يشكل التقدم المثير للمتمردين الحوثيين في اليمن نقطة تحول أساسية في الاستقطاب القائم بين المعسكر السني بزعامة السعودية والقوى الشيعية التابعة للنفوذ الإيراني، استقطاب تلهب ناره ساحات معارك أخرى في العراق وسوريا ولبنان.
جاء سقوط العاصمة اليمنية صنعاء في يد جماعة الحوثيين الشيعية بمثابة زلزال جديد من شأن ارتداداته أن تزيد من خلط الأوراق المتحكمة في تناقضات الصراع السني الشيعي بقطبيه السعودي والإيراني. ويرى الدكتور مصطفى اللباد مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الإقليمية والإستراتجية في القاهرة أن التطورات الجارية في اليمن:
"تصب في صالح إيران لأنها الرديف والحليف الإقليمي للحوثيين، مقابل التشكيلة القبائلية التقليدية، حليفة السعودية".
إن سقوط صنعاء على مرمى من الحدود السعودية، يعتبر من الناحية الرمزية ضربة موجعة للرياض، وانجازا ثمينا لطهران التي ستعمل على توظيف هذا "الانجاز" كنقطة انطلاق جديدة لتوسيع دائرة نفوذها عند باب المندب والبحر الأحمر. على المستوى الداخلي يرى اللباد أن "الحوثيين جماعة منظمة استفادت من الثغرات الموجودة ووظفت التناقضات التي تخترق التحالفات القبلية، بل وتمكنت من تحقيق تفاهمات مع الرئيس اليمني الأسبق علي عبد الله صالح". إلا أن هذا لا يمنع المحللين من اعتبار الحوثيين أداة لتنفيذ الأجندة الإيرانية في المنطقة. ولم يتردد الرئيس عبد ربه منصور هادي من توجيه أصابع الاتهام لطهران، معتبرا أنها تحشر أنفها في الشؤون الداخلية لبلده بدعمها الواضح للحوثيين.
بين المبادرة والمراوحة
في قراءته للعبة الشد والجذب بين الرياض وطهران، يرى اللباد أن السعودية تعتمد في إستراتجيتها على المراوحة بمعنى أنها "تدافع عن الأمر الوقع (ستاتيكو)، في حين أن إيران تعمل على ربط تحالفات مع أصدقاء سياسيين سواء في لبنان، في العراق، أو في اليمن، باستثناء سوريا التي تسعى فيها إلى الحفاظ على النظام القائم". ويستطرد الخبير المصري تحليله موضحا أن تجارب التاريخ تعلمنا أن من يكتفي بالدفاع عن الأمر الواقع دون تقديم بدائل، يكون في الغالب في الجانب الخاسر.
عاصفة الحزم
وتتواصل منذ منتصف الليلة الماضية الغارات الجوية التي تشنها عشر دول بقيادة السعودية تحت اسم "عاصفة الحزم" على مواقع للحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، في مناطق مختلفة من اليمن.
كما استهدفت الغارات مخازن للأسلحة في صنعاء ومقر قيادة قوات الاحتياط في جنوب صنعاء.
في حين اشتعلت النيران في دار الرئاسة بصنعاء التي استولى عليها الحوثيون إثر قصف جوي.
وشمل القصف أيضا غرفة العمليات المشتركة للقوات الجوية في صنعاء ومعسكر ريمة حميد بمنطقة سنحان معقل الرئيس المخلوع جنوب صنعاء وقاعدة العند الجوية شمال عدن.