المعركة تبدأ في اليمن
الصفحة الرئيسية تحليلات

الهجمات الجوية على اليمن هي ضربة تاريخية وقاتلة للمملكة ومنطقة الشرق الأوسط.

من الذي قرر أن هذه المعركة غير العادية يجب أن تخاض في أفقر الدول العربية؟ الملك السعودي، الذي يشاع على نطاق واسع في العالم العربي عن عدم قدرته على اتخاذ قرارات دولية؟ أو الأمراء داخل الجيش السعودي الذين يخشون من أن قوات الأمن الخاصة قد لا تكون موالية للنظام الملكي؟

«قصة» اليمن تبدو بسيطة. المتمردين الحوثيين، الذين هم من المسلمين الشيعة، استولوا على العاصمة صنعاء مع مساعدة السعوديين الداعمين للإيرانيين. وقد هرب الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي إلى العاصمة السعودية الرياض من مقره في العاصمة اليمنية الجنوبية المسبقة عدن. فإن السعوديين لن يسمحوا تعيين وكيل للدولة الإيرانية بالقرب من حدودهم و لكنهم ينسون دائما أن لديهم وكيل وهو الدولة الإيرانية في العراق على حدودهم الشمالية، كنتيجة للغزو الأنجلو-أمريكي للعراق عام 2003. «القصة» الحقيقية أكثر أهمية.

ربما نصف الجيش السعودي هو من أصل القبائل اليمنية. الجنود السعوديين مرتبطون بشكل وثيق من خلال أسرهم باليمن، وثورة اليمن هي طعنة في بطن العائلة المالكة السعودية. لا عجب بأن ملك السعودية سلمان (إذا كان فعلا يحكم أمته) يرغب في جر هذه الأزمة إلى نهايتها. ولكن هل ستساعد غاراته على صنعاء في سحق التمرد الشيعي؟

عضو مسلح للميليشيات الحوثية يقف في أنقاض المنازل التي زعم أنها دمرت في غارة جوية سعودية (EPA)

يمكننا أن نفهم كيف تبدو الأمور من الرياض. في الشمال، يقوم الشيعة من الحرس الثوري الإيراني بمساعدة الحكومة العراقية المهيمنة في معركتهم ضد السنة من داعش. إلى الشمال الغربي حيث يساعد الحرس الثوري الإيراني الحكومة من العلويين برئاسة بشار الأسد في القتال ضد داعش والنصرة وأيا كان مما يسمى ب «الجيش السوري الحر». حزب الله الشيعي من لبنان يقاتلون إلى جانب جيش الأسد. كما يفعل المسلمون الشيعة من أفغانستان الذين يرتدون لباس الجيش السوري. تدعي المملكة العربية السعودية أن الإيرانيين في اليمن يدعمون الحوثيين. غير وارد. ولكن مما لا شك فيه أن أسلحتهم موجودة في اليمن.

هذا الواقع لم يسبق له مثيل في التاريخ العربي الحديث وهو تحالف المسلمين السنة من 10 دول (بما في ذلك باكستان غير العربية) ومهاجمة دولة عربية أخرى. هل السنة والشيعة في الشرق الأوسط الآن في حالة حرب مع بعضهم البعض في العراق، في سوريا واليمن. وباكستان قوة نووية. فيما تشمل جيوش البحرين ودول الخليج جنودا باكستانيين. كان هناك باكستانيين من بين القتلى في المعركة الكبرى الأولى ضد القوات العراقية في حرب الخليج عام 1991.

ولكن بالفعل، المعركة من أجل اليمن تقسم الدول العربية الأخرى. في لبنان مثلا قد دعم رئيس الوزراء السابق السني سعد الحريري القرار «الشجاع والحكيم» للملك سلمان لمهاجمة اليمن. الحريري ليس سنيا فقط بل هو أيضا مواطن سعودي. لكن حزب الله الشيعي، الذين يعارض التدخل السعودي، سمى الهجوم السعودي «مغامرة غير محسوبة». وقد تم اختيار هذه الكلمات بعناية. هي بالضبط الكلمات المستخدمة من قبل السعوديين ضد حزب الله بعد أن أسروا ثلاثة جنود إسرائيليين في عام 2006، عمل سياسي غبي بدأ بسببه القصف الإسرائيلي على لبنان في ذلك العام.

المعركة من أجل اليمن تقسم الدول العربية (AFP/Getty)

الأميركيون لا يعرفون ما يجب القيام به. لا يمكنهم أن يقدموا للسعوديين المساعدة العسكرية المباشرة (المحادثات النووية مع إيران هي أكثر أهمية) وهكذا يقومون بالدعم اللفظي اللين للملك سلمان لتهدئة حلفائهم السنة وتجنب غضب الإيرانيين. ولكن كلما اقتربت الصفقة النووية بين الولايات المتحدة وإيران كلما قام أكبر شركاؤها في العالم العربي بكشف أدوات الضغط على أمريكا. ما دفع السعوديين إلى المغامرة الغير عادية في اليمن لم يكن اقتراب الحوثيين من عدن ولكن اقتراب الاتفاق الأمريكي الإيراني في لوزان.

قد يدعو حزب الله الهجمات السعودية «مؤامرة سعودية أمريكية» و هي عبارة يبالغ في استخدامها و لكنها تحتوي على بعض الحقيقة والواقع الواضح لكل عربي هو أن السعوديين المسلحين (كما يقول الكثيرون) من قبل الولايات المتحدة مستعدين بشكل واضح لاستخدام القوة العسكرية ضد دولة عربية أخرى بدلا من استخدامها ضد العدو القديم الموجود شمالا. عند الاستماع إلى خطابات السعوديين قد تعتقد أنهم يقصفون إسرائيل.

التاريخ قد يقول أن الهجمات على اليمن هي بداية لحرب أهلية كبرى بين السنة والشيعة في الشرق الأوسط. هذا من شأنه أن يرضي الغرب وإسرائيل في الاعتقاد بأن العرب هم في حالة حرب مع أنفسهم. ولكن قد يكون من الصحيح أيضا أن هذه هي آخر محاولة من قبل السعوديين لإثبات أنهم قوة عسكرية كبرى. في عام 1990، عند وصول جحافل صدام إلى الكويت طلبوا أمريكا الكافرة حمايتهم (لإغضاب أسامة بن لادن). هم أمة وهابية، يعطون ولاءهم (رسميا على الأقل) إلى نفس إيديوجية طالبان و داعش. إن 15 من 19 المهاجمين في 9/11 كانوا سعوديو الأصل. هم من أعطونا بن لادن، الذي ( دعونا لا ننسى) كان أيضا من أصل قبائل يمنية. بعد دعم اليمن، غزو صدام للكويت، طرد السعوديون عشرات الآلاف من اليمنيين من المملكة. انتقاما لخيانتهم. هل كانوا يتوقعون أن اليمنيين الآن سيحشدون لتأييدهم؟

آخر مرة تدخل السعوديون في اليمن عندما قاتلوا الجيش المصري بقيادة عبد الناصر. كان ذلك كارثة. الآن يقف المصريون إلى جانبهم. في الواقع، هناك علامات على أن المصريين قد يقومون بقصف اليمن. ولكن لأي سبب؟ للتأكد من أن اليمن لا يزال يمثل الأمة السنية؟ سيساهم ذلك بتهدئة الميليشيات السنية التي تقصف الجيش المصري في سيناء؟

والأهم من ذلك،هل سيحل ذلك الصراع القادم داخل العائلة المالكة التي لا يظن جمع أمراؤها أن اليمن يجب أن يكون قاعدة السلطة في السعودية ولا أن الوهابية يجب أن تكون المذهب الأساسي لأمتهم. من يكسب من الأزمة اليمنية الجديدة؟ الدول المنتجة للنفط بطبيعة الحال. وهذا يعني المملكة العربية السعودية وإيران.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق