داعش تنشر الجهاد عبر الإنترنت
الصفحة الرئيسية تحليلات

منذ الهجوم الواقع في 4 مايو من قبل إثنين من المسلحين في جارلاند، تكساس، يتخذون جواسيس الولايات المتحدة أدوارا بالتناوب لدق ناقوس الخطر حول تهديد داعش المتزايد عبر الإنترنت.

حذر مدير مكتب التحقيقات الفدرالي جيمس كومي أن المنظمة الإرهابية لديها «الآلاف» من أتباع الإنترنت في الولايات المتحدة. وأبلغ وزير الأمن الداخلي جيه جونسون عن زيادة الجهاديين الذين يعملون لوحدهم والذين يمكنهم «المهاجمة في أي لحظة». ولاحظ مايك روجرز، مدير وكالة الأمن القومي، أن قدرة المجموعة على تجنبد أعضاء جدد عبر الإنترنت «تتزايد بشكل واضح».

لقد سمعنا كل هذا من قبل، ظل مجتمع الاستخبارات يتحدث عن تهديد الجهاد عبر الإنترنت لسنوات. وبالفعل منذ أن بدأ الداعية اليمني الأمريكي أنور العولقي بتحميل كليبات الفيديو المليئة بالكراهية قبل عقد من الزمن، أصبح الإنترنت أداة مفيدة لتجنيد الجماعات الإرهابية و نشر إيديولوجياتها.

وكان العولقي هو المنشرالرائد لإيديولوجية تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية إلى أن قتل في غارة جوية أمريكية مع طائرات بدون طيار. ويعتقد أنه قد جند أو على الأقل حاول أن يجند العديد من الإرهابيين المطلوبين في الولايات المتحدة. و قد ساعدت مراسلته عبر البريد الإلكتروني مع نضال حسن إقناع مطلق النار في فورت هود فتح النار على زملائه الجنود، مما أسفر عن مقتل 13 منهم.

القاعدة في جزيرة العرب وغيرها من المنظمات الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة تستمر في استخدام تقنيات العولقي للمراسلة الفورية والتجنيد، لكن وكالات الاستخبارات الغربية أصبحت أكثر ذكاء حول مراقبة الإنترنت لاعتراض المؤامرات الإرهابية عبر شبكة الإنترنت. (والبعض منها مازالت تنجح في عملها بفضل بعض نواقص شبكات الأمن، كما هو الحال مع القضية من المسلح من شارلي إيبدو).

الآن تقوم الدولة الإسلامية في العراق والشام‎ بتطوير قواعد اللعبة التي مارسها العولقي، بطريقة تصعب على وكالات الاستخبارات التعرف على المؤامرات الإرهابية. جذب استخدام داعش لوسائل الإعلام الاجتماعية كأداة للدعاية بالفعل الكثير من الاهتمام لكن استخدام المجموعة لشبكة الإنترنت لشن هجمات إرهابية حادث ثوري بنسبة لا تقل عن ذلك.

ويتشكل الفرق في الكمية المعنية للتخطيط عبر الإنترنت. وقد استخدمت القاعدة الإنترنت للتنسيق الدقيق والاتصالات المتكررة للهجمات التي تتطلب المزيد من التفاصيل مع معالج العمليات الإرهابيية في اليمن. ويتم تشجيع المجندين للسفر إلى اليمن للتدريب، تماما كما فعل الإخوة كواتشي عند الاستعداد لهجوم تشارلي إيبدو.

داعش، من ناحية أخرى، تبدو غير مهتمة بأي نوع من التحضير للهجوم. لم يتبادل الرجلان اللذان يقفان وراء الهجوم الذي وقع في جارلاند رسائل البريد الالكتروني لفترة طويلة. كما أنهم لم يسافروا إلى سوريا أو العراق للتدريب. واحد منهم، ألتون سيمبسون، استخدم حسابه في التويتر لتسجيل إجراءات الوصول إلى قراصنة داعش.

وقد هلل مؤيدو داعش الأنباء عن الهجوم عبر وسائل الإعلام الاجتماعية، ولكن داعش لم تؤكد حتى اليوم التالي من حدوث الهجوم أن الرجلين كانا من «جنودهم».

بدلا من التنظيم الجزئي لإدارة الهجمات يبدو أن داعش تكتفي بتشجيع أتباعها للذهاب والقيام بالهجمات من تلقاء أنفسهم، مع بعض الإرشادات العامة بشأن استهداف أشخاص و أماكن معينة. تبدو التعليمات من أبو بكر البغدادي، الشخص الذي يسمى بـ«الخليفة» المنتخب من قبل المجموعة الإرهابية ، ليست أكثر تحديدا من عبارة «اجعلوا براكين الجهاد تندلع في كل مكان».

هذا الجهاد المسمى بـ«قم بذلك بنفسك» يعني أن داعش لا تتحمل أية مسؤولية عن أي هجوم حتى تقرر تحمل المسؤولية بأثر رجعي. و هكذا يمكنها أن تتبنى الهجمات الناجحة و تصحبها بالكثير من الفخر عبر وسائل الإعلام الاجتماعية، في حين أنه يمكن تجاهل الهجومات الفاشلة بسهولة.هذا الأسلوب أيضا جذاب للإرهابيين المستقبليين، لأنه لا يتطلب القيام بأي عملية تلقين، لإثبات مهاراتهم الجهادية، أو السفر إلى جميع أنحاء العالم من أجل التدريب.

هذا الجهاد المسمى بـ«قم بذلك بنفسك» يعني بالنسبة لوكالات الاستخبارات أن هناك القليل من الأدلة المتاحة حول التحضير للهجوم أي لا بمكن ترصد الرسائل عبر البريد الالكتروني أو غرف الدردشة. كما يشير جيه جونسون من مكتب التحقيقات الفدرالي: «قد نملك معلومات قليلة أو معدومة في وقت مبكر قبل أن يحاول الفاعل المستقل عقد الهجوم». المهاجمون، كونهم مبتدئين قد لا يظهروا على أي رادار حتى لحظة الهجوم. العثور على الإرهابيين الذين يعملون لوحدهم يشبه بالفعل البحث عن إبرة في كومة قش. و قد جعلت داعش إبرتها حتى أصغر من المعتاد.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق