ساعة أبل محكومة بالنجاح
الصفحة الرئيسية تحليلات

يتحدث ديفيد فرينكل الشريك المدير لصندوق الاستثمار Founder Collective عما يضمن شعبية ساعة أبل.

ينوي مشروع ساعة أبل تحويل المنتج الأسطوري للكمبيوترات إلى ماركة موضة رسمية أو إلى فشل ذريع، حسب المصادر التي تقرؤونها. تنبأ مارك ويلسون من Fast Company أن ساعة أبل ستفشل. لا أتفق معه أبداً، وبما أنني من عشاق التقنيات أنتظر بفارغ الصبر اللحظة التي أستطيع فيها اقتناءها؛ وبصفتي مستثمراً أعتقد أن هذا المشروع لا يقتصر على تنشيط موجة المشاريع الرائدة الحالية، إنما يؤسس منصة للموجة القادمة من المشاريع بمليارات الدولارات. وإليكم بعض أفكاري عن هذا الموضوع.

اقتصاد الوحدة سوف يشجع النظام البيئي

لكي تحصل أبل على مليار دولار من الأرباح عليها أن تبيع 1658595 آيفون بسعر متوسط 602.92 دولار. ولكي تكسب نفس المليار من بيع الساعات يجب أن تبيع فقط 58824 وحدة بسعر حوالي 17 ألف دولار. يفترض تحليل السوق الذي أجراه بينيديكت إيفان أن عشرات الملايين من الساعات ستباع بسعر أعلى من ألف دولار بالإضافة إلى مئات الملايين بأسعار بين مئة دولار وألف دولار.

قد يبدو سعر 17 ألفاً مقابل ساعة مجنوناً، ولكن يوجد في الولايات المتحدة 536 ملياردير و7.135 مليون مليونير، وفي الصين 213 ملياردير و2.378 مليون مليونير. ومن يتوقعون إفلاس أبل يبخسون تقدير عدد الأثرياء الجدد الذين صار لديهم فجأة غرض يجب أن يقتنوه حتماً للتعبير عن النفس، ولتحترس LVMH وRichemont. أغنى مالكي غازبروم وسينوستيل ونجوم هوليوود الذين يسعون لإبراز أنفسهم يضمنون لأبل أرباحاً بالمليارات مباشرة.

ساعة ذهبية لمنتصف العمر

لا يجب كذلك بخس تقدير تأثير المعدن. أصبحت Misfit Shine صرعة في سوق أجهزة متابعة اللياقة المكتظ أساساً، ويعزو مؤسس الشركة سوني فو جزءاً من النجاح إلى كون الجهاز مصنوعاً من معدن ومظهره مظهر جهاز جدي.

وتقوم أبل بتوسيع هذا التصور: فكبار الإداريين الذين لا يأبهون لسوار مطاطي وردي يعدّ الخطوات يرتدون سوار ذهب وردي على معصمهم. كما يمكنهم استقبال الإخطارات خلال الاجتماعات دون أن يضطروا إلى إخراج الهاتف الجوال بحركة قد تعتبر وقاحة أثناء الاجتماع.

نشأ الجيل الأصغر في وسط لا تعتبر فيه الساعة ضرورة، ولكن أولئك من سبقهم في الترقي من منصب إلى آخر اعتادوا أن يعتبروا الساعة رمزاً للمقام، حيث كانت ساعة جديدة تشير إلى ترقية أو صفقة ناجحة. وكانت ساعة الذهب تهدى خلال حفل وداع للمتقاعدين بعد سنوات طويلة من العمل. وهذه الأعراف الاجتماعية، مشفوعة بسعر فوق الوسط، يمكن أن تجعل من ساعة أبل أول منتج كبير عالي التقنية يحظى بالشعبية سواء عند الجيل الأكبر أم عند الشباب.

حقل تشويه الواقع موجود في الواقع

يبني ويلسون مقالته على حجة قوية مفادها أن العالم ليس جاهزاً لقبول ساعة أبل، ويقارنها بجهاز شبيه بساعة طرحته DisneyWorld مؤخراً، حيث يستطيع ميكي ماوس في سوار قابل للتخصيص الشخصي أن يدعوك باسمك، كما يمكن أن يعمل كمفتاح غرفتك في الفندق. أما أبل فلن يكون فيها غالباً هذا المستوى من التكامل الموجود في هذا الصندوق الجلدي المصبوغ.

إلا أن هذا بخس تقدير قوة مجتمع المطورين في أبل. تشهد الشركات في محفظتنا بأنك إن لم تكن تعمل على تطوير تطبيق لساعة أبل فلن يتحدث فريق Cupertino معك.

يخشى البعض أن ساعة أبل لا يوجد فيها أي وظيفة تنفرد بها وتميزها عن الهاتف الذكي. ولكن الكثير من التطبيقات الشهيرة من أجل آيفون كانت عبارة عن تسالي دعائية. هل تتذكر كيف كان يجب أن تهز الآيفون ليعطيك توصية بمطعم عشوائي؟ قد تثير مثل هذه الأدوات البدائية السخرية إذا نظرت إليها من المستقبل، ولكن بعد أقل من سنة بعد صدورها نشأت Uber.

كانت الكمبيوترات الشخصية وكمبيوترات ماكينتوش والهواتف الذكية في أول ظهورها منتجات متخصصة لا يحصل عليها إلا بضعة ميسورين محظوظين، والنقاد الذين استوفوا تاريخ مشغل الموسيقا Creative Zen على مستقبل iPod يحاولون الآن استيفاء تاريخ ساعة Pebble ويقولون أن «سوق الساعات الذكية محدود جداً».

أتفق مع كريس ديكسون أن ResearchKit صفة مميزة للإمكانيات الجديدة للساعة المدمجة بالهاتف، وأعتقد كذلك أن هذه ليست إلا بداية، وأن المجموعة العالمية من المبرمجين الذين يطورون برمجيات من أجل ساعة أبل (علماً أنهم يعملون بجد في الحاضر) ستبقى تنتج تطبيقات رهيبة أكثر وأكثر.

أبل تنفرد في ملاءمتها لهذا المشروع

كتب كريستوفر ميمس الصحفي ذو الذكاء المتقد الذي يكتب في عمود التكنولوجيا في Wall Street Journal، كتب تغريدة حكيمة مفادها أن العالم ينتظر ظهور ساعة ذكية. لا يبدو أن هذا تحول حديث، بل هناك شعور أنه ذروة لموضعة استمرت 15 سنة.

تصميم البرمجيات عند أبل لا يضاهى، وخدماتها التي كثيراً ما تلقى النقد جيدة بما يكفي. لديهم قناة تسويق ذات ملايين المطورين، وماركتهم موثوقة (من قبل ماركات أخرى والمستهلكين معاً) فتجتذب حشداً من كبار الشركاء لإطلاق المشاريع في سوقهم. وفي حال النجاح ستكون نقاط البيع التابعة للشركاء خير استثمار ممكن للماركات الأخرى، فمن الواضح أن BestBuy غير مجهز لبيع ساعات بسبعة عشر ألف دولار.

والأهم من ذلك، أبل لديها جوني آيف. استطاعت أبل خلال العقد الأخير أن تبني له سمعة فنان وهي تروي قصة جميلة عن ابن صائغ موهوب وتعطي وقتاً غير محدود له في عروض الفيديو ليشرح الغرض من كل صغيرة. أظن أن صدور مقابلات حصرية مع المسؤول الرئيسي عن الأسلوب في أبل في مجلتي New Yorker وVanity Fair وليس في المجلات المختصة بالتكنولوجيات الحديثة لم يكن صدفة. ركزت الدعايات الأسطورية لأبل على التفكير المتميز، ولكن آيف حالياً، مثلما كان جوبز يفعل قبله، يقود حملات بارعة لموضعة أبل على أنها «شركة الفن الكبير». تدرس الشركة المنحنيات كما تركز Louis Vuitton على الدرزات. موضعة الساعة تشبه الموضعة الاستراتيجية لشركة مرسيدس بنز: ستدفع في كل الأحوال مبلغاً ضخماً مقابل الفئة S، ولكن ماركتنا/ منتجاتنا/ جودتنا متوفرة أيضاً في الفئة А. رفاهية متاحة بمقاييس تفوق التصورات.

يعبر بعض الناس عن الاشمئزاز عندما يسمعون أن أبل ستبيع ساعتها بسبعة عشر ألف دولار، ولكنهم كانوا سيضحكون لو أعلنت جوجل عن شيء مماثل.

الساعة الواقفة تعطيك الوقت الدقيق مرتين كل يوم

علينا أن نعترف بأن النقاد لديهم نظرة ثاقبة: هناك عدد من المطبات التي كان من الممكن أن تتعثر أبل بها. الشركة لها سوابق خروج إلى أسواق مليئة بسلع مقبولة وإن لم تكن متميزة. كان كل من يفهم بالتكنولوجيا يدرك في سنة 2006 أن إدخال الإنترنت إلى الهاتف سيغير جميع قواعد اللعبة. كانت المنتجات مثل Sidekick أو Treo سرابات مثيرة، ولكن مهندسي أبل من المستوى العالمي والذواقين حولوها إلى واقع. وحدث الشيء نفسه سابقاً مع iPod.

إلا أن تلك كانت منتجات ظهرت بعد أن اخترعت أبل الكمبيوتر الشخصي بقليل أو ارتبطت بهذا الاختراع. قارن ذلك مع الساعة التي يستعملها الناس منذ القرن السادس عشر. الساعة تعكس شخصية مالكها. الساعة تورث من جيل إلى جيل. إنها جوهرة. إنها تعبير عن النفس. خلال الثلاثين سنة الماضية وظيفتها الرئيسية أصبحت ثانوية.

لا تصلح أبل الأغراض المكسورة بل ترفع الأسواق الفاسدة التي ابتعدت كثيراً عن المستهلك. ضاق الناس ذرعاً بكمبيوترات Wintel Dell متدنية الجودة المصممة لتلبية جميع متطلبات مديري المعلوماتية الذين يشترون القمامة لمؤسساتهم؛ فوضعت أبل معياراً جديداً للكمبيوترات المحمولة التي كانت تباع مباشرةً للمثقفين المحترمين فاستولت على كل أرباح قطاع الكمبيوترات الشخصية. كان سوق الهواتف عبارة عن تآمر بين منتجيها ومقدمي خدمات الاتصالات ضد المستهلك قبل أن تنقضّ أبل عليه.

عالم الكماليات عالم آخر، فهو مليء بماركات مرغوبة تشبه بعضها. Rolex. Breitling. Omega. شركة Richemont، الشركة الأم لـ Cartier، تبلغ قيمتها السوقية 40 مليار دولار ترتكز على الساعات فقط. الغريب أن أبل عندها اهتمام شاذ بهذا السوق. موديلات ساعة أبل متنوعة أكثر من أي منتج آخر، ولكن حتى لو أخذنا في الحسبان التوسع في عدد الموديلات لن تستطيع إرضاء كل الأذواق الممكنة. مع أننا راضون عن التشابه في عالم الهواتف، لا نعرف هل تستطيع أبل التعويض عن المكونة الانفعالية لارتداء ساعة.

سبّب إعلان أبل الهياج عند البعض ولم يؤثر على البعض الآخر. نحن في Founder Collective نشبه الأطفال المنفعلين المتلهفين. لا أعتقد أن الشخص الذي لا ينفعل لحماس الآخرين يستطيع أن يعمل مستثمراً أو رجل أعمال (وهذا التخمين ممتع!)

طبعاً، إذا عشنا نرى، ولكن إن كنت تكره أبل، حاول أن تجري تجربة ذهنية: ما سيكون مصير ساعة أبل باعتبار أن الشركة نجحت في كل مشاريعها الباقية؟ إن كان عندك جواب مدعوم بحجج سوف نسعد أن نخصص وقتاً للاستماع إليه.

المصدر: Medium

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق