يحاول آلاف المهاجرين من أفريقيا والشرق الأوسط الوصول إلى شواطئ أوروبا كل عام، وكثير منهم يقومون بالرحلة المحفوفة بالمخاطر عبر البحر الأبيض المتوسط. أكثر من 1800 شخص لقوا حتفهم في محاولة العبور حتى الآن في عام 2015، أي زاد عدد الوفيات بـ20 ضعف مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وهنا روت أربع عائلات وأفراد من الذين قاموا برحلة طويلة عبر البر والبحر لماذا قرروا مغادرة منازلهم وما الذي يأملون الحصول عليه في حياتهم المستقبلية في أوروبا.
ستاف مصطفى، 34 عام: من غانا إلى مقدونيا
- مسافة الرحلة: 7.000 كم تقريبا (4300 ميلا)
- مدة الرحلة: 20 شهرا
- المسار: غانا - بوركينا فاسو - النيجر - ليبيا - تركيا - اليونان - مقدونيا
قضى ستاف ومجموعة من الغانيين الذين التقى بهم في طريقه عدة أشهر في محاولة للوصول إلى أوروبا. بدؤوا رحلتهم في عام 2013 وقد تناقص عددهم بسبب الظروف القاسية للصحراء في النيجر وتشاد.
«كان هناك بعض الليبيين الذين غادروا قبلنا وقد لقوا حتفهم جميعا».
إذا كانت مدخرات الماء و الطعام تتناقص لدى أحد المسافرين لن يقبل البعض الآخر التقاسم معه بسبب مخاوفهم حول بقائهم على قيد الحياة. هذا يعني مشاهدة الأصدقاء يموتون، يروي ستاف.
« لا تستطيع أن تفعل أي شيء»، كما يقول،«لأنك إذا حاولت إنقاذهم تعرض نفسك للخطر وسوف تموت أيضا وهذا هو ما عليه الوضع».
روى ستاف وصديقه علي كيف أنه بعد الوصول إلى سواحل ليبيا قاموا برحلة إلى تركيا على متن قارب مطاطي صغير مع 50 شخص آخر. دفع علي للموصلين 700 يورو لتجتياز المعبر، لكنه يقول أن الآخرين دفعوا أكثر من ذلك.
بقي المهاجرون دون أي شخص للتنقل والتوجيه في مركبتهم الخاصة معرضين فقط لرحمة البحر.
يقول ستاف: «كان ذلك مرهقا جداً»، «إنه أمر خطير جدا وكان هناك بعض الليبيين الذين ذهبوا قبلنا و ماتوا جميعا».
بعد الشعور بالارتياح بسبب الوصول إلى شواطئ اليونان، ذهب ستاف إلى مقدونيا ولكنه الآن في أيدي عصابة من المهربين الذين يريدون النقد للإفراج عنه.
ويقول أن الظروف سيئة والعديد من المهاجرين ينامون في غرف دون أي ضوء وبلا كهرباء.
أحمد ولطيفة وثلاثة أبناء صغار: من سوريا إلى ألمانيا
- مسافة الرحلة : 2.800 كم تقريبا (1700 ميلا)
- مدة الرحلة: شهرين
- المسار: سوريا - تركيا - اليونان - مقدونيا - صربيا - هنغاريا- ألمانيا
تبحث لطيفة وزوجها أحمد وأبناؤهم الثلاثة: كريم الذي يبلغ عمره 12 عاما، حمزة عمره سبعة، وآد عمره سنتين، الذين هربوا من سوريا التي مزقتها الحرب في أبريل من هذا العام عن حياة جديدة في أوروبا.
بعد وصولهم حديثا إلى ألمانيا روت الأسرة التي كان أصلها من درعا في جنوب سوريا عن طريقها لعدة شهور. «بمجرد أن ركبناها [السفينة التي كان يجب أن تساعدهم عبور البحر الأبيض المتوسط] كنا نعلم أنها ستغرق».
وقد عبروا أثناء رحلتهم أنفاق تحت الأرض وقاموا برحلات على متن سفينتين عبر البحر الأبيض المتوسط وأولها انتهت بكارثة. تتذكر لطيفة كيف انصدمت العائلة عند الاكتشاف أن السفينة الأولى التي كان عليها نقلهم إلى الجزيرة اليونانية يروس كان طولها مجرد ستة أمتار ومصنوعة من المطاط.
«كنا 40 شخصا مع أمتعتنا»، تقول لطيفة. «بمجرد أن ركبناها كنا نعلم أنها سوف تغرق».
كما توقعت الأسرة، وقعت السفينة في ورطة قبالة سواحل اليونان وأجبر المهاجرون إلى دق خفر السواحل من الهاتف المحمول لطلب المساعدة. « رمينا أمتعتنا من القارب وقفزنا في الماء حيث بقينا لمدة ساعتين» تقول لطيفة.
في نهاية المطاف وصلت كل من خفر السواحل التركية واليونانية لإنقاذهم ولكن التركية وصلت قبل اليونانية وعادت بهم إلى الساحل التركي. «كان ذلك أصعب الأوقات»، تقول لطيفة وهي تحاول التغلب على الدموع. «كنا نشعر بالبرد و ملابسنا مبللة. ولم يكن لدينا بطانيات».
ولكن، على الرغم من خبرتهم، حاولت الأسرة العبور مرة أخرى يائسة للوصول إلى أوروبا. وكانت المحاولة الثانية ناجحة وسجلوا لدى السلطات في اليونان. بعد السفر إلى عاصمة البلاد أثينا انتقلوا عن طريق مقدونيا وصربيا إلى ألمانيا.
أم معتصم وبناتها: من سوريا إلى ألمانيا
- مسافة الرحلة : 5.700 كم تقريبا (3500 ميلا)
- مدة الرحلة: عامان
- المسار: سوريا - مصر - إيطاليا - فرنسا - ألمانيا
هربت أم معتصم من وطنها سوريا عندما أصبح محاطا بالحرب أهلية. كانت تعيش مع زوجها أبو نمر (42 عاما) وزوجته الثانية و15 طفلا وأم أبو نمر كبيرة السن في الريف بالقرب من العاصمة السورية دمشق. «لقد كانت رحلة مروعة. إنها ليست شيئا أود على أي شخص أن يختبره».
ولكن عندما فقدت الأسرة أعمالها التجارية ومنزل الأسرة بسبب أعمال العنف، بدأ أبناؤهم الكبار بالفرار من البلاد إلى بلجيكا وتركيا. مع تدهور الوضع، في يوليو 2013 قرر أبو نمر وأم معتصم مغادرة وطنهما من أجل سلامتهما إلى المدينة المصرية الساحلية الإسكندرية. جرت رحلتهم مع والدة أبو نمر المسنة وست بنات وإثنين من أصغر أبنائهم.
ولكن تحولت الحياة في مصر إلى كفاح من أجل البقاء على قيد الحياة، وبعد رحيل أحد أبنائهم الكبار لأوروبا ليستقر في برن في ألمانيا، قررت أم معتصم المتابعة مع إبنتيها الصغار اللتين تتراوح أعمارهما بين 11 و 16.
أبو نمر لا يزال في الإسكندرية، ويصف كيف أنه «كان على وشك فقدان صوابه» عند القلق بشأن سلامة عائلته وهم في المعبر. بقي على شاطئ البحر لمدة ثلاثة أيام إلى أن علم أنهم لم يصابوا بأذى. وقال أنه يأمل الآن أن يتبع زوجته وبناته اللواتي بلغن ألمانيا ويحاولن بناء حياة جديدة.
عمر غاساما، عمره 18 عاماً: من غامبيا إلى إيطاليا
- مسافة الرحلة: . 4.200 كم تقريبا (2600 ميلا)
- مدة الرحلة: 17 شهرا
- المسار: غامبيا - السنغال - مالي - بوركينا فاسو - النيجر - ليبيا - إيطاليا
وصل المراهق عمر، الذي في الأصل من السنغال ولكنه درس في غامبيا، إلى تورينو في شمال إيطاليا.\ سافر إلى ليبيا في سن الـ16 بحثا عن عمل ولكن لأنه لعدم حيازته أوراقا قال أنه كافح من أجل العثور على وظيفة. و قد اعتبر ليبيا بلدا خطيرا اوعانى من المساس بسبب لون بشرته، وقال أنه قرر أن يدفع للمهرب للقيام بالرحلة عبر البحر الأبيض المتوسط إلى صقلية في أبريل من هذا العام.
«كان البحر مخيفا وكان القارب مزدحما للغاية» كما يتذكر. بعد يومين من الإبحار، تم إنقاذه هو وزملاءه المهاجرين من قبل البحرية الإيطالية ووضعهم في فندق محول إلى مأوى جنبا إلى جنب مع العشرات من الشبان الآخرين من نيجيريا والصومال وإريتريا. هنا حصل المهاجرون على الملابس والمواد الغذائية ومبلغ مال صغير. وقد تم الآن نقل عمر إلى تورينو على الأراضي الإيطالية ويعيش في مبنى مشترك مع غيره من المهاجرين و معظمهم من السنغال.
وينتظر قرارا بشأن وضعه من قبل المسؤولين. يحضر عمر دروسا لتعلم اللغة الإيطالية. ثم يأمل في العثور على وظيفة حتى يتمكن من إعالة أسرته في الوطن. «أود حقا العمل والحصول على بعض المال لأرسله إلى وطني، لأن والدي قد وافته المنية» يقول عمر. «أنا الآن وحدي ولدي إخوة أصغر سنا وأخت صغيرة». يقول أنه قد ينتقل إلى ألمانيا أو المملكة المتحدة في المستقبل. «أنا بحاجة إلى مكان حيث ذهني يمكن أن يكون حرا» يضيف عمر.