ثلاثة سيناريوهات لتطور Alphabet
الصفحة الرئيسية تحليلات

‫هل Alphabet هو Berkshire Hathaway أو General Electric أو AT&T الجديدة؟‬

يدل قرار إعادة إنشاء Google على أن الشركة لا تنوي الاكتفاء بدور ماكينة تسجيل المدفوعات النقدية في نظام البحث، بل تشرع بأن تصبح لاعباً مبتكراً في القرن الحادي والعشرين ومنتجاً لنوع جديد من المنتجات.

يقترح تاريخ الأعمال التجارية للقرن العشرين ثلاثة إقبالات مختلفة إلى ما تحاول فعله Google أو ثلاثة نظائر محتملة:

  • Berkshire Hathaway لوورين بافت
  • الائتلاف الإنتاجي General Electric
  • AT&T التي كانت قبل حلول عام 1996 تضم Bell Labs المصدر المستمر للابتكارات

حسبما تم إعلانه تخطط Google أن تصبح إحدى الشركات الفرعية (الكبيرة والمربحة جداً) للمؤسسة القابضة التي تسمى Alphabet. أما مبادراتها الأخرى التي ما زالت خاسرة ومع ذلك طموحة (كسيارات دون سائق وإطالة حياة وغيرها من المشاريع الموجودة والمقبلة) فكذلك ستصبح شركات منفصلة ضمن الشركة القابضة.

لننظر إلى مستقبل Google بمثابته شركة مبتكرة على ضوء الخيارات الثلاثة المذكورة للتطور.

Berkshire Hathaway

حين أعلنت Google يوم الاثنين عن تركيبها الجديد بدأت تلحظ في وسائل الإعلام الخاصة بالأعمال التجارية كلمة نادرة «conglomerateur» أي باني الائتلاف. هذا هو الدور الذي يباشر بلعبه مؤسسو Google لاري بايج وسيرغي برين، فإنهما يتحولان إلى مؤسسي إمبراطورية الشركات التي ستتوسع في أي مجال يبدو ممتعاً أو مربحاً.

جعلت هذه الاستراتيجية وورين بافت أحد أغنى الأشخاص في العالم أما شركته Berkshire Hathaway فباتت بفضل ذلك إحدى أغلى شركات. أكبر مجال اهتمام مجموعة الشركات هو التأمين ولكن هنا كذلك المنازل المتحركة والطائرات الخاصة وصلاصل الطماطم وبطاريات Duracell. في هذا الأسبوع تم أكبر دمج في تاريخ الترقي الوظيفي لدى بافت، وذلك أنه بمبلغ 37 مليار دولار تم الحصول على منتج معدات الفرع الفضائي الجوي Precision Castparts.

وقد أشاد لاري بايج في رسالته التي أعلنت عن إنشاء هيكل جديد إلى الاستراتيجية التالية:

"سيتطور Alphabet بالاستناد على الزعماء الأقوياء واستقلال الأعمال التجارية".

كل شركة من شركات المجموعة سيرأسها مدير قوي، أما بايج وبرين فسيأخذون على عاتقهم "توجيه تدفقات الرأسمال ومراقبة التطور الناجح لهذه الشركات".

كان بمقدرة بافت أن يقول الشيء نفسه، فهو يمنح إدارييه الحرية الكاملة في قضايا التحكم التشغيلي. المكتب التابع للمجموعة نفسها بأوماخ يتمتع بفريق صغير جداً من العاملين وهو 24 شخص، وهم يشرفون على الشركة من 340 ألف موظف في كافة أرجاء العالم.

على أي حال الاختلافات قد تكون كبيرة. تحصل Berkshire بسعر مربح على الشركات المعروفة ذات نموذج تجاري مفهوم. بافت يتجنب الشركات التكنولوجية بل وأية شركات (مع استثناءات صغيرة) التي يصعب التنبؤ على أعمالها التجارية.

أما برين وبايج فبالعكس ينشؤون أشياء جديدة تماماً والبعض منها يصعب حتى تصورها. إذا كان مؤسسو Google على غرار بافت سيحولون محور اهتمامهم إلى البحث عن الأصول الأمنة المترسخة التي لم تحظ بتقدير السوق فسيكون هذا تبديلاً كاملاً للنموذج. يجوز أن يكون التحول مثل هذا خبراً جيداً لسماهمي Google ولكن هذا سيعني الابتعاد عن الطموحات الابتكارية للآونة الأخيرة.

General Electric

ويحتمل نموذج آخر كذلك. كان توماس إديسون في طليعة General Electric وفي تلك الآونة كان المصباح الكهربائي ذات فترة طويلة من العمل والإنارة الكهربائية مشاريع مبتكرة. بعد قليل توسعت الأعمال التجارية صوب قاطرات السكك الحديدية ومن ثم الأجهزة الإشعاعية والأدوات الكهربائية. بعد ذلك أضيفت المعدات لشبكات الإذاعة والتلفزيون ومن ثم إنتاج محتوياتها. لعبت أبحاث الشركة دوراً كبيراً في إنشاء كابلات الألياف البصرية والماسحات الضوئية МРТ وغيرها الكثير من التكنولوجيات.

الموازات مع Alphabet ظاهرة. و محرك البحث يشبه سيارة دون سائق مثلما تشبه القاطرة شركة الإذاعة.

لكن GE كانت تزدهر على حساب أن الشركات كانت متوحدة في شركة قابضة ومع الحفاظ على استقلالها كانت تستفيد من التأثير المتناغم. تم عمل البحث بصورة مركزية ومن ثم طبقت النتائج العلمية في الطيف الواسع من المهام وفي مختلف الشركات. مثلاً قام المهندسون من GE بمساهمة كبيرة في تطوير الليزر الذي يستخدم سواء في الطب أو في خطوط الاتصالات.

تنحصر الفكرة في أن الأعمال التجارية المختلفة لدى GE باتت بإجماعها أقوى مما لو كانت كلها على حدة، لذا كان من الأسهل الفهم لو أن رئاسة Google اعتبرت ضرورياً اتباع خطوات General Electric فخلال السنوات المئة الأخيرة أسس العملاق الصناعي الكثير من المنتجات الثورية وهذا ما أثر إيجابياً على حالة المساهمين.

ليس من المفهوم تماماً هل ستتمكن فروع أعمال Alphabet من الحفاظ على تكاملها لفترة طويلة إذ هذه هي نقطة القوة لدى GE. في هذه المجموعة من الشركات ينمو الرؤساء داخل شركات المؤسسة القابضة فيعلمون في مختلف الأعمال التجارية على مختلف القارات وهذا ما ينشئ الثقافة القوية لدى الشركات (وقد علق على ذلك بمحاكاة ساخرة بارعة جاك دوهانيو الخيالي في المسرحية الهزلية الساخرة 30 Rock على شكل "معاون رئيس للبث التلفزيوني في الشاطئ الشرقي وبرمجة الميكروويفات").

من الجائز أن Alphabet لا تقل طموحاتها في مجال إنشاء المنتجات الجديدة عن GE منذ مئة سنة. السؤال هو هل ستتحول هي إلى آلة إنشاء الابتكارات ذات مركز التحكم الموحد أم ستبقى عبارة عن مجمع المشاريع المختلفة التابعة للشركة القابضة الواحدة. هل سيتمكن لاري بايج وسيرغي برين من إنشاء الشيء الواحد الكامل الذي سيكون أكبر من مبلغ أجزائه المركبة؟

AT&T/Bell Labs

يسعى رؤساء Google وراء الاستثمار في المشاريع العملية والابتكارية الطموحة. لعل ليس ثمة شركة التي عملت في هذا الاتجاه أكثر من Bell Labs التي كانت موجودة بمثابة قسم الأبحاث لشركة الاتصالات AT&T من عام 1925 وحتى 1996. مؤخراً انفصلت الشركة فأصبحت Lucent Technologies والآن هي جزؤ من Alcatel-Lucent.

يتعلق ظهور GE مع إديسون ويرجع تاريخ Bell Labs إلى مخترع الهاتف أليكساندر غرايم بيل. نحن مدينون للشركة لظهور ترانسزستورات والليزر وأقمار الاتصال والبطاريات الشمسية والعديد من لغات البرمجة. حاز عملاء المخبر على ثمان جوائز نوبل.

عندما كانت AT&T خلال عقود من الزمن تحتكر مجال تقديم خدمات الاتصالات الهاتفية بالولايات المتحدة كانت تحصل على أرباح جيدة، وجزء من الموارد كانت تتوجه إلى Bell Labs.

بعض تصميمات Bell Labs استرجعت مصروفاتها وجاءت بالربح لمساهمي AT&T، بيد أن ارتباط بين تكاليف العلم والربح لم يكن مباشراً أبداً ولا سيما حين كان الحديث يجري عن الأبحاث الأساسية.

يجوز أن تسلك Alphabet هذا النهج، وفي هذا الحال Google المهيمن في مجال نظام البحث سيلعب دور المانح مثل AT&T. الشركة حالياً ميسورة مادياً فبإمكان الرئاسة أن توجه جزءاً من الربح إلى تمويل الأبحاث الأساسية.

كما وتظهر هذه الموازاة المخاطر التي قد تتعرض لها الشركة إذا سلكت بعيداً سبيل Bell Labs. بقي النظام عائماً فقط إلى الحد حين كانت AT&T محتكرة وتقبض أرباحاً فاحشة. وبعد أن تعرضت الشركة عام 1982 لضربات الإجراءات المضادة للاحتكار اضطرت إلى ربط الأحزمة على البطون.

بكلمة أخرى يجوز تمويل الأبحاث التي تتمتع بأهمية عالمية ولكن فقط لحين وجود البقرة الحلوب وهي الأعمال التجارية الأساسية كمصدر الإيراد.

إذا تمكنت Alphabet ولو الاقتراب من نجاح الشركات الموصوفة سواء من حيث الابتكارات أو النتائج المالية لن يجلب هذا للمساهمين والمستخدمين إلا السعادة، بيد أن الموازات التاريخية تظهر بأن ما هو جيد للابتكارات ليس جيداً دوماً للمساهمين.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق