المعيار الذهبي للنقد
Leonhard Foeger/Reuters
الصفحة الرئيسية تحليلات

إن جون ناش الذي قضى منذ أيام في حادث سيارة، كان رمز الرياضيات والاقتصاد في القرن العشرين، وحاز جائزة نوبل وجائزة آبيل، وكانت سيرة حياته أساس الفيلم الشهير «العقل الجميل». وعدا ذلك، طرح مفهوم «النقد المثالي» الشهير. تنشر Insider.pro محاضرته المكرسة لهذه النظرية على عدة أجزاء. كان موضوع الجزء الأول هو نظرية «النقد المثالي»، أما اليوم فنتحدث عن المنظور الذي يجب دراسة النقد منه.

الكينزيون

كان فكر جون كينز متعدد الأبعاد، لذا يمكن تصنيف الكثيرين في عداد أتباعه بشكل أو بآخر. وطبعاً، كان بعض أفكاره ذا أساس علمي متين وليس محل خلاف. مثلاً، في بداية عمله العلمي كتب كينز كتاب «دراسة في الاحتمالات». استخدام وسم «الكينزي» سهل، ولكن من الضروري أن يجمع هذه الفئةَ من الناس حلقةُ وصل تسمح بانتقادهم وتميزهم عن أتباع التيارات الأخرى. ولذا لنعتبر أن الكينزية هي مدرسة فكرية ظهرت في ثلاثنيات القرن العشرين، في فترة انخفاض قيمة الجنيه والدولار.

تدعو الكينزية إلى وجود مؤسسات حكومية «تحكمية» كالبنك المركزي ووزارة المالية، مهمتها مراقبة الصالح الاقتصادي دون أن تولي الاهتمام الكبير بسمعة النقد الوطني وتأثيره على سمعة المؤسسات المالية للبلد. وفعلاً، أشهر مقولة كينز هي «على المنظور البعيد كلنا سنموت».

الانتقال إلى المعايير المثلى

نعتقد أن النقد، في حال مقاربته علمياً وعقلانياً (وهذا يصعب تحقيقه سيكولوجياً) يجب أن يكون وسيلة قياس، ومن هذه الناحية يشبه الواط والساعة والدرجة. النقد، بصفته وسيلة لنقل النفعية، يرتبط بطبيعته بفكرة «ألعاب نقل النفعية» من نظرية الألعاب. طبعاً، معروف جيداً أن الاستجابة الكلاسيكية لإمكانية الحصول على نقد ذي عناصر من اللايقين لاخطية كقاعدة، ولذا فإن تابع النفعية لكل شخص لاخطي أيضاً ويعتمد على المبلغ الذي يمكن أن يقبضه.

في نظرية الألعاب نقل النفعية مرغوب به جداً، ولذا الكثيرون ممن يستخدمون وسائل نظرية الألعاب يستبقون الأحداث ويستخدمون نقل النفعية، مع أنها قد لا تناسب جميع الحالات، ومن الاستثناءات الألعاب المنفصلة الصغيرة نسبياً لشركات التأمين الكبرى.

قدمنا في مقالتنا المنشورة مؤخراً في Southern Economic Journal أساساً ممكناً للنقد من النمط «المثالي». هذا الشكل من النقد لن يعاني من «الانحطاط التضخمي»، والكلام هنا عما يشبه المعيار الذهبي، ولكن أساسه لن يكون هو الذهب. هذا المخطط يمكن أن يعمل مع نقد يتصف بصفات مثالية. من جهة أخرى، يصعب تحقيق مثل هذا النظام من الناحية السياسية. يمكن الإشارة إلى المشاكل التي تظهر عند حل مسألة حول إضافة هذا الإقليم أو ذاك إلى منطقة اليورو. مثلاً، الأتراك يريدون الدخول في منطقة اليورو، أما الاسكندنافيون والبريطانيون فغير متأكدين أنهم سيكسبون لو انتسبوا إليها.

الاعتراف بغير قصد

جاءتنا فكرة «النقد المقارب للمثالي» من العبارة التي تكتسب شعبية متزايدة عند الشخصيات الرفيعة المرتبطة بالبنوك المركزية والذين لهم علاقة بالعملات الوطنية. تبدو الفكرة تناقضية، ولكن عندما يتحدث هؤلاء عن «التضخم المستهدف» يعترفون ضمناً بأن التضخم يمكن التحكم به، رغم كل تصريحاتهم عن الصعوبات والمشاكل في عملهم، وذلك بالتحكم بعرض النقد، كما لو حددنا عدد نسخ قطعة فنية.

في البداية شاعت هذه العبارة في نيوزيلندا، وهي من الدول التي عمْلَتُها ذات القيمة الأشد انخفاضاً، هي والولايات المتحدة وكندا وأستراليا. نلاحظ أن في نيوزيلندا لم يكن انخفاض قيمة العملة الوطنية ناتجاً عن أزمة الفقر، ولكن الفكر الكينزي حصل فيها على شعبية هائلة. وتشير مشاهداتنا في إطار المنظور البعيد (وليس الملاءمة قصيرة الأمد) أن المستوى المثالي للتضخم الذي يمكن تحديده كتضخم مستهدف لا وجود له أساساً. وبدل ذلك، ما يسمى بالتضخم يجب أن تكون قيمته صفراً. طبعاً، لا تستطيع البنوك المركزية اتباع سياسة «التضخم المستهدف» دون أن يكون لديها وسائل لقياسه، فكيف يقيسونه؟ عادةً يستخدمون لهذا الغرض مؤشر تكلفة المعيشة، ويقارنونه مع الأسعار في مختلف أقاليم البلاد. في أمريكا مؤشر تكلفة المعيشة له تاريخ زاخر، يبدأ في تلك الأيام التي كان فيها في الولايات المتحدة «معيار ذهبي» بمعناه المستخدم في السياسة النقدية آنذاك. وفي وقتنا هذا أغلب البلدان ذات الاقتصادات المتطورة لديها مؤشرات مماثلة.

اقرؤوا تتمة المحاضرة في قسم «التحليلات».

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق