نبحث دائما عن المسائل والمناقشات الممتعة ونقدم لكم الأكثرفضولا وإمتاعا منها. تحدث جيمس ألتوشر، المستثمر والمدون ورجل الأعمال، عن التعلم العدواني ولماذا هو أفضل من التعلم السلبي.
مرة كل أسبوع ألعب التنس مع ابنتي البالغة 13 سنة وأفوز حتى تبدأ تبكي. أظن أنها بقيت لي سنة أو سنتين فقط لهذه الانتصارات. وبعد ذلك ستفوزني بسهولة دون ترك أي فرصة لفوزي. ولذلك دعوني أتمتع بهذه اللحظة. أحيانا أضرب الكرة بكل قوتي حتى لا تستطيع أن تلحق بها بقدميها الصغيرتين. ومرة أخرى أوجه الضربة إليها مباشرة فإما تصيبها الكرة وإما تكون مضطرة للقفز إلى الجانب. أحيانا تصيح "أكره التنس!" وتبدأ تبكي.
لا أدري لماذا ولكن في نفس اللحظة أشعر بالسرور لأنني أستطيع أن أواسي ابنتي في هذا الوقت.
وكان بعض الناس يقولون لي: "اسمح للصبية لتفوز ولو أحيانا". لكنني لا أريد أن أفعل ذلك.
كنت دائما أفهم حينما كان أبي يستسلم لي عمدا. آنذاك كنت أرمي مضربي إليه أو أرمي القطع من لوحة الشطرنج. وكنت في الحادي والعشرين من عمري.
يمكن للشخص أن يُدرس بأسلوبين: الأسلوب السلبي والأسلوب النشيط العدواني. عند التعلم السلبي تحلل أخطاءك وتقرأ عن تاريخ الموضوع وتبحث عن الناس اللائقين وتدخل مجموعتهم وتجد من يُدرسك وإلخ.
وعند التعلم العدواني تبدأ تفعل ما لا تستطيع. أنت في خضم اللعب وتطير الكرة إليك، فماذا تفعل؟ عند التعلم السلبي تستخدم رأسك. أما عند التعلم العدواني عليك أن تفكر بسرعة وأن تفعل كل شيء بسرعة. التفكير شيء مهم جدا ولكن القدرة على الإجراءات الحاسمة هي التي تصنع من الناس أبطالا.
مرة وجدت نفسي مشاركا في مشروع بقيمة ملايين الدولارات ونحن في وسط تحقيقه. كنا نعمل على إنشاء برنامج للتلفزيون التدريبي "التفاعلي" لشركة Time Warner. اليوم كل واحد يستطيع أن يشغل Apple TV وأن يبدأ البث التدفقي للوسائط المتعددة. كان منتجنا في درجة ما النسخة الأولى من مثل ذلك المشغل.
كنت جاهلا تاما في هذا المجال فكنت مضطرا إلى أن أدرس بسرعة كي لا يطردوني من العمل. كنت متعجرفا إلى حد أنني اقترحت لمدير الشركة استخدام الشبكة لنقل الفيديو إلى بيوت العملاء مباشرة. كان هذا عام 1994. قال المدير: "جيمس! الإنترنت يناسب العلماء فقط. وهؤلاء الرجال من التلفزيون يعرفون ما يفعلون. صدقني، هم يدركون عملهم أحسن منك".
فاضطررت أن أتعلم كل أساليبهم للبرمجة (وإلا طردوني)، استفدت من هذا بعد سنوات كثيرة. مرة كنت أشغل منصب مدير الشركة ولم تكن عندنا نقود كافية لرواتب الموظفين. أحيانا كنت أستيقظ في وسط الليل وأحسب هل تكفي أموالنا أم لا. وهل نستطيع أن نبقى واقفين على أقدامنا. وهل سأستطيع أن أبقى على قدمي.
قبل ذلك لم أبع أي شيء أبدا في حياتي. أجبرت فورا أن أصبح متخصصا في المبيعات، وإلا ما استطعنا إصدار الرواتب. لا أعرف هل أصبحت متخصصا حسنا أم لا ولكن كان علي أن أدرس بسرعة كبيرة حتى لا أكون متخصصا سيئا. لا أزال أدرس حتى الآن.
تقنية بروس لي
قال بروس لي مرة:
"لا أخاف من الذي يتعلم 10000 ضربة مختلفة. بل أخاف من الذي يتعلم ضربة واحدة 10000 مرة".
لم تستطع بنتي مولي صد الضربة من اليسار. فأخذت 200 كرة ووضعت ابنتي على النصف الأيسر من الملعب. وأديت 200 ضربة إلى النصف الأيسر من المربع الأيسر. ضربة بعد ضربة. لم نتوقف للاستراحة. عندما صدت كرة واحدة، ضربت الثانية، أحيانا بشكل أقوى أو دوران أشد.
أرجعت تقريبا 5% من ضرباتي ثم بكت: "أنا ضعيفة جدا!" فأجبت: "لا تقلقي. فقد تعلم عقلك ما فعلناه الآن، لكن جسمك يستطيع التعلم حتى وأنت نائمة". وأمس حاولنا مرة أخرى فأرجعت تقريبا 60% من الكرات وكانت سعيدة جدا: "أستطيع أن أفعل ذلك أحسن!"، فأجبت:
"لا تقلقي. بعد قليل سيتراجع مستواك. لا تحزني حينما تفشلين ولا تفرحي حينما تنجحين، سيحدث هذان الأمران مرارا وتكرارا في كل مستوى جديد من اللعبة".
لو لعبنا التنس لما حصلت على التدريب الكافي لتعلم الضربة من اليسار. والآن تدرس ما تحتاج إليه. عندما درست لعب الشطرنج كان مدربي يعطيني بيدقين ورخا ضد رخه ويطلب مني أن أحاول الفوز. ثم وضع البيدقين على الجزء المقابل من اللوحة. خلال ساعات لعبنا فقط ببيدقين ورخا ضد رخ واحد. فهل تعلمت أن أفوز برخ وبيدقين؟ ربما.
ولكن مع ذلك عرفت حيل كثيرة يمكن استخدام الرخ من أجلها. وكذلك عرفت كيف تكون بيادق أهم من بيادق أخرى ولو حتى بقليل. وما يستطيع فعله الملك حينما لم يبق أي قطع أخرى على اللوحة. وما يستطيع فعله عقلي حينما أحتاج إلى حساب عدة التحركات إلى الأمام وهناك قطع قليلة جدا على اللوحة.
لا يمكن للشمس إضاءتك أنت فقط. حين تفتح النافذة تضيء البيت كله. وحين تفتح نافذة التعلم فلا تدرس مهارة خاصة من المهارات فحسب، بل تبدأ تفهم فهما أعمق بقية الأشياء التي يضيؤها ضوء التعلم. الفن الحقيقي هو أن تلاحظ جميع الأشياء التي تراها الآن عندما يقع عليها هذا الضوء. بعد أن نقلت مولي إلى البيت قالت: "مرحت وتمتعت". وثم أضافت: "أحبك يا أبي".
يشكو كثير من الناس: "لا أستطيع أن أتذكر أي شيء مما قرأته". هذا شيء طبيعي. عليك أن تقرأ الكتاب مرة ثانية وثم أن تنقل هذه المعرفة إلى شخص ثان وبعد يوم إلى شخص ثالث. فهذا هو الأسلوب الوحيد لتتعلم ما في الكتاب. وبعد تلك الكرات المائتين التي سددتها لمولي ليس مهما جدا بالنسبة لي هل تعلمت أم لا ("أحبك يا أبي").
كل ما أعرفه بالضبط هو أنني تعلمت أن أسدد بشكل أفضل بعدما انتهينا.