كيف يؤثر عدم الاستقرار السياسي على سوق الأسلحة العالمية.
في القرن الحادي والعشرين خاصة بعد الأزمة المالية عام 2008 لم تعد الولايات المتحدة تحتل المراكز الأولى في التصنيفات. لكن لا تزال تترأس قائمة مصدري الأسلحة ولم تغادر المركز الأول منذ نهاية الحرب الباردة.
في فبراير الماضي في معرض 2015-IDEX الذي تم عقده في أبو ظبي عرضت حوالي 1.2 ألف شركة من 56 دولة منتجاتها .أقمار رصد عالية الدقة وطائرات بدون طيار Reaper وبنادق كلاشنيكوف في انتظار المشترين وبينهم ممثلي الحكومة والجيش. كان هناك كثير من صانعي الأسلحة من الولايات المتحدة لأنها تحافظ على الزعامة العالمية في هذا القطاع.
كانت الولايات المتحدة تسيطر على 31% من سوق تصدير الأسلحة العالمية من عام 2010 حتى 2014. وبلغت حصتها 29% في عام 2005 حتى 2009. نشر هذه البيانات معهد ستوكهولم لأبحاث السلام وهو أشهر منظمة في العالم خاصة في دراسة الإنفاق على الدفاع وجمع الإحصائيات حول تجارة الأسلحة. تحتل روسيا المركز الثاني بنسبة 27% (22% في العام الماضي) وتتبعها الصين وألمانيا وفرنسا وتبلغ حصة كل واحدة منها نسبة 5%.
تزداد ثروة الدول المتنامية كالهند وبعض الدول الإفريقية وتتغير سوق الأسلحة في أعقاب ذلك خاصة في ظروف عدم الاستقرار المتزايد في العالم. اشتداد الصراع المتعلق بالجماعات الغير حكومية في الشرق الأوسط وإفريقيا يخلق أفكارا عن القدرة الدفاعية في المزيد من الدول وهذا يؤدي إلى زيادة الطلب على الدبابات والأسلحة الحديثة خاصة الأسلحة الخفيفة.
تستمر المنافسة الإقليمية بين الهند وجيرانها (باكستان والصين) كما هو في حال السعودية مع دول الخليج وإيران. إن الإيرادات من تصدير النفط والبضائع الأخرى تصرف بسهولة على شراء الأسلحة الجديدة في حين على المدى البعيد من الأفضل إنفاق هذه الأموال على التعليم والصحة وتطوير البنية التحتية. وفقاً لتقديرات مركز أبحاث الكونجرس الأمريكي ارتفعت قيمة مشتريات الأسلحة من 51 مليار دولار عام 2004 لتبلغ 85 مليار دولار عام 2011. وبلغ المبلغ الإجمالي أكثر من 500 مليار دولار خلال ثماني السنوات الماضية.
سيطرة الشركات الأمريكية
Lockheed Martin: Blackbird
حالياً تسيطر الشركات الأمريكية على قطاع صناعة الأسلحة العالمية. ستة من ثماني شركات في الجزء العلوي من قائمة الشركات ذات الدخل الأعلى من الولايات المتحدة. ترأس هذه القائمة شركة Lockheed Martin (NYSE: LMT) التي كسبت 35 مليار دولار من بيع أسلحتها وشركة Boeing (NYSE: BA) في المركز الثاني (31 مليار دولار). أما المركز الرابع والخامس والسادس فتحتله شركة Raytheon (NYSE: RTN) مع 22 مليار دولار وNorthrop مع 20 مليار دولار و General Dynamics (NYSE:GD) مع 19 مليار دولار وتحتل شركة United Technologies (NYSE: UTX) مع 12 مليار دولار المركز الثامن.
من الواضح أنها تحصل على معظم إيراداتها من وزارة الدفاع الأمريكية ولكن تصدير إلى الخارج مهم أيضاً في نفس الوقت لأنه يسمح لهذه الشركات زيادة إنتاج الطائرات المقاتلة والدبابات ونظم الأسلحة الأخرى وهذا يؤدي إلى تحفيض سعر إنتاج المعدات العسكرية ويؤثر بشكل إيجابي على تكاليف البنتاغون ودافعي الضرائب الأميركيين.
على الرغم من أن تصدير الأسلحة مهم جداً لأغراض الأمن القومي والسياسة الخارجية يوفر أيضا فائدة اقتصادية وفرص العمل.
من هو المشتري؟
يتم بيع معظم الأسلحة (48%) في آسيا وأوقيانوسيا، أما دول الشرق الأوسط فتشتري 32% منها ويتم تصدير الباقي 11% إلى أوروبا. وفي الوقت نفسه الهند والصين والجزائر هم أكبر مشتريي أسلحة روسية ويمثلون حوالي 60% من إجمالي الصادرات. بشكل عام ووفقاً لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام يبيع الكرملين أسلحته إلى 56 دولة في العالم.
من الاتجاهات الأكثر إثارة للاهتمام وربما إزعاجا في نفس الوقت هي زيادة تكلفة الدول المتنامية على نظم الدفاع وشراء الأسلحة. أصبحت الهند أكبر مستورد للأسلحة في العالم منذ عام 2010 إلى 2014 وهذا يشكل نسبة 15% من إجمالي الواردات وتليها السعودية والصين والإمارات.
تزيد المبالغ على شراء معدات عسكرية من الشركات العالمية الكبرى لأن بلدان آسيا وإفريقيا تصبح أكثر ثراء.
كانت إفريقيا خلال العقد الماضي مثالاً للنمو الاقتصادي المثير للإعجاب وزاد توريد الأسلحة هناك بنسبة 45%. يرجع هذا جزئيا إلى إيرادات غير المتوقعة كسبتها الدول المنتجة للنفط من بيع الذهب الأسود. في نفس الوقت كان الصراع بين الجزائر والمملكة المغربية والنزاع الداخلي في نيجيريا والكاميرون سبباً لطلب إضافي.
احتلت الصين المركز الثالث في صادرات الأسلحة للمرة الأولى وتجاوز اقتصاد الولايات المتحدة من حيث تعادل القوة الشرائية وهذا يدل على أهميتها المتزايدة على الساحة العالمية ونمو ميزانية الدفاع الصينية الذي يمكن أن يسبب قلقا في الدول المجاورة والولايات المتحدة.
سوق الأسلحة السوداء
تقليدياً كانت الحكومات المشتري الرئيسي للأسلحة ولكن ظهور ونمو منظمات غير حكومية كالقاعدة وبوكو حرام وداعش وحصولها على الأسلحة تسبب قلقا. نادراً مثل هذه المنظمات يمكن أن تشتري أسلحة مباشرة من البلدان المصدرة الرئيسية ولا توجد طبعاً من بين هذه الأسلحة طائرات ودبابات ومدافع ثقيلة.
تحصل الجماعات الإرهابية والمتمردة على الأسلحة بطريقتين. الطريقة الأولى هي تجارة الأسلحة الخفيفة المحمولة غير المشروعة ومنها بنادق اقتحام وقنابل يدوية وقذائف الهاون والألغام والكثير منها متداولة خلال العقود الأخيرة نتيجة للدعم الأمريكي والسوفيتي لحلفائهما أثناء الحرب الباردة.
إن هذه الأسلحة سهلة للتهريب عبر الحدود بفضل فوائد العولمة ومنها النقل والإمداد وتحويل الأموال ووسائل الاتصالات الحديثة. عندما يغرق بلد مثل ليبيا في فوضى الحرب الأهلية يتم توزيع الأسلحة من ترسانتها بين الأطراف المتحاربة وتباع في سوق الأسلحة السوداء.
الطريقة الثانية هي الاستيلاء على أسلحة طرف مهزوم أو منطقة مهزومة. مثلاً تتستلم بوكو حرام إمدادات من بعض ضباط الجيش النيجيري الموالين وتستخدم سهولة اختراق الحدود التي تسمح لها استلام الأسلحة من البلدان المجاورة.
حصلت داعش على كمية كبيرة من الأسلحة من الجيش العراقي وحصلت على سلاح أكثر خطورة بعد الاستيلاء على القواعد العسكرية العراقية. والحقيقة المرة هي أن معظم قتلى الحروب والصراعات خاصة المدنيين هم ضحايا الأسلحة الخفيفة وليس الأسلحة الأكثر تعقيداً المقدمة من الشركات الرائدة مثل Lockheed Martin أو BAE Systems (LON: BA/) البريطانية.
عالم السلاح بعد أحداث 11 سبتمبر 2001
بعد العمليات الإرهابية في 11 سبتمبر غيرت قيادات الجيش أولياتها وأولت المزيد من الاهتمام إلى المنظومات القيادية والاتصالات والحوسبة وأنظمة الاستطلاع بدلاً من الأسلحة التقليدية وهي دبابات وسفن عسكرية وطائرات. في النتيجة بدأت الشركات L-3 Communications (NYSE: LLL), Exelis (NYSE: XLS), Leidos (NYSE: LDOS) غير المشهورة تتقدم في التصنيف العالمي. إنها شركات منتجة لإلكترونيات الطيران والطائرات بدون طيار وأجهزة التشفير وأجهزة الاستشعار وأجهزة الرؤية الليلية وتوريد خدمات تكنولوجيا المعلومات.
بعد الحرب في العراق وأفغانستان عندما خفضت الولايات المتحدة ميزانيتها العسكرية أضافت أغلبية الشركات إلى منتجاتها معدات مدنية أو ركزت على التصدير. ونتيجة لذلك زادت المنافسة للحصول على عقود البنتاغون فكمية الأسلحة المشتراة قليلة وهي غالية جداً.
ولكن يبدو أن الوضع قد تغير بسبب ازدهار الجماعات الإرهابية والحرب في أوكرانيا والمنافسة في آسيا والطموحات النووية لإيران وكوريا الشمالية. تقوم الدول الأخرى راغبة في توسيع نفوذها الإقليمي والعالمي بتحويل قوتها الاقتصادية إلى عسكرية.
في النتيجة ستستفيد شركات صناعة الأسلحة أكثر من الآخرين من ظروف عدم الاستقرار.