الأمس تم التوصل إلى الاتفاقية المنتظرة للحد من البرنامج النووي الإيراني. إلى أين سيؤدي هذا؟
تم التوصل إلى الاتفاقية حول تقييد البرنامج النووي الإيراني بإتباع إحدى أقدم الأسس الدبلوماسية: "لتكن وعودك قليلة وأفعالك كثيرة". ففقط بساعتين قبل التصريح المشترك بين ممثلي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإيران يوم الخميس في لوزان كان الكثيرون يفترضون أنه لن يتم الإعلان إلا عن نية استئناف المحادثات.
بدلاً من هذا تم تقديم مجموعة واسعة من المعلمات المقيدة للبرنامج النووي الإيراني ذات معايير قابلة للقياس وخطة عمل لمراقبة الالتزام بالاتفاقيات التي هي شرط رفع العقوبات.
سمى باراك أوباما هذا الاتفاق بـ"التاريخي"، ولكن ينبغي الأخذ بالحسبان الأمور الثلاثة التالية:
- أولاً تم التوصل إلى الاتفاق ليس فقط بين الولايات المتحدة وإيران، بل وكان من بين أطراف الاتفاق كذلك أربعة أعضاء دائمين في مجلس الأمن لهيئة الأمم المتحدة وألمانيا،
- ثانياً الاتفاقية غير نهائية بحكم تسميتها: "معلمات خطة العمل المركبة المشتركة بخصوص البرنامج النووي لجمهورية إيران الإسلامية"،
- ثالثاً تحتوي الاتفاقية على الكثير من الشروط والقضايا غير المحلولة كسرعة رفع العقوبات وحجم تقدير القدرة الحربية للبرنامج النووي الإيراني الخ..
مهما كان الأمر إن حجم وقدرة الخطة مشجعة. لن يسن كونغرس الولايات المتحدة أية قوانين التي تفرض عقوبات جديدة أو شروط المفاوضات مع طهران أو قيد بأية طريقة أخرى لأفعال الرئيس.
كثير من النواب ينقدون تصرفات أطرف المفاوضات، كما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أيضاً تكلم عن ذلك بحدة شديدة. الغرض الأساسي لدى النقاد هو القضاء على الطاقات الإيرانية لتخصيب اليورانيوم. ولكن تعذر الوصول إلى ذلك خلال العقد الكامل من المحادثات الدبلوماسية والتشديد التدريجي للعقوبات. حتى العملية العسكرية الدموية وغالية الثمن لا تضمن النجاح.
على الأقل تخفف الاتفاقية على الورق كثيراً من الخطر بأن إيران ستنشئ السلاح النووي سراً. يتوجب على طهران أن تقلل كثيراً من عدد أجهزة الطرد المركزي واحتياطات اليورانيوم وكذلك إزالة أو إعادة توظيف بعض المنشآت النووية الأكثر إشكالية. تفرض الاتفاقية القيود على تطوير التكنولوجيات النووية وتوفر التفتيش الدولي المنتظم وفي بعض الحالات خلال 25 سنة.
حسبما قال باراك أوباما في نتيجة تنفيذ هذه التدابير ستزداد كثيراً الفترة الزمنية يسنح من خلالها لإيران جمع بما فيها الكفاية من الخامات لإنتاج أسلحة نووية. الآن تبلغ هذه الفترة شهرين أو ثلاثة وفي حال تنفيذ الاتفاقية ستزداد عن سنة.
خلال تسعين يوماً سيكون على الأطراف تنسيق كمية هائلة من النواحي المثيرة للجدل (مثلاً فترة الاتفاقية الانتقالية حول تجميد البرنامج النووي الإيراني ستنتهي في 30 يونيو عام 2015). إذاً متى بالذات ينبغي على إيران إزالة جزء من المنشآت النووية؟ متى وكيف سترفع العقوبات؟ كيف يجوز فرضها من جديد في حال إذا لم توف إيران بوعودها؟
بمقدور الكونغرس توضيح هذه القضايا وأمثالها خلال جلسات الاستماع والاستشارات وكذلك بطريقة استحسان سياسة الإدارة الأمريكية أو الامتناع عن دعمها. يحق للنواب بل وحتى يتوجب عليهم توضيح نقاط الضعف في الاتفاقية التمهيدية حول البرنامج النووي الإيراني، كما وينبغي عليهم تقديم الخطة الواقعية للتوصل إلى النتيجة المرغوبة بنفس الثمن أو بأقل منه.