لماذا لم تشارك بلاد جنوب آسيا في أهم اتفاقية تجارية لهذا الجيل.
لقد أكملت الولايات المتحدة و 11 دولة أخرى المفاوضات حول الشراكة عبر المحيط الهادئ، وهو الاتفاق الذي ستخضع له 40٪ من التجارة العالمية في آسيا وعلى ساحل المحيط الهادئ، بما في ذلك بعض بلدان أمريكا اللاتينية. تمثل هذه الشراكة مجموعة فرعية من منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (أبيك)،ويمكن أيضا توقع أن أعضاء أبيك الآخرون سيقررون الانضمام إلى هذه الشراكة في المستقبل.
دعمت الصين، البلد الذي لديه أكبر اقتصاد في آسيا، وهي ليست طرفا في المفاوضات، هذا الاتفاق. وقال رئيس الوزراء الياباني أن انضمام الصين إلى الشراكة كان من شأنه أن يساهم في «الاستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ». و صرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما في يونيو أن المسؤولين الصينيين كانوا يجمعون المعلومات حول إمكانية الانضمام إلى الشراكة.
إذا فأين الهند؟ حتى الآن لم يظهر هذا البلد اهتماما واضحا بالانضمام إلى الشراكة. وذلك لأن الهند لم تكون بعد رأيا مشتركا واضحا حول ما إذا كان الوصول الموسع للسوق سيزيد فرص نموالاقتصاد الهندي وعما إذا كان الربح يفوق الخسائر المحتملة التي قد تتكبدها الصناعات التي لا تزال تحت حماية القيود المفروضة على الاستيراد.
للنظر في إمكانية العضوية في شراكة المحيط الهادئ كان على الهند الاستعداد لافتتاح أكبر للسوق وكذلك لرفع المعايير بالمقارنة مع تلك التي كانت تتبعها من قبل.
على ممثلي السلطات أن يقرروا ما إذا كانوا يريدون أن يمرروا عبر بلادهم تدفقات تجارية أكثر قوة والتي من شأنها ضمان مشاركة واسعة في الاتفاقات الإقليمية.
بطبيعة الحال تجري في آسيا محادثات غير متعلقة بشراكة المحيط الهادئ حول الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة. وتشارك الهند والصين في هذه المفاوضات وجوهر المفاوضات هي رابطة دول جنوب شرق آسيا. تشارك سبع دول وهي أستراليا وبروناي دار السلام واليابان وماليزيا ونيوزيلندا وسنغافورة وفيتنام في المفاوضات حول شراكة المحيط الهادئ والشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة. يقدر خبراء التجارة عموما الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة كعملية بمتطلبات أكثر تواضعا من شراكة المحيط الهادئ.
وبالإضافة إلى ذلك فإن الدول الآسيوية ذات الاقتصادات الكبيرة مثل الصين واليابان والهند والاقتصادات الناشئة تميل إلى عقد مفاوضات تجارية ثنائية وإقليمية بين بعضها البعض. وقد أبرمت الصين والهند اتفاقية للتجارة الحرة مع رابطة دول جنوب شرق آسيا لمصالحها الخاصة ومصالح الرابطة. ويحظى كلا البلدين على اتفاقات ثنائية منفصلة مع سنغافورة.
أما بالنسبة للساحل الآخر من المحيط الهادئ، فقد وقعت الصين اتفاقيات تجارة حرة مع تشيلي وكوستاريكا وبيرو. وتجري الهند مفاوضات لما يقارب التسع سنوات لعقد مثل هذا الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي وفي عام 2011 وقعت اتفاق الشراكة الاقتصادية الأوثق مع اليابان وتتواجد في مرحلة إجراء المفاوضات لعقد اتفاق الشراكة الاقتصادية الأوثق مع أستراليا وكندا.
وفي دراسة نشرت في سبتمبر أثبت فريد بيرجستين، من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي أن الهند قد تحصل على ما يصل إلى 500 مليار دولار من الصادرات عندما ستنضم إلى شراكة المحيط الهادئ الموسعة.
وتبدو هذه الفكرة بالتأكيد مثل تلك التي يجدر النظر فيها بالنسبة للحكومة المهتمة في تنمية الصادرات من البلاد وخلق فرص عمل. وأصبحت الهند أكثر نشاطا في الساحة الدولية فيما يتعلق بمصلحة واضحة في الانضمام إلى منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ وهي خطوة ضرورية لعضوية شراكة المحيط الهادئ. ومع ذلك، يبدو الآن أن على نيودلهي العمل على إقناع شركائها، بما في ذلك الولايات المتحدة، أن البلاد مستعدة لذلك.
على الرغم من أن البيان المشترك للرؤية الاستراتيجية لمنطقة آسيا والمحيط الهادي ودول المحيط الهندي الذي أصدر في يناير يدعم «الاهتمام لانضمام» الهند إلى أبيك، لم تصدر تعليقات أخرى من الولايات المتحدة نتيجة لاجتماع أوباما مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي. وفي مؤتمر صحفي مشترك مع أوباما بعد لقائهما في 28 سبتمبر 2015 في نيويورك، قال مودي أنه «يأمل على العمل المشترك مع الولايات المتحدة لدخول الهند إلى أبيك». ولم يرد أوباما على تصريح مودي بأي شكل.
يجب أن تكون الولايات المتحدة مهتمة في وضع خطط أكثر طموحا لعلاقاتها الاقتصادية مع الهند وبدء تعاون وثيق مع ممثلين عن الحكومة الهندية لتحقيق هذا الهدف. ويمكن لأبيك أن يكون نقطة انطلاق جيدة كمنتدى لتعزيز التجارة دون التزامات، ويمكن بعد ذلك مناقشة اتفاقية التجارة الحرة على المدى الطويل أو انضمام الهند إلى شراكة المحيط الهادئ.
وفي نفس الوقت، لجعل هذا ممكنا، على الهند أن تقرر ما إذا كانت تريد الحصول على الفوائد التي من شأنها أن تجلبها التجارة الموسعة في شراكة أكثر انفتاحا من تلك التي كانت البلد متواجدة بها من قبل، وعما إذا كانت على استعداد لاتخاذ قرارات صعبة داخل البلاد لتحقيق ذلك .