة تكساس في أوستن التي تعمل على دراسة ثنائية اللغة عن أسباب أهمية معرفة عدة لغات وفي نفس الوقت عدم نسيان اللغة الأم.

قد يكون لمعرفة العديد من اللغات أثرا إيجابيا على نمو الدماغ.

وفقا لدراسة حديثة ثنائيو اللغة لا يدرجون فقط في القمة في سوق العمل ولكنهم أيضا أكثر استجابة وأفضل في حل المشاكل. معظم الناس يكبرون وهم يعرفون لغة واحدة ،على سبيل المثال، في أمريكا، تستخدم الغالبية العظمى من السكان البالغين اللغة الإنجليزية فقط، حتى لو كان هؤلاء يتحدثون في مرحلة الطفولة بعدة لغات. بناء على نتائج الدراسة يمكن القول أنه قد حان الوقت لإعادة النظر في سياسة أحادية اللغة.

تحدث عدة لغات

لقد كرست عشر سنوات أخيرة لتطويرالمهاجرين الشباب في المجالات العلمية والاجتماعية. ما كان يهمني بشكل خاص هو كيفية تأثير المدرسة على تعلم أبناء المهاجرين،على إقامتهم للصداقات و على تشكيلهم للمجتمع.

أنا نفسي قد عملت ذات مرة في مدرسة ابتدائية لثنائيي اللغة وأعلم أن لمعرفة لغتين ميزة كبيرة في مجال التعلم و التفاعل الاجتماعي. ولكني و لفترة طويلة قد افتقرت إلى المعلومات حول المزايا التي يملكها الأشخاص ثنائيو اللغة خلال البحث عن عمل والتقدم المهني.

الباحثون ينسبون ثنائية اللغة بالقدرات العقلية العالية وأيضا بالانخفاض في خطر الإصابة بمرض خرف الشيخوخة.

الباحثون عادة ما يبحثون في ثنائية اللغة لدى الأطفال و الآن فقط قد بدؤوا يهتمون بدراسة تأثير ثنائية اللغة على حياة الشباب.

ثنائيو اللغة يؤدون الاختبارات على شكل أفضل، يحلون المشاكل والمهام بشكل أنجح، لديهم ميزة الحدس ولديهم علاقات اجتماعية كبيرة.

يمكن للشباب ثنائي اللغة أن يحصلوا على الدعم والمعلومات من الجيل الكبير لثقافتهم الأم وأيضا من ممثلي ثقافة البلد الذي يعيشون فيه.

إن الشباب المهاجرون عادة ينشؤون في عائلات كبيرة، حيث يحاول كل فرد بطريقة ما أن يساهم في رعاية الطفل.

يملك ثنائيو اللغة فرصا أكثر للحصول على وظيفة

موظف Western Union يتواصل مع مقدم الطلب. ينمو الطلب على العاملين ثنائي اللغة

الشباب ثنائيو اللغة لا يملكون فقط فرصا أكبر في إتمام المدرسة والتقدم إلى الكلية بل لديهم أيضا فرصا أكثر في الحصول على عمل.

ثنائية اللغة ليست معيارا صارما في اختيار العاملين ولكن قد بينت دراسة عاملي المكاتب في كاليفورنيا أن أصحاب العمل يفضلون توظيف والحفاظ على ثنائيي اللغة. تقوم الشركات رفيعة المستوى من قائمة فورتشن 500 بالتعاقد مع ثنائي اللغة والمتخصصين الذين يتحدثون بعدة لغات للعمل مع العملاء.

وفقا لعدة دراسات يظهر ثنائيو اللغة قدرات عقلية أكبر. إن ثنائية اللغة كذلك تقلل من خطر الإصابة بمرض خرف الشيخوخة.

بالإضافة ترتبط المعرفة لعدة لغات أجنبية بتطوير صفات مثل التعاطف والقدرة على التعاطف.

ومع ذلك فإن في أمريكا على سبيل المثال يتحدث 4 من أصل 5 أمريكيين باللغة الإنجليزية فقط.

بسبب سياسة "الإنجليزية فقط" المهاجرون في الولايات المتحدة يتكلمون بشكل أقل بلغتهم الأم

في عائلات المهاجرين يملك الأطفال فرصة لأن ينشؤوا كثنائيي اللغة ولكن بسبب القواعد القائمة على دراسة الإنجليزية فقط ينسون لغتهم الأم.

تتحدث الحركات الاجتماعية والسياسية ذات النفوذ، التي تعزز سياسة أحادية اللغة، عن المخاطر المرتبطة بثنائية اللغة. وكنتيجة المدارس وغيرها من المؤسسات لا تصمد أمام ضغط الرأي العام وتغلق برامج التعليم بلغتين.

لقد حدث أنه في دراسة ثنائية اللغة وكذلك في سوق العمل اعتمد تصنيف ينص على أنه لا يتم قياس مستوى اللغة الغير إنجليزية أبدا.

ولذلك في معظم قواعد بيانات ثنائيي اللغة لا توجد أي خصائص محددة. فمن غير المعروف ما إذا كان المهاجر يتحدث بالإسبانية فقط، بالإسبانية و قليلا بالإنجليزية أم أنه يجيد اللغتين. ولذلك فإنه من الصعب جدا تتبع العلاقة الحقيقية بين ثنائية اللغة والطلب في سوق العمل.

و مؤخرا فقط، طبق المركز الوطني للإحصاء في التعليم ‎(NCES)‎ التمييز في مستوى كفاءة اللغة الأم. وأما في مراكز أخرى التي تركز بشكل كبير على المهاجرين قد تم البدء في طرح الأسئلة من هذا النوع.

ثنائية اللغة والنجاحات التعليمية

في أحدث الأبحاث العلمية في مجال ثنائية اللغة بدأ المتخصصون أخيرا بالتساؤل حول كفاءة المشاركين في كتابة وقراءة اللغة الغير إنكليزية.

قام العلماء بالتمييز بين مستوى كفاءة لغة واحدة أوعدة لغات شفويا و كتابيا و لقد حصلوا كنتيجة على معطيات جديدة لفوائد ثنائية اللغة من وجهة نظر إقتصادية. وهي: الشباب ثنائيو اللغة الذين يجيدون عدة لغات يحتلون مناصب أعلى و يكسبون أجورا أعلى.

كذلك تبين في الدراسات الجديدة لإمكانيات ثنائيي اللغة في سوق العمل، أنه لم يتم تحديدها من خلال الحدود الجغرافية بل من خلال إمكانية الوصول الفوري إلى المعلومات.

ثنائية اللغة والذكاء

ميرفت طالبة في الصف الثاني تعزف على العود في المدرسة العربية للأطفال ثنائيي اللغة في القدس

منذ الستينات بدأ العلماء في إقامة علاقة بين ثنائية اللغة ومستوى الذكاء. في وقت لاحق توصلوا إلى استنتاج مفاده أن الأطفال ثنائيو اللغة في الصفوف الإبتدائية يقومون بحل أفضل للمشاكل الغير لفظية مقارنة مع أقرانهم أحاديي اللغة.

بينت الدراسات التي أجريت في أواخر التسعينات أن الذاكرة قصيرة المدى لدى الأطفال ثنائيي اللغة متطورة أكثر من ذاكرة أحادي اللغة.

أما الآن قد وجد العلماء الباحثون في مسألة درجة الكفاءة اللغوية لدى الأطفال ثنائيي اللغة أن أبناء المهاجرين الذين يجيدون لغتين، في وقت لاحق، قد تولوا مناصب أعلى وكسبوا مالا أكثر من أقرانهم الذين اختاروا أن يتخلوا عن دراسة اللغة الأم.

اليوم هؤلاء الشباب أحاديي اللغة لم يفقدوا فقط بعض القدرات الكامنة في ثنائية اللغة ولكن أيضا، ازدادت نسبة الاحتمال بأنهم سيقبلون في عمل بدوام كامل أقل بكثير.

كما يمكنك أن ترى معرفة لغات متعددة تفتح أمامك مجموعة جديدة كاملة من الاحتمالات.

في بلاد المهاجرين يتحدث الجميع باللغة الإنجليزية

على الرغم من أن أمريكا تعد "أمة المهاجرين"، فإن سياسة أحادية اللغة تأتي بثمارها. وفقا لدراسة حديثة 1 من أصل 4 فقط من البالغين الأميركيين يجيدون لغتين.

من الواضح أن المؤسسات التعليمية تلعب دورا كبيرا في دعم وتطوير ثنائية اللغة لدى الأطفال. كما أنه من الضروري أن يتم دعم سعي الآباء المهاجرين إلى غرس معرفة اللغة الأم في أطفالهم.

إن الأطفال ثنائيو اللغة يملكون فرصا أكثر في المستقبل، في حال نشؤوا مع معرفة اللغة الأم و لغة الثقافة الجديدة.

أبناء المهاجرين القادمين إلى أمريكا سوف ومن دون شك يتعلموا اللغة الإنجليزية. الشيء المهم هو أن لا تسمح لهم أن ينسوا لغتهم الأم. إن قدراتهم تكمن في هذه المعرفة ويجب علينا أن نقدم الفرصة لتنميتها عوضا عن القضاء عليها.

المصدر: Quartz

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق