في النصف الأول من عام 2015 لوحظ في التجارة العالمية أكبر انهيار منذ أيام أزمة 2009.
في النصف الأول من هذا العام عاشت الأسواق المالية العالمية أكبر انهيار منذ الأزمة المالية التي وقعت عام 2009. المعطيات الأخيرة زادت الزيت في نار المناقشة حول ما إذا كانت عولمة الاقتصاد قد وصلت إلى ذروتها.
يوم الثلاثاء أخبر المكتب الهولندي لتحليل السياسة الاقتصادية أنه خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة أي من أبريل وحتى يونيو تقلص حجم التجارة العالمية بنسبة 0.5% بالمقارنة مع الربع الأول من العام.
كما وراجع الاقتصاديون في المكتب تحليل نتائج الربع الأول باتجاه الأسفل، والتي تقدر الآن كتقلص بنسبة 1.5%. وهكذا فإن النصف الأول من عام 2015 بات أسوأ مرحلة منذ فترة انهيار التجارة العالمية عام 2009 الذي عقب الأزمة.
يقال في دراسة التجارة العالمية World Trade Monitor التي يقوم بها العاملون في المكتب بأن حجم العمليات العالمية ارتفع في شهر يونيو بنسبة 2% لكن المؤلفين ينبهون أنه خلال شهر كانت الدلائل الرئيسية غير موزونة، ولأجل إدراك الصورة كاملاً يجب الالتجاء إلى البيانات طويلة الأمد.
تبقى هذه المعطيات متمشية مع أكثر الدلائل كآبة في السنوات الأخيرة بالتجارة العالمية وتخالف القاعدة القديمة لعصر "العولمة المفرطة" التي تقول بأن حجم التجارة ينمو ضعف نمو الاقتصاد العالمي.
حسبما تدل المعطيات الأخيرة لدى المكتب خلال ثلاثة أشهر أي منذ شهر أبريل وحتى يونيو ازدادت التجارة العالمية فقط بنسبة 1.1% بالمقارنة مع نفس ربع العام في عام 2014. يتوقع صندوق النقد الدولي أنه في هذا العام يجب أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3.5%.
حتى الآن تنبئ المنظمة التجارية العالمية على زيادة حجم التجارة العالمية في هذا العام بنسبة 3.3% ولكن يرجح أنها ستراجع تقديرها ومن ثم ستخفضه.
يتعلق تباطؤ التجارة العالمية قبل كل شيء مع تباطؤ سرعة الإنتعاش في أوروبا وكذلك مع تباطؤ سرعة نمو اقتصاد الصين. هذا ما قاله في المقابلة مع منشور Financial Times كبير الاقتصاديين في المنظمة التجارية العالمية روبرت كووبمان. حسبما قال إن "محرك نمو" الاقتصاد العالمي يعمل مع انقطاعات منذ فترة طويلة، وإن "النمو الجيد في بعض البلدان يعوض بالنمو الضعيف في بدان أخرى".
ولكن في الاقتصاد العالمي يحدث انحراف هيكلي واضح وهذا يعني أن تباطؤ سرعة النمو في التجارة العالمية سيبقى محتملاً لفترة ما.
كما يعتبر كووبمان بأن محاولة الصين الانتقال من الاقتصاد ذات اتجاه تصديري إلى النموذج الاقتصادي الذي سيتسند قبل كل شيء على الاستهلاك الداخلي له عواقبه الهيكلية للتجارة الدولية.
كما أن نفس العواقب لها تغيرات في ديناميكية فرع الطاقة في الولايات المتحدة، إذا تصبح البلاد مصدرة للطاقة ويزداد عدد المنتجين الذين قرروا التخفيف من سلاسلهم العالمية للتوريدات وتحويل الإنتاج "أقرب إلى البيت". قال كووبمان لـ FT:
"يجري في الاقتصاد العالمي التصحيح، ويظهر هذا بوضوح تام في التجارة".
أجبر تباطؤ سرعة النمو في التجارة العالمية الكثير من المحللين على الإعلان بأن عولمة الاقتصاد قبل بلغ ذروته مع ظهور الابتكارات التكنولوجية مثل طباعة 3D التي تغير العمليات المعتادة.
ولكن حسبما قال كووبمان حتى ولو أن العولمة فعلاً بلغت ذروتها ليس ثمة أية دلائل بأن العملية قد سارت الآن بالاتجاه العكسي.
في حين أن نمو حجم التجارة قد تباطأ "متبعاً الناتج الإجمالي العالمي" ما زالت هي عنصراً مستقراً في الاقتصاد العالمي، فعند إجراء القياس بأسعار عام 2005 ما زال تصدير البضائع مسؤول عن ثلث نمو الاقتصاد العالمي.