أمريكا وروسيا تتصارعان من أجل العراق
Kirill Kudryavtsev/Pool Photo via AP
الصفحة الرئيسية تحليلات, روسيا, الولايات المتحدة, بوتين, سوريا

بعد أن يئست العراق من الحصول على مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية اتفقت مع روسيا حول إنشاء تحالف لمكافحة داعش.

يرحب عناصر الحواجز في كل أرجاء البلاد بوصول روسيا إلى المنطقة أملاً بأن القوات الروسية ستساعد في قلب الوضع في مكافحة داعش في شمال غرب العراق، الصراع الذي لم يستطع جيش العراق فيه تحقيق نجاحات تذكر خلال 16 شهراً مضت. يقول شرطي عاد من الجبهة منذ شهر فقط:

«الولايات المتحدة وحلفاؤها لم يفعلوا شيئاً. الآن، وأخيراً، سيظهر تحالف حقيقي لمكافحة داعش».

أثارت العراق في نهاية الشهر الماضي غضب الأمريكان حين وقعت اتفاق تبادل معلومات استخباراتية مع روسيا. وبعد عدة أيام نظّم الجنرالات الروس هيئة أركان عملياتية مشتركة مع إيران وسوريا، الخصمين الإقليميين للولايات المتحدة، مباشرةً داخل «المنطقة الخضراء» في بغداد حيث تقع السفارة الأمريكية. وبعد ذلك قامت روسيا بقصف أهداف في الأراضي السورية من بحر القزوين مروراً بالمجال الجوي للعراق.

خاطب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي روسيا طالباً منها توسيع حملتها الجوية في سوريا لتشمل تشكيلات داعش على الأراضي العراقية، وتفتخر قواتها المسلحة بالدبابات الروسية. بعض كبار الموظفين يتحدث عن تقديم قواعد جوية للروس. يقول أحد كبار رؤساء واحد من أجهزة المخابرات:

«نحتاج إلى حلف عسكري حقيقي».

وتدرك أمريكا أن بعد مئات مليارات الدولارات وآلاف الأرواح التي كلفتها الحرب قد تستعيد روسيا نفوذها في العراق، الأمر الذي لم يكن يمكن تخيله منذ أيام الحرب الباردة. بقي رئيس الوزراء العبادي الذي أوصله الأمريكان إلى السلطة مطيعاً حتى الآن. يقول أحد الدبلوماسيين الغربيين في بغداد أن الغارات الإيرانية على سوريا التي كانت تعد بالعشرات يومياً في السابق كادت تتوقف الآن. ولكن خطر أن العبادي سيتفاهم مع الروس، بالإضافة إلى الفشل في تحقيق الحملة الموعودة ضد الفساد، يجبران بعض الدول الغربية على البحث عن قادة بديلين.

ملء الفراغ

يقول رجال العبادي أن الخيارات المتاحة لطلب المساعدة محدودة، فبعد هبوط أسعار النفط تنفق العراق ربع ميزانيتها على مكافحة داعش. ومحاولة إصدار سندات مالية في الأسواق الخارجية هذه السنة باءت بالفشل لأنها ما حظيت بالطلب رغم سعر الفائدة 11٪. ومع أن الولايات المتحدة تؤكد أن هدفها لا يزال «تفكيك وتدمير» داعش (كلام باراك أوباما)، يشبته العراقيون بأنها تريد فقط محاصرة الخلافة وليس لديها نية بالحرب الهجومية، وهذا يعني تفكك البلاد.

بما أن العبادي في موقف ضعف، يحاول استفزاز الولايات المتحدة الأمريكية باحتمال تحالفه مع روسيا. منذ أرسلت أمريكا قواتها في سنة 2007 لمكافحة القاعدة، وهي سلف داعش، تقلص حجم المساعدات الخارجية بمقدار 80٪. وموارد الحكومة محدودة، والقوات المسلحة تحصل على الأسلحة في وقت متأخر وبكميات غير كافية. يقول العبادي:

«كنا نتوقع أن التحالف الدولي والأمريكان سيرسلون طائرات كثيرة لتغطية قواتنا من الجو، إلا أن هذا لم يحصل».

قد يكون هذا الرهان رابحاً، فيبدو أن خطر زيادة نفوذ روسيا يجبر الولايات المتحدة الأمريكية على التحرك. في الأيام الأخيرة تزايدت ضربات التحالف على المدينتين بيجي والرمادي لتوفير التغطية للجيش العراقي الذي بدأ هجوماً جديداً ضد الخطوط الدفاعية لداعش. وأعلن موظف أمريكي أن مقاتلي الخلافة لم يروا سابقاً هجوماً كاسحاً كهذا.

ولكن الخطر عال، ويكمن في توسيع وتعميق المشاكل الطائفية في المنطقة. رسامو الكاريكاتير العراقيون يصورون بوتين على شكل بطل شيعي يساعد الشيعة (وتقودهم حالياً إيران) في توسيع نطاق نفوذهم. مع ذلك، القوات السنية لا تزال تفضل الولايات المتحدة رغم الصفقة النووية بين أوباما وإيران. وبعد عدة أشهر من الانتظار حصل بعض الثوار السوريين على أسلحة أمريكية (والهدف منها رسمياً الكفاح ضد داعش وليس ضد جيوش الأسد).

وفي العراق يقوم الأمريكان بتسليح وتدريب آلاف الرجال لتنظيم جناح سني في جبهة تقودها حالياً إيران الشيعية. في البرلمان وفي الشوارع جزء من السنيين ينددون بحضور روسيا بشدة مثل شدة فرح الشيعيين به. وقد لخص أحد رسامي الكاريكاتير الجو العام:

«أعيدوا القنابل الأمريكية وخلّصونا من الروسية».

إلا أن مواقف السنة والشيعة ليست جازمة دائماً؛ فمثلاً، المقاتلون الموالون لرجل الدين الشيعي مقتضى الصدر يقولون أنهم سيقاتلون الروس بنفس الشراسة التي قاتلوا بها الأمريكان، أما السنيون الذين يأملون بالعودة إلى الموصل (ثاني مدن العراق حجماً الواقعة حالياً في يد داعش) لا يحبون أوباما. ويقول السياسي والقائد السني مشعان الجبوري وحاكم الموصل السابق: «نحتاج إلى مساعدة من الروس لاستعادة الموصل».

ما أهمية هذا؟

  • العراق لديها احتياطيات نفط، وقد استولت داعش قبل كل شيء على المنشآت النفطية في أراضيها.
  • لم تحقق الولايات المتحدة الأمريكية بعد كل هذه السنوات في العراق نجاحات كبيرة في إنشاء دولة ديمقراطية قوية. لا يستطيع الجيش المحلي السيطرة على داعش، والموارد التي تم تخصيصها للجيش أنفقت لأغراض أخرى، ولهذا لم تعد أمريكا تأخذ مبادرات جدية في العراق، فيبحث قادة العراق عن أي مساعدة كانت.
  • تتوسع روسيا في نفوذها في الشرق الأوسط عندما تساعد العراق في مكافحة داعش، وربما تقوّي نفوذها السياسي في المستقبل إذا نجحت في هذا.
  • لا تزال العراق غير متماسكة، والكثير من الجماعات المحلية مستعدة لمكافحة داعش بالإضافة إلى محاربة الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.
اقرأ أيضا:
الرجاء وصف الخطأ
إغلاق