كيف سيكون العالم بعد 10 سنوات
vichie81/Shutterstock.com
الصفحة الرئيسية تحليلات

جهزت شركة Stratfor 11 تنبؤاً مقلقاً للعقد القادم.

نشرت الشركة البحثية الخاصة Strategic Forecasting، أو Stratfor، مؤخراً تقريراً حاولت فيه التنبؤ بتطور الوضع السياسي والاقتصادي في العالم خلال السنوات العشر القادمة.

تتوقع Stratfor أن العالم بعد عشر سنوات سيصبح مكاناً أقل أماناً، حيث ستتناقص قوة الولايات المتحدة الأمريكية وستمر بلدان كبرى أخرى بفترة الفوضى والانحطاط.

روسيا ستتفكك

تنذر Stratfor:

«لن نرى انتفاضة ضد سلطة الكرملين، ولكن تدهور قدرته على السيطرة على الوضع في الاتحاد الروسي والمحافظة على وحدة البلاد ستؤدي إلى ظهور فراغ تعيش فيه شظايا متناثرة من روسيا الحالية».

ستؤدي العقوبات الاقتصادية وهبوط أسعار النفط والانخفاض السريع في سعر صرف الروبل ونمو النفقات العسكرية وتزايد الخلافات الداخلية إلى ضعف سيطرة السلطات المركزية على أكبر بلد في العالم.

لن تنقسم روسيا رسمياً إلى عدة أجزاء، إلا أن سلطة الكرملين قد تضعف لدرجة تجعل من البلد الواحد في الواقع فسيفساء من الأقاليم نصف المستقلة، وهذه الأقاليم في بعض الأحيان لن تستطيع التفاهم بين بعضها.

يؤكد التقرير:

«نتوقع أن نفوذ الكرملين سيضعف بشكل ملموس، وهذا سيؤدي إلى تشظي البلد بصورة رسمية وغير رسمية. من المستبعد أن تبقى روسيا بهيئتها الحالية».

أما الولايات المتحدة فستضطر إلى اللجوء إلى قواتها المسلحة لضمان سلامة أسلحة روسيا النووية

البنية التحتية للسلاح النووي الروسي لامركزية ومنشورة في كل أرجاء البلاد مترامية الأطراف.

فإذا حدث فعلاً التفكك السياسي الذي تتنبأ به Stratfor، سيعني هذا أن الأسلحة ومخزون اليورانيوم ونظم إيصال الرؤوس النووية إلى أهدافها قد تصبح في مناطق انعدام السلطة، ما يشكل أكبر خطر على العالم.

وتدعي Stratfor، سيكون فقدان السيطرة على الترسانة النووية الروسية «أعظم أزمة في العقد القادم».

وستضطر الولايات المتحدة إلى البحث عن سبل تجنب هذا الخطر حتى لو استدعى ذلك اللجوء إلى القوات البرية للاستيلاء على الأسلحة والذخائر ووسائل الإيصال. يقول التقرير:

«واشنطن هي القوة الوحيدة القادرة على معالجة هذه المشكلة، لكنها لن تستطيع تحقيق السيطرة على عدد كبير من المواقع العسكرية مع ضمان عدم إطلاق أي صاروخ خلال العملية. إذن، ستضطر الولايات المتحدة إما إلى قبول خطر إطلاق الصواريخ العشوائي (وهذا يصعب تصوره في الحاضر) أو إلى السعي إلى إنشاء سلطة مستقرة وقوية اقتصادياً في الأقاليم الموافقة من أجل إبطال الصواريخ تدريجياً».

ستواجه ألمانيا مشاكل

جنت ألمانيا التي يعتمد اقتصادها على التصدير فوائد عظيمة من تحرير التجارة في أوروبا بمساعدة الاتحاد الأوروبي والعملة الموحدة، ولكن هذا يعني أن هذا البلد سيتضرر أكثر من غيره من تعمق أزمة اليورو وموجة التشكيك بالاتحاد الأوروبي.

لا يستطيع اقتصاد ألمانيا المعتمد على التصدير الاستعاضة عن التصدير بالاستهلاك الداخلي، ولا تستطيع ألمانيا التعويض عن الانخفاض المتوقع في عدد السكان، مما سينتج عنه كساد شبيه بما حدث في اليابان.

وستصبح بولونيا أحد قادة أوروبا

انظر إلى ما يقع شرقي ألمانيا تجد أن الأوضاع ليست بهذه المأساوية. يقول التقرير:

«ستصبح بولونيا في مركز النمو الاقتصادي وتزايد النفوذ السياسي».

لن تتأثر بولونيا بتناقص السكان بنفس القدر الذي سيصيب غيرها من البلدان الأوروبية الكبيرة.

وكون بولونيا أكبر بلد أوروبي مزدهر على حدود روسيا سيرفع مكانتها إلى مرتبة الزعامة الإقليمية، فيستطيع البولون الاستفادة من ذلك للارتقاء بمكانة بلادهم السياسية والاقتصادية.

أما المحافظة على العلاقات الاستراتيجية الوثيقة طويلة الأمد مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تتمتع بها بولونيا فسوف تساعدها على ذلك.

ستنقسم أوروبا إلى أربعة أقاليم

كانت الوحدة الأوروبية تبدو حتى وقت قريب قوة تاريخية حتمية، وكانت الحواجز الاقتصادية والسياسية بين البلدان تتحطم، والنزعات الإقليمية والقومية في هذه القارة تخمد تدريجياً.

وبعد عشر سنوات قد يصبح هذا كله من الذكريات البعيدة.

تتنبأ Stratfor للسنوات العشر القادمة بظهور أربع «أوروبات» تتباعد بين بعضها أكثر فأكثر، وهي أوروبا الغربية وأوروبا الشرقية واسكندينافيا والجزر البريطانية.

ستضطر هذه الأقاليم إلى التعايش كما في السابق، ولكن لن يكون بينها علاقات وثيقة كما في الماضي. يدعي التقرير:

«هناك احتمال أن يبقى هناك اتحاد أوروبي بمعنى أو آخر، إلا أن العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية بين بلدانه ستتحدد بالدرجة الأولى بالعلاقات ثنائية الجانب أو علاقات محدودة متعددة الجوانب، وستكون متواضعة وغير ملزمة. قد تحافظ بعض البلدان على عضويتها الثمالية في الاتحاد الأوروبي المتغير، لكنه لن يعود يحدد مجريات الحياة في أوروبا».

ستضطر تركيا والولايات المتحدة إلى العمل على إقامة تحالف وثيق لسبب غير متوقع

عدد من الدول العربية في حالة سقوط حر، ولا يرى مؤلفو التقرير نهاية لهذه الفوضى في المستقبل المنظور.

ستجني تركيا الفائدة الكبرى من هذا الوضع لأنها بلد قوي ومستقر نسبياً تمتد حدودها من شواطئ البحر الأسود حتى سوريا والعراق. يؤكد التقرير أن تركيا لا تودّ التورط في الخلافات قرب حدودها، لكنها ستضطر إلى ذلك في النهاية.

ومع زيادة نفوذ أنقرة وقوتها مقارنة بجيرانها تصبح تركيا شريكاً ثميناً بالنسبة للولايات المتحدة. إلا أن تركيا تريد أن تحصل على شيء مقابل ذلك: خط دفاعي ضد جارتها على الشاطئ المقابل للبحر الأسود التي لديها قواعد عسكرية في أرمينيا المجاورة. ستسعى تركيا إلى ضمان دعم الولايات المتحدة في موضوع إخراج قوات موسكو من الإقليم المتاخم لتركيا. يقول مؤلفو التقرير:

«ستبقى تركيا محتاجة إلى مشاركة الولايات المتحدة لعدد من الأسباب السياسية والعسكرية. لن تخذلها الولايات المتحدة، ولكن هذا سيكون له سعره: المشاركة في الحد من طموحات روسيا. لا تأمل الولايات المتحدة أن تتخذ تركيا دور بلد محارب ولا تريد أن تأخذ هذا الدور لنفسها. إلا أن الولايات المتحدة تريد الحصول على دعم معين في إقليم البحر الأسود».

ستواجه الصين مشكلة واحدة ضخمة

من المحتمل أن الصين على عتبة عقد صعب نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي مما يؤدي إلى زيادة الاستياء من الحزب الشيوعي الحاكم. لكنه لن يلجأ إلى تحرير الاقتصاد، وهذا يعني أن الطريقة الوحيدة للسيطرة على الفوضى المتزايدة والحفاظ على السلطة هي زيادة الصرامة في السياسة الداخلية.

تواجه بكين مشكلة أخرى قد تكون أكثر خطورة: يتصف النمو الاقتصادي في الصين بتوزع غير متساوٍ، فالمدن الساحلية تزدهر، أما المناطق الداخلية فإمكانياتها في الوصول إلى الأسواق الخارجية أقل، ولذا فهي أفقر بكثير.

وهذه المشكلة لن تستمر إلا بالتفاقم لأن التحضر في الصين ماضٍ على قدم وساق. يقول التقرير:

«إن الأمل في نمو المناطق الداخلية الواقعة إلى الغرب من دلتا يانغتسي المتحضرة بنفس وتيرة نمو المناطق الساحلية ضئيل جداً».

وتزايد الفروق بين مختلف المناطق قد يمهد لانشقاق أعمق وأخطر.

كما يشير التقرير، كانت الفروق الإقليمية سبباً مستمراً للفوضى طوال كامل تاريخ الصين، وهناك سيناريو قليل الاحتمال، لكنه وارد، «لتطور الأحداث نحو تضارب المصالح بين المناطق الساحلية وسياسة بكين في نقل الثروات إلى المناطق الداخلية للسيطرة على الاستياء فيها».

ستصبح اليابان القوة البحرية المنبثقة في آسيا

إن اليابان، بصفتها دولة واقعة على الجزر، لديها تقاليد بحرية عريقة، وهي معتمدة على الاستيراد.

تقوم الصين ببناء أسطول حربي جبار خاص بها، وقد تصبح أكثر عدوانية في مسألة السيطرة على مسارات الملاحة في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي والمحيط الهندي التي تعتمد عليها اليابان.

لا يبقى لدى اليابان من خيار سوى استعراض القوة في هذا الإقليم لمواجهة الصين وحماية طرقات الإمداد والتموين.

في حال خمود نفوذ الولايات المتحدة ستضطر اليابان إلى القيام بهذا بمفردها. يكتب مؤلفو التنبؤ:

«تعتمد اليابان حالياً على الولايات المتحدة فيما يتعلق بسلامة مسارات الملاحة؛ ولكن باعتبار أننا نتنبأ بأن أمريكا ستتوخى الحذر في موضوع المشاركة في الشؤون الخارجية وباعتبار أنها لا تعتمد على الاستيراد، فهناك علامة استفهام على الثقة بالولايات المتحدة، ولذا سيلجأ اليابانيون إلى زيادة قوة أسطولهم البحري في السنوات القريبة».

لن تصبح الجزر في بحر الصين الجنوبي سبباً مباشراً للحرب، إلا أن هناك ثمة صعوبة أخرى

سوف تقرر الدول الإقليمية أن الجدال حول الجزر في بحر الصين الجنوبي لا يستحق تصعيد المواجهة العسكرية، لكنه سيصبح مصدر ديناميكا خطرة. يؤكد التقرير:

«لن يكون الصراع على الجزر الصغيرة التي تنتج طاقة رخيصة وغير مربحة المشكلة الرئيسية في الإقليم. على الأغلب، ستعود إليه اللعبة القديمة بين ثلاثة أطراف. سوف تتناقص قدرة روسيا ذات القوة المتدهورة على الدفاع عن مصالحها البحرية، وسيكون من مصلحة الصينيين واليابانيين الاستيلاء على هذه المصالح قبل أن يستفيد الطرف الآخر منها».

تعود ديناميكا المواجهة بين الدول العظمى إلى شرق آسيا؛ ولو أن هذا قد لن يؤدي إلى نزاع مسلح في بحر الصين الشرقي أو الجنوبي.

سيظهر 16 صيناً صغيرة

سيتباطأ اقتصاد الصين ويتوقف نمو الإنتاجية، وهذا في الواقع خبر جيد بالنسبة لعدة بلدان: الصناعات الأبسط التي استخدمتها الصين من أجل التسارع تهاجر إلى 16 بلداً نامياً يبلغ مجموع سكانها 1.15 مليار نسمة.

ولذلك سوف تشهد المكسيك ونيكاراغوا وجمهورية الدومينيكان وبيرو وأثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا وبنغلاديش وميانما وسري لانكا ولاوس وفييتنام وكمبوديا والفلبين وإندونيسيا تحسناً في وضعها الاقتصادي فيها في السنوات العشر القادمة نتيجة انتقال الإنتاج إليها في حين يتباطأ النمو في الصين مؤدياً إلى عواقب سياسية واقتصادية لا يمكن التنبؤ بها.

سيتقلص نفود الولايات المتحدة الأمريكية

بما أن العالم سيصبح في السنوات العشر القادمة أكثر فوضويةً وأصعب تنبؤاً، ستتغير طريقة استجابة الولايات المتحدة للتغيرات، حيث ستكون أكثر رشداً في انتقاء مهامها ولن تأخذ على عاتقها الدور القيادي الفاعل في حل المشاكل العالمية.

وبصفتها البلد الذي يتصف بالنمو الاقتصادي وازدياد إنتاج الطاقة المحلي وتناقص حجم الصادرات وبحكم توضعها في أكثر مناطق العالم أماناً واستقراراً، ستحاول الولايات المتحدة بالدرجة الأولى أن تحمي نفسها من الأزمات الكامنة.

ومع أن تقلص دور الولايات المتحدة في السياسة سيجعل العالم أصعب تنبؤاً، هذا هو الواقع الذي ستلمسه البلدان الأخرى. يقول التنبؤ:

«ستبقى الولايات المتحدة الدولة العظمى في العالم اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، إلا أنها انخراطها في السياسة العالمية سيكون أقل من السابق. سيكون ذلك عالماً غير مستقر، وستتغير السلطة في الكثير من الأقاليم. وسيبقى الثابت الوحيد هو أن البلد سيكتسب مزيداً من الحكمة، واستخدامه للقوة سيصبح أقل تواتراً وأقل تجلياً خلال السنوات العشر القادمة».

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق