المملكة العربية السعودية محاصرة
الصفحة الرئيسية تحليلات

المملكة العربية السعودية يمكن أن تفلس أسرع من تقوض صناعة النفط في الولايات المتحدة.

إذا لم تخطئ السوق الآجلة للنفط فإن المملكة العربية السعودية ستبدأ بالنزول الى الهاوية في العامين المقبلين. بحلول نهاية العقد ستهدد الأزمة وجودها بأكمله.

إن سعر العقد لتوريد النفط المنتج في الولايات المتحدة في ديسمبر 2020 يشكل الآن 62.05 دولار ويعد ذلك بتغييرات جذرية في المشهد الاقتصادي في الشرق الأوسط وغيرها من البلدان التي تعتمد على صادرات النفط.

في نوفمبر من العام الماضي، قامت المملكة العربية السعودية بخطوة محفوفة بالمخاطر للغاية،التي تتشكل في التوقف عن دعم أسعار النفط. بدلاً من ذلك، قررت الحكومة أن تملأ السوق وتطرد المنافسين من خلال زيادة الإنتاج إلى 10.6 مليون برميل يومياً في ذروة انخفاض الأسعار.

الآن Bank of America يقول أن أوبك «أساساً ستنهار». حتى ان المنظمة يمكن أن تغلق مكاتبها في فيينا لتوفير المال.

إذا كان الغرض من الخطة محفوفة بالمخاطر هو خنق الصناعة الأميركية للصخر الزيتي، فإن السعوديين أخطؤوا بقوة وأنهم قد قللوا من قيمة التهديد المتنامي لإنتاج الصخر الزيتي في كل مرحلة خلال السنوات الثماني الماضية. وقد اعترف البنك المركزي للمملكة العربية السعودية في تقريره الأخير عن الاستقرار:

«يصبح من الواضح أن المنتجين غير المدرجين في أوبك، لم يكونوا حساسين جداً إثر انخفاض أسعار النفط، كما كان يبدو لنا، على الأقل على المدى القصير. كان الأثر الرئيسي هو ليس ضعف التنمية في الآبار القائمة، بل الانخفاض في معدل تنمية الودائع الجديدة. وذلك يتطلب المزيد من الصبر ».

وقال أحد الخبراء في السعودية بتصريح أكثر حدة: «لم تنجح هذه السياسة، ولن تنجح على الإطلاق».

وبتسببهم في انهيار أسعار النفط دمر السعوديون وحلفائهم من الخليج بالكامل آفاق عدد من المشاريع المكلفة في القطب الشمالي الروسي، وخليج المكسيك، وفي المياه العميقة في المحيط الأطلسي ورمال القطران الكندية.

يؤكد مستشاري Wood Mackenzie أن شركات النفط والغاز الكبيرة وضعت على الرف 46 مشروع كبير، أو 200 مليار دولار من الاستثمارات.

تشكلت المشكلة بالنسبة للمملكة العربية السعودية في أن تكاليف الشركات الأمريكية المنتجة للنفط باستخدام التصديع الهيدروليكي ليست عالية جدا. إنهم يقعون أساسا في المدى المتوسط، ويعتقد خبراء IHS أن الشركات في هذا العام يمكن أن تخفض التكاليف بنسبة 45٪ أخرى وليس فقط عن طريق التحول إلى الآبار ذات العوائد المرتفعة.

تسمح التكنولوجيا المتقدمة للحفر الأفقي لشركات الصخر الزيتي تشغيل خمس أو عشر آبار في إتجاهات مختلفة على نفس الموقع. تستطيع آلات التصديع الذكية البحث عن الشقوق في الصخور. و تعد البروبانات الجديدة القابلة للذوبان بتوفير 300 ألف دولار من كل المناجم. يقول جون هيس رئيس Hess Corporation: «لقد خفضنا تكاليف الحفر بنسبة 50٪، ونحن نرى فرصا للحد منها بنسبة 30٪».

و سكوت شيفيلد، مدير Pioneer Natural Resources يوافق معه: «لقد حفرنا حفرة بعمق 5500 متر في حوض خلال 16 يوما. في العام الماضي، استغرق الشيء نفسه شهر كامل ».

انخفض عدد الحفارات العاملة في الولايات المتحدة من 1608في أكتوبر إلى 664 وحتى مع ذلك إرتفع الإنتاج في يونيو إلى أعلى مستوى خلال 43 عاماً و هو 9.6 مليون برميل يومياً. السوق بدأت بالتغير الآن فقط. وقد قال ريكس تيلرسون رئيس شركة Exxon Mobil: «إن القطار من الولايات المتحدة مع الصخر الزيتي يسير و يسير».

وقال أنه يعتقد أن الديناميات الجيدة في الصناعات ذات الصلة (إستخراج الغاز الصخري) ينبغي أن تكون بمثابة تحذير لأولئك الذين يتخذون إستنتاجات بعيدة المدى من عدد من منصات الحفر النشطة. إنهارت أسعار الغاز منذ عام 2009 من 8 دولار إلى 2.78 دولار وإنخفض عدد منصات إستخراج الغاز من 1200 إلى 209. ومع ذلك، وخلال هذا الوقت إرتفع الإنتاج بنسبة 30٪.

حتى الآن، كانت شركات الصخر الزيتي محمية بعقود التحوط. إن هذه العقود تنتهي في الأشهر المقبلة وبالتالي فإن الصناعة ينتظرها إختبار جديٌ للمقاومة. ولكن حتى لو قام عشرات المضاربين بالإفلاس، بعد أن يفقدوا التمويل، فإنه لن يساعد أوبك.

ستبقى الآبار في مكانها. و لن تذهب التكنولوجيا والبنية التحتية إلى أي مكان. وستقوم الشركات القوية بامتصاص الخاسرين مع أخذ مهامهم. بمجرد أن يرتفع سعر النفط مرة أخرى الى 60 دولارا أو حتى 55 دولار و بما أن حدود الربحية تستمر في الانخفاض فإنهم سيقومون بزيادة الإنتاج تقريبا على الفور.

الآن أوبك معرقلة بالعديد من العوامل. و أي زيادة في السعر سيليها نمو الإنتاج في الولايات المتحدة. والقيد الوحيد هي كمية احتياطيات النفط في الولايات المتحدة، والتي يمكن استخراجها على مستوى متوسط ​​الإنفاق؛ وهناك فرصة أنها ستكون أكبر مما كانوا يعتقدون أصلا، ناهيك عن الإنتاج الموازي في الأرجنتين وأستراليا، أو التصديع الهيدرولي "النقي" في الصين والذي أصبح ممكناً بعد أن قلل أسلوب نبض البلازما من الطلب على المياه.

يقول شيفيلد أن حوض العصر البرمي في ولاية تكساس يمكن أن بعطي لوحده 5-6 مليون برميل يومياً على المدى الطويل و ذلك أكثر من الحقل العملاق الغوار في السعودية، وهو الأكبر في العالم.

و قد وقعت المملكة العربية السعودية في فخ الواقع في حالة ميؤوس منها. إن 90٪ من إيرادات ميزانيتها تعتمد على النفط. خلال 50 سنة منذ بداية حمى النفط لم تظهر تقريباً أي صناعة أخرى.

المواطنون لا يدفعون ضريبة على الدخل، والفوائد أو الأرباح على الأسهم. و بفضل الدعم يكلف البنزين 12 سنتا للتر، والكهرباء 1.3 سنت لكل كيلو واط في الساعة. وقد ارتفع الإنفاق الاجتماعي بشكل حاد بعد الربيع العربي، عندما سعت المملكة لخنق المعارضة.

وفقا لصندوق النقد الدولي، سيبلغ عجز الموازنة في المملكة العربية السعودية هذا العام 20٪ من الناتج المحلي الإجمالي، أو نحو 140 مليار دولار أمريكي. إن أسعار النفط التي كانت قد تتيح تجنب ذلك هي 106 دولار للبرميل.

لكن الملك سلمان لا يفكر في الاقتصاد، إنه يرمي المال، ويعطي 32 مليار دولار كمكافأة على شرف التتويج لجميع العاملين والمتقاعدين.

وقد بدأ الحرب المكلفة ضد الحوثيين في اليمن ويقوم بتكديس الأسلحة المؤلفة من الأسلحة المستوردة بالكامل و ينبغي لهذا دفع المملكة العربية السعودية إلى المركز الخامس في العالم في القدرة الدفاعية.

تترأس العائلة المالكة في السعودية المعارضة السنية ضد إيران المتمردة، وتقاتل من أجل الهيمنة في صراع مرير بين السنة والشيعة في الشرق الأوسط. يقول جيم وولسي، المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية:

«في الوقت الراهن، كل ما يفكر به السعوديون هو الإيرانيين. لديهم مشكلة خطيرة جداً. تقع اليمن وسوريا والعراق ولبنان في دائرة نفوذ إيران».

بدأت الأموال في التدفق بعيدا عن المملكة العربية السعودية بعد الربيع العربي. حتى قبل انهيار أسعار النفط بلغ صافي تدفق رأس المال 8٪ من الناتج المحلي الإجمالي في السنة. ومنذ ذلك الحين، تنفق البلاد من احتياطياتها من النقد الأجنبي بوتيرة متسارعة.

في أغسطس عام 2014 بلغت احتياطيات النقد الأجنبي في البلاد ذروتها و هي 737 مليار دولار. في مايو، إنخفضت إلى 672 مليار دولار. ومع أسعار النفط الحالية وإنها تنخفض ب12 مليار في الشهر على الأقل.

وقال خالد السويلم، وهو مسؤول سابق في البنك المركزي للمملكة العربية السعودية، والآن موظف في جامعة هارفارد، أن الاحتياطيات بالكاد تكفي لتغطية العجز في الميزانية.

وهذا صحيح، فهي ليست مرتفعة بشكل خاص، بالنظر إلى أن البلاد لديها نظام أسعار صرف ثابتة. الكويت وقطر وأبو ظبي لديها ثلاثة أضعاف هذه الاحتياطيات للفرد الواحد. يقول السويلم: «نحن أكثر عرضة للخطر. هذا هو السبب في أننا تحتل المركز الرابع في التصنيف الائتماني للخليج الفارسي - «AA-». إننا لا يمكن أن نخسر وسادة أماننا في العامين المقبلين ».

في فبراير، خفضت Standard & Poor’s توقعاتها عن البلاد إلى «السلبية»:

«نحن ننظر إلى اقتصاد المملكة العربية السعودية كغير متنوع وعرضة لتراجع حاد ومستمر في أسعار النفط».

كتب السويلم في التقرير بالنيابة عن جامعة هارفارد أن المملكة العربية السعودية في هذه المرحلة يمكن أن تحصل على تريليون من الأصول الإضافية، إذا تبنت البلاد النموذج النرويجي من صندوق الثروة السيادية، وهو ما يعني وضع المال بشكل مستمر في التداول، بدلا من معالجة الاحتياطيات كحصالة لوزارة المالية. و قد أثار التقرير ردود فعل قوية في الرياض. يقول السويلم:

«قبل ذلك، كنا محظوظين، لأن أسعار النفط كانت تتعافى في الوقت المناسب. ولكن لا يمكننا الاعتماد على ذلك مرة أخرى ».

كانت أوبك تؤجل حل المشاكل لفترة طويلة، على الرغم من أنه من الممكن أن الكارتل لم يكن لديه إلا القليل ليضعه بمواجهة فوائد التكنولوجيا في الولايات المتحدة. إذا نظرنا إلى الوراء، يمكننا أن نقول بأمان أن السماح للأسعار البقاء طويلا في هذا المستوى الرفيع، كان خطأ استراتيجيا فإن ذلك ما سمح بظهور استخراج نفط الصخر الزيتي، والطاقة الشمسية الحديثة. ليس من السهل إعادة وضع الجني في الفانوس.

الآن إن المملكة العربية السعودية في فخ. حتى لو تمكنت من إبرام إتفاق مع روسيا وتنظيم تخفيضات الإنتاج للزيادة في الأسعار(والتي، بالمناسبة، ليست مضمونة) فالبلد كان سيكون فقط باقياً واقفاً على قدميه لفترة أطول قليلاً، وذلك لأن تكنولوجيا النفط الصخري كانت قد ظهرت في وقت لاحق.

مهما كان، ففي الدورة الحالية يمكن أن تقع إحتياطياتها إلى 200 مليار دولار بحلول نهاية عام 2018. إن السوق المتعطشة النبوءات القاتمة ستستجيب خلال فترة طويلة قبل ذلك. وسيتم تسريع هروب رأس المال.

الحكومة يمكن أن تقلل من تكاليف الاستثمار لبعض الوقت (كما حدث في منتصف ثمانينات القرن الماضي) ولكن في النهاية سيكون عليها اللجوء للتقشف القاسي. لايمكن للدولة أن تسمح لنفسها بدعم مصر و النفوذ السياسي على العالم السني.

الإنفاق الاجتماعي هو الصبغ الذي يلصق النظام الوهابي من القرون الوسطى بينما تحتج الأقلية الشيعية في المنطقة الشرقية وتقوم داعش بالهجمات بشكل غير متوقع، وتهددها اليمن بالغزو. تكمن في قلب مجال نفوذ السعودية، التي شاركت في النسخة الشرق أوسطية من حرب الثلاثين عاما في أوروبا، والتي لا يزال يتعافى من صدمة الانتفاضة الديمقراطية تكاليف دبلوماسية حصراً. و يمكننا أن نكتشف أن صناعة النفط في الولايات المتحدة لديها تأثير أكبر من الهيكل السياسي الهش، الذي يقف وراء أوبك.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق