لماذا تتدهور الأوضاع في البورصة الصينية للأوراق المالية خلال الأسبوع الثالث على التوالي وما يجب على بكين أن تفعل؟
تستمر سوق غونغ كونغ المالية في الانهيار خلال الأسبوع الثالث على التوالي حيث قد خسرت الأسهم في بورصة شنغهاي المالية حوالي الثلث من قيمتها السوقية.
وقد حذر البنك المركزي الصيني من احتمال وقوع حالة من الذعر وهناك الكثيرون من يقولون أن هذه الأحداث يمكنها أن تؤثر بشكل ملحوظ على الاقتصاد العالمي أكثر من الأزمة اليونانية الحالية. ومن أجل فهم ما هو الذي يحدث هناك بالتحديد يجب علينا معرفة بعض المسائل الأساسية.
لماذا تنخفض الأسهم في قيمتها؟
في بداية العام الحالي أبرزت السوق المالية الصينية إشارات كلاسيكية للفقاعة المالية.
وأسرع جميع التجار المحترفين وغير التجار بالمشاركة في "تشاو غو"، ما يعني باللغة العامية "التجارة في السوق"، وقد تمكنوا من كسب مبالغ جيدة. أما المحللون فكانوا يدهشون فقط لما يحدث أمام عيونهم من سباق في السوق على خلفية تباطؤ النمو الاقتصادي بشكل عام، ولكن كما يبدو حاليا قوانين الاقتصاد قد دخلت حيز التنفيذ وسيطرت على الأوضاع غير المستقرة.
كتب باتريك تشوفانيك المدير التنفيذي لشركة Silvercrest Asset Management في حسابه في شبكة التويتر ما يلي: "انفصلت السوق الصينية للأوراق المالية عن الاقتصاد الصيني الحقيقي بسبب قيمتها المبالغ فيها. والآن تخضع الأوضاع في السوق الصينية لقوانين أقوى".
كل الوسائل تصلح
كما يعتقد بعض المحللين السوق تشهد حاليا فترة التعديلات التي كان ينتظرها الجميع منذ وقت ولكن الحكومة الصينية تستخدم كل ما لديها من الإمكانيات من أجل دعم أسعار الأسهم.
قام بنك الصين الشعبي بخفض الفائدة إلى أدنى مستوياتها وتسجل السوق عمليات بيع الأسهم بملايين الدولارات بالإضافة إلى أن البنك المركزي الصيني قد أعلن عن توقف إطلاق الأسهم في البورصة للشركات الجديدة.
وقد صرح دونغ تاو كبار الاقتصاديين والمحللين لمنطقة دول آسيا (إلا اليابان) من Credit Suisse أن بكين تخشى من انخفاض الاستهلاك على خلفية خفض أسعار النفط لأن هناك احتمال ضئيل جدا أن الناس الذين يخسرون أموالهم سوف يذهبون للتسوق في المراكز التجارية. ويضيف قائلا ما يلي:
"من هنا ينشأ عدد كبير من المخاطر لاقتصاد الصين ونظامها الاقتصادي وهذا ما يقلق بكين حاليا".
يبدو أن الجهود التي تبذلها الحكومة الصينية لا تقنع المستثمرين: لا تزال السوق المالية الصينية تتزعزع حيث تصل تقلبات الأسعار في بعض الأحيان إلى 7% خلال يوم تجاري واحد.
كيف ستؤثر مثل هذه الأوضاع على الدول الأخرى؟
لا شك أنه سيتضرر من ذلك عدد بسيط من المستثمرين الأجانب، كانت الصين ولا تزال حتى الآن تسمح للأجانب بالوصول إلى البورصة الصينية بشكل محدود جدا حيث أن نسبة المستثمرين الأجانب حاليا لا تزيد عن 1.5%.
سوف يتضرر الصينيون العاديون بالدرجة الأولى من أثار الأزمة المالية. يجب أن نهتم اليوم بتباطؤ نمو الاقتصاد الصيني ونفوذه.
قد أثرت المخاوف من الهبوط في النمو الاقتصادي الصيني على أسعار المواد الخام حيث فقد خام الحديد والنحاس الكثير من قيمتهما في السوق.
وعلى المدى الطويل قد يؤثر ذلك بصورة سلبية على أستراليا وغيرها من موردي المواد الخام إلى السوق الصينية.
ما يعني ذلك للحكومة الصينية؟
حاول الرئيس الصيني شي جين بينغ أن يقنع الجميع بأنه يكافح الفساد في دوائر الموظفين رفيعي المستوى في الحكومة. ولكن انهيار البورصة المالية في الصين قد يؤدي إلى مشاكل خطيرة للقيادات الصينية. هذا ما يقوله بهذا الصدد تشوفانيك:
"الوضع الحالي حساس جدا لأنه يجب الاحتفاظ بثقة الشعب، والناس يرون أن الحكومة تبذل أقصى جهدها ولكن السوق لا ترد على ذلك وتواصل هبوطها. ويتبين أن القيادة الصينية لا تدير الاقتصاد بالشكل المطلوب أو بالشكل الكافي مثل ما كانت تتصور من قبل".
وقد تزعزع تلك الأجراءات التي اعتزمت أن تمارسها الحكومة الصينية ثقة الشعب في التزام الحكومة بإصلاحات السوق. ويشير دونغ بهذ الصدد إلى ما يلي:
"ترغب الحكومة في تغيير اتجاه تطور الأوضاع في السوق المالية وهذه ليست سياسة سوقية.هذه خطوة كبيرة إلى الوراء".