قامت المملكة العربية السعودية بالنظر في الآثار المترتبة على الاتفاق بشأن البرنامج النووي لإيران.
ذات مرة قارن وزير الخارجية السابق في المملكة العربية السعودية الأمير سعود الفيصل العلاقة بين بلده والولايات المتحدة بـ «الزواج الإسلامي» الذي يمكن أن لا يكون أحادياً بالضرورة.
عرض المملكة الأخير للشركاء الآخرين يجعلنا نعتقد أن علاقتها مع الولايات المتحدة تمر في مرحلة إعادة التقييم بسبب الاتفاق التاريخي الذي أبرمه الغرب مع الدولة المجاورة وهي إيران.
بعد زيارة لروسيا وفرنسا في الشهر الماضي، أتى نائب ولي العهد الأمير سلمان بن محمد إلى المنزل مع مجموعة من عقود الطيران والطاقة بقيمة 23 مليار دولار. يقول بول سوليفان، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في جامعة جورج تاون في واشنطن:
«لقد تم تقويض الثقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة بالاتفاق على برنامج إيران النووي. شعر الكثيرون في المملكة العربية السعودية أن الولايات المتحدة تخلت عنهم».
كانت العلاقات بين البلدين تصل إلى طريق مسدود في الماضي، ولا سيما في ضوء أحداث 11 سبتمبر 2001 والهجمات الإرهابية التي ارتكبها المواطنون السعوديون في معظم الأحيان. ومع ذلك، يعد التقارب المقترح من قبل الولايات المتحدة مع إيران في الشرق الأوسط بالتغييرات التي لم يواجهها السعوديون منذ قيام الثورة الإسلامية في طهران عام 1979.
ممارسة الأعمال التجارية مع روسيا يمكن أن تساعد المملكة العربية السعودية على تخفيف الاعتماد على الولايات المتحدة وروسيا، في المقابل تهتم بجذب الحلفاء والاستثمارات. يقول هاني صبرا وهو محلل بارز في منطقة الشرق الأوسط في Eurasia Group:
«من الناحية التاريخية كانت العلاقة بين روسيا والمملكة العربية السعودية تفتقر الموثوقية. ولكن نظراً للتغيرات في الظروف الإقليمية والعالمية الجيوسياسية قد حان الوقت لكلا الجانبين للنظر في إقامة علاقات أوثق في المستقبل».
التشديد
التغييرات التي جلبها الملك سلمان إلى التكوين الملكي في المملكة العربية السعودية أكد تغير مصالح الدولة باتجاه جيل الشباب، وحدد دور الدولة الأكثر عدوانية في الوقت الذي تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط إحدى أشد الأزمات. تمت ترقية محمد بن سلمان البالغ من العمر 29 عاما الذي تولى في يناير منصب وزير الدفاع ويقود حملة ضد المتمردين الحوثيين في اليمن إلى رتبة نائب ولي العهد.
في الرياض، يقول المسؤولون السعوديون للدبلوماسيين أنهم يشعرون بالقلق حول ما إذا كانت إيران ستستخدم الاتفاق النووي بشكل غير رسمي لبدء التدخل في شؤون العالم العربي، حالما يتم رفع العقوبات وسوف تنمو أرباح الاقتصاد. نشر السفير السعودي السابق لدى الولايات المتحدة بندر بن سلطان في هذا الشهر مقالاً ينص على أن الاتفاق مع إيران قد «يخلق الفوضى» في الشرق الأوسط.
يقول فهد ناظر وهو محلل سياسي في شركة JTG Inc. في فرجينيا، الذي كان يعمل في السفارة السعودية في واشنطن:
«نظراً للاضطرابات غير المسبوقة في المنطقة السعوديون يحاولون إبقاء جميع الخيارات».
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حليف الرئيس السوري بشار الأسد الذي تدعم المملكة العربية السعودية أعداءه خلال الحرب الأهلية المستمرة أربع سنوات. ومع ذلك، وفقا لناظر الرياض تعتبر دعم بوتين للأسد غير مستقراً.
اتجاه جديد؟
اتجاه جديد؟
خلال زيارة نائب ولي العهد إلى سانت بطرسبورغ في يونيو، وافقت مؤسسة الاستثمار العام في المملكة العربية السعودية على إنفاق 10 مليارات دولار على البنية التحتية والمشاريع الزراعية والطبية والخدمات اللوجستية. سابقا لم يبحث الصندوق السعودي أبدا الاستثمار الأجنبي علناً.
بعد الاجتماع مع بوتين ذهب محمد بن سلمان إلى باريس، حيث وقع العديد من العقود بمبلغ 12 مليار يورو بما في ذلك الاتفاق على تمويل الصادرات في كمية 3 مليارات يورو من الاستثمارات العامة بين الصندوق وشركة التأمين والإئتمان Coface SA. اتفقت الدولتان أيضا على حساب دراسات الجدوى لبناء مفاعلين نوويين ووافقت المملكة العربية السعودية على شراء 30 طائرة Airbus А320 و 20 طائرة Airbus А330 بـ 8 مليارات يورو.
قال جون سفاكياناكيس، رئيس منطقة الشرق الأوسط في شركة استثمار Ashmore Group التي يقع مقرها في الرياض:
«في الوقت الراهن هناك توجه نحو الاستثمار في الخارج وهذا التوجه يتبع المصالح السياسة الخارجية الأوسع».
«دبلوماسية الدولار»
«دبلوماسية الدولار»
لقد فعلت المملكة العربية السعودية كل ما تستطيعه لإظهار استقلالها عن الولايات المتحدة. بعد أن تم تقويض ثقة الولايات بالمملكة من خلال سلسلة من الهجمات الإرهابية، والتي كان فيها 15 من 19 من الإرهابيين من مواطني المملكة العربية السعودية،زاد حجم تجارة المملكة مع الصين بقوة.
الولايات المتحدة الأمريكية، أكبر مورد للأسلحة في العالم، كانت الصين تؤمن ما يقارب الـ 15٪ من حجم التجارة الخارجية للمملكة في العام الماضي. في عام 2001 بلغت واردات الولايات المتحدة وصادراتها 19٪ من هذا المبلغ،بينما واردات الصين بلغت 4٪ فقط. روسيا ثاني أكبر مصدر للمعدات العسكرية لم تملك تقريبا أي تأثير على حجم التجارة في المملكة العربية السعودية سواء آنذاك أو الآن.
قال جيمس دورسي، أحد كبار الباحثين في قسم الدراسات الدولية في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة:
« المال لم يعد يمكنه التأثير على أي شيء. أشك في أن ذلك سيؤثر جذرياً على واشنطن. وتفهم قيادة المملكة العربية السعودية أنه بغض النظر عن وجهات نظرها بشأن موثوقية وسياسات الولايات المتحدة، ليس هناك بلد يمكن أن يحل محلها».
التقى وزير الدفاع الأميركي إشتون كارتر مع الملك محمد سلمان والأمير محمد يوم 22 يوليو في مدينة جدة على ساحل البحر الأحمر، حيث حاول إقناعهم بأن الولايات المتحدة لن تتراجع في التزامها بالأمن.
في العام الماضي، كان النمو في نفقات الدفاع في المملكة العربية السعودية من أعلى المعدلات في العالم، وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام. ارتفعت المصروفات بنسبة 17٪ لتصل إلى 80.8 مليار دولار. هذا على الرغم من أن الانخفاض المضاعف في أسعار النفط قلص الإيرادات الحكومية إلى حد كبير.
يقول دورسي: «الآن ذلك لن يوقف البلاد عن المشاركة في دبلوماسية الدولار. لأنه أحد أصولها الرئيسية ».