الحفر في المكسيك: كيف بنى إل تشابو الإمبراطورية الجنائية وهرب من السجن
بنى خواكين غوسمان الملقب بـ «إل تشابو» («قصير القامة») كارتل المخدرات الأكثر نفوذا في العالم بفضل قدرته على الحفر بهدوء وكفاءة وصبر.
في حين كان غوسمان يستخدم المال والنفوذ للوصول إلى الجزء العلوي من الحكومة المكسيكية، خلقت الفرق الهندسية والبنائية التي استأجرها نظاماً مثالياً للتهريب و هو نفق المخدرات.
منذ عام 1990 قد تم اكتشاف أكثر من 100 نفقا على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، وكلها تقريباً في ولايتي كاليفورنيا وأريزونا، حيث تبقى عصابة غوسمان سينالوا أعلى سلطة جنائية.
النفق الذي على ما يبدو استخدمه غوسمان يوم السبت للفرار من أحد السجون الأكثر حماية في المكسيك، ألتيبلانو، بطبيعة الحال، يحتل مكان الشرف بين مآثر الهندسة الأكثر إثارة للإعجاب من تنظيمه، و ذلك بسبب طوله الذي يبلغ أكثر كيلومتر ونصف وموقعه.
على الرغم من أن ألتيبلانو، الذي بني في عام 1990 يحتوي على الكثير من أباطرة المخدرات المكسيكيين المعروفين والخطيرين، لم يتمكن أي منهم الهروب حتى الآن.
وقالت السلطات المكسيكية يوم الأحد أن النفق الذي استخدمه غوسمان للفرار يفتح عبر ثقب في الحمام. فبعد الزحف عبر الثقب عليك عبور حوالي 10 مترا إلى أسفل الدرج، ومن ثم يصبح النفق أفقياً. لم يضطر غوسمان للزحف فالممر فسيح جدا، وغوسمان الذي يبلغ طوله 167 سم استطاع عبوره من دون انحناء.
من الصعب أن نتصور كيف تمكن مساعدو أباطر المخدرات من الحفر تحت السجن لفترة طويلة من دون لفت الانتباه، لكنهم كانوا يفعلون ذلك لسنوات تحت سمع وبصر وكلاء الحدود من الولايات المتحدة وتكنولوجيتهم الحديثة.
الأنفاق ليست كهوفا مظلمة و قذرة التي يمكنك أن تتخيلها. إنها ممرات مضاءة جيداً مع جدران محصنة وتجهيزات نظام التهوية. و توجد في الممرات الأكثر تقدماً سكك للعربات الصغيرة للنقل السريع للمخدرات والأسلحة والنقد والأشخاص وتقريباً أي شيء.
و لقد اكتشف عملاء للولايات المتحدة أحد الأنفاق بالقرب من بيسبي، أريزونا، في وقت سابق من هذا العام. وكان طويلا بما فيه الكفاية ليدخله شخص بالغ دون حني رأسه. وجدت حتى رافعة هيدروليكية، التي ساعدت تجار المخدرات على عدم إثقال ظهورهم.
تبدأ الأنفاق الحدودية عادة في مبنى أو في مستودع على الجانب المكسيكي وتنتهي في مبنى آخر في الولايات المتحدة. وفي منطقة المعابر الحدودية، مثل تلك بالقرب من نوغاليس أو أوتياي ميسا، إلى الجنوب من سان دييغو، تساعدالتنقلات المسافة بين المباني على جانبي الحدود التي لا تكون كبيرة جدا.
و يتم إخفاء التراب المتبقي من الحفر في مبنى على الجانب المكسيكي أو يتم تهريبه بعد إجراء حساب دقيق للطريق، لكي لا يمسكهم أحد ولكي لا يثيروا الكثير من الضوضاء.
تشكل الأنفاق تهديدا خطيرا للأمن الوطني، رغم عدم وجود دليل على أن ممرات تجار المخدرات المكسيكية استخدمت في أي وقت مضى من قبل الجماعات الإرهابية.
ويتوقع أن البناة يستخدمون البوصلات لحساب المسار وليس جهازا مزودا بتقنية GPS التي لا تعمل تحت الأرض، لأنها تعتمد على الأقمار الصناعية. ومع ذلك، فإن حتى الحفار الأكثر تقدما يحتاجون معرفة مفصلة لبناء السجن، لتمهيد الطريق تحت جدرانه مباشرة إلى الزنزانة.
النفق الذي هرب من خلاله غوسمان ليس النفق الأول المبني بعيدا عن الحدود. قبل أيام قليلة من القبض عليه في عام 2014 هرب أباطر المخدرات من الحكومة المكسيكية من خلال شبكات الصرف الصحي في كولياكان، عاصمة سينالوا،عن طريق النزول على عمود خاص في الحمام في ملجئه.