هل نحن بحاجة إلى الجامعة العربية؟
Hani Mohammed/AP Photo
الصفحة الرئيسية تحليلات

تقوم المملكة العربية السعودية والتحالف السني بقمع ثورة المتمردين الشيعة في اليمن.

إذا كنت تصدق النكتة الأمريكية القديمة"الوحدة العربية" فهي مجرد تناقض في اللغة كما هو الحال مع "قوات حفظ السلام". إذا نظر إلى هذا البيان ليس كمفتاح للعنصرية بل كنقد للعروبة، فهو صحيح لوقتنا الحاضر أيضا. لكن قد يكون لدى البيان الصادر عن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن تحقيق اتفاق "مبدئي" حول إنشاء جامعة الدول العربية للقوات المسلحة العامة معنى آخر. نظرا لأن الانتصار على "الدولة الإسلامية" من خلال الضربات الجوية حصريا هو أمر غير مرجح فإن الولايات المتحدة الأمريكية على ما يبدو قد تنظر إلى ذلك كخطوة مواتية. تماما مثل إسرائيل.

إن مسوغ هذا الاقتراح هو رغبة مصر بأن تستعيد وضعها في العالم بعد "الربيع العربي" و رغبة المملكة العربية السعودية في منع توحيد النظام المدعوم من قبل إيران في اليمن .

دعونا نبدأ من مصالح مصر.ليس من قبيل المصادفة أن البيان حول نتائج قمة جامعة الدول العربية في شرم الشيخ قد أعلن من قبل السيسي . والسبب ليس فقط أنه على رأس البلاد المشاركة في هذه القمة. إن أحد أهداف السيسي السياسة الدولية هي تأكيد مشروعية سلطته بعد أن أطاح الانقلاب العسكري بحكم الرئيس محمد مرسي المنتخب ديمقراطيا.

إن الوحدة العسكرية في العالم العربي تحت قيادة مصر هي ذو قيمة رمزية بالنسبة للمصريين . تاريخيا كانت مصر هي العنصر المركزي في العروبة العسكرية.قد حقق جمال عبد الناصر الهيبة و النفوذ الدولي لبلاده من خلال نشر الوجود العسكري وفي نفس الوقت من خلال تحديد مصر كمركز للعالم العربي جغرافيا و جيواستراتيجيا. لفترة قصيرة من الوقت من عام 1958 إلى عام 1961 لقد نجح ناصر في تحقيق حلف مع سوريا غير المشاركة بحدودها مع مصر والذي كان تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة.

ونلاحظ أيضا علاقة مع اليمن. في عام 1962 بعد تفكك الوحدة الضباط ساندوا ناصرأطاحوا يالملكية الموجودة في اليمن في ذلك الوقت وأعلن عن إنشاء الجمهورية العربية اليمنية. خلال الحرب الأهلية التي تلت ذلك كانت القوات المصرية في غضون خمس سنوات تدعم الجمهوريين في شمال اليمن في مكافحتهم للملكيين الذين كانوا مدعومين من قبل المملكة العربية السعودية والأردن.

في هذه المرة تتطابق مصالح السعودية مع مصالح مصر. إن الثوار الحوثيين الذين يسيطرون حاليا على صنعاء ينتمون إلى الحركة الدينية الزيدية. تختلف عقيدتهم عن عقيدة الشيعة الاثنا عشرية في إيران و "حزب الله" في لبنان ولكن هم أيضا شيعة و يعترفون بسلالة الخلافة البادئة من علي بن أبي طالب، ابن عم و صهر النبي محمد (زيد بن علي كان حفيد علي بن أبي طالب).

إن هذه الروابط متينة بما فيه الكفاية لكي تقوم إيران عن طيب خاطر بتقديم دعمها للحوثيين. بالطبع، إن سبب الدعم هو جيوسياسي إلى حد أكبر من كونه ديني. إيران تعتبر المملكة العربية السعودية خصما لها على الجانب الآخر من الخليج العربي وأي دعم من شبه الجزيرة العربية يمكن أن يستخدم ضد المملكة العربية السعودية. في أي حال إن الجمهورية الإسلامية في إيران لا تشترط تطابقا تاما للمذهب الشيعي عند اختيار حلفائها في العالم العربي.

وعلى النقيض من ذلك، إن النظام في اليمن المدعوم من قبل إيران، لا يصب في مصلحة المملكة العربية السعودية بتاتا. وهذا هو ما تسبب في تفجير صنعاء بهدف إخراج الحوثيين منها.

Hani Mohammed/AP Photo

بينما من خلال منظور إقليمي يتكون انطباع بأن المملكة العربية السعودية وإيران تخوضان حرب الدمى في اليمن.

يمكن للمملكة العربية السعودية أن تستفيد فقط من اتحاد مصر وغيرها من السنة في محاربة الحوثيين. من ناحية، مع وجود دعم خارجي، يبدو نضالهم أكثر شرعية. و من ناحية أخرى، ذلك يظهر لإيران أنه يوجد لدى المملكة العربية السعودية حلفاء آخرين في العالم العربي السني.

لربما لما كان لهذا الصراع بين السنة والشيعة أي أهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية لولا الدولة الإسلامية. في نهاية المطاف إن هيبة الدولة الإسلامية وقدرتها على استقطاب المزيد من المؤيدين إلى صفوفها تعتمد على قدرتها في الحفاظ والتحكم. بالنسبة للدولة الإسلامية سيكون فقدان الأراضي انهيارا أيديولوجيا وماديا. حتى الآن لم تستطع الولايات المتحدة أن تحقق هذا الهدف الاستراتيجي من خلال القصف.

من المرجح أن تتطلب قوات برية من أجل القضاء على داعش . لقد تم تحقيق بعض النجاح من قبل ميليشيات البيشمركة الكردية المسلحة وكذلك من قبل الميليشيات الشيعية العراقية المدعومة من قبل إيران.

في نهاية المطاف سوف تتطلب هزيمة الدولة الإسلامية في سوريا، قوات عربية سنية برية. لكن السعودية لا تريد أن تزود قواتها في حال لم تقم بذلك دولة أخرى. الأردن على الرغم من الضربات الجوية على الأهداف في أراضي داعش أيضا غير مستعدة أن تقدم القوات الرئيسية لخوض العمليات العسكرية البرية.

إذا كان التعاون العسكري بين مصر والمملكة العربية السعودية والأردن في اليمن ناجحا فعندها ستتمكن مصر من أن تقوم بتعيين هيئة رئيسية للقوات البرية من أجل محاربة الدولة الإسلامية. بذلك، سوف تحصل مصر على أموال من المملكة العربية السعودية و لكن الأهم من ذلك بهذه الطريقة سوف يتمكن عبد الفتاح السيسي من استرداد هيبة مصر الدولية التي قد انخفضت في العقود الأخيرة بشكل ملحوظ. كما قد يؤكد ذلك على شرعية الحكومة و يقدم مهمة عسكرية للجيش المصري التي من شأنها أن تسمح للرئيس أن يعزز سيطرته على القوات العسكرية.

من غير المرجح حدوث أي اعتراضات حتى من قبل إسرائيل . لدى مصر والأردن اتفاقية سلام مع إسرائيل و المملكة العربية السعودية قد أظهرت استعدادا لمثل هذه الاتفاقية في الماضي. من الواضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرى إيران كتهديد رئيسي من الناحية الجيوسياسية. في الصراع بين السنة والشيعة إسرائيل على ما يبدو هي أكثر ميلا لأن تقف بجانب السنة.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق