إعدام الشيخ باقر النمر الذي عرف بانتقاده للأسرة الملكية الحاكمة حظي على استنكار دولي واسع إلا أن أعلى الأصوات أتت من إيران.
الاحتجاجات اقتحمت السفارة السعودية في إيران وأضرمت النيران فيها. المرشد الأعلى للثورة الإسلامية على خامنئي حذر المسؤوليين السعوديين من أنهم سيواجهون انتقاما "إلهيا" على أعمالهم. فيما ردت الرياض على هذا يوم الأحد بقطع العلاقات الدبلوماسية وإعطاء الدبلوماسيين الإيرانيين 48 ساعة للمغادرة.
تصاعد الخلافات بين أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم والدولة التي تسعى للتخلص من العقوبات الدولية يمكن أن يؤدي إلى عواقب محلية وخيمة، خاصة أن الدولتين تتواجهان في سوريا واليمن في سعيهما للهيمنة الإقليمية.
هنا نشرح لكم ما يمكن أن تؤدي إليه الأحداث الأخيرة.
من كان نمر النمر؟
نمر النمر الذي كان يبلغ من العمر 57 عاما داعية شيعي من المنطقة الشرقية الغنية بالنفط في المملكة العربية السعودية، كان شخصية معروفة في المظاهرات المناهضة للحكومة كما عُرف بانتقاده للمسؤولين السعوديين في خطبه بسبب معاملتهم للأقلية الشيعية.
عام 2009 دفع الشيعة السعوديين للخروج في مظاهرات ما سبب أعمال عنف في المناطق الشيعية في البلاد. في خطبه كان النمر ينتقد الحكام السنة والشيعة على حد سواء، إلا أن انتقاداته الأكبر كانت توجه للأسر السعودية والبحرينية الحاكمة.
خلال لقائه الدبلوماسيين الأمريكيين عام 2008 سعن النمر إلى فصل شخصيته عن طهران حسب ما أسفرت عنه وثائق ويكيليكس. كان يزعم أن إيران، كالدول الأخرى تطمح لتحقيق مصالحها وأن الشيعة السعوديون لا يتوقعون مساعدة من إيران. التقارير تصفه بـ"السياسي الثاني" في المنطقة الشرقية.
الأمن السعودي أصاب النمر في مواجهات مع أتباعه عام 2012 لأنه حاول الهروب بحسب ما أعلنت عنه الوكالة السعودية للأنباء في ذلك الوقت. كما أن النمر أطلق النار على قوى الأمن السعودية وتم اعتقاله ووضعه في المشفى إلى أن حكم عليه بالإعدام عام 2014.
ما يعني هذا الإعدام بالنسبة للملكة العربية السعودية؟
بينما تجنبت الأغلبية السنية الربيع العربي الذي اجتاح الدول العربية منذ 2011، تظاهر الشيعة، الذين يعانون من الاضطهاد، مرات عديدة وقاموا بمواجهة قوى الأمن. الأغلبية الشيعية في المملكة تقطن بجانب أكبر حقل نفطي في المنطقة الشرقية وبحسب معطيات CIA World Factbook يشكل الشيعة من 10% إلى 15% من السكان.
يقول إبراهيم فرحات، المحاضر في السياسة الخارجية في مركز الدوحة أن عملية الإعدام "زادت من عدم الاستقرار في المملكة العربية السعودية بخلقها رمزا للغضب الشيعي"، وأوضح في مقابلة له أن "القليل من الأشخاص كانوا يعتبرونه ممثلا للشيعة في الماضي لكن الآن أصبح رمزا للمواجهة بين الشيعة والسنة".
الشرطة في مواجهة المتظاهرين أمام السفارة السعودية في طهران
عام 2015 استفاد تنظيم داعس من التصدع الطائفي السعودي وقاموا بتفجير جامع شيعي في المنطقة الشرقية.
الشيعة بشكل عام يجاورون البحرين، الجزيرة الصغيرة التي تشكل قاعدة للإسطول الأمريكي الخامس. المسؤولون البحرينيون يقومون بانتظام بتوجيه التهم إلى إيران بمساعدة المجموعات الشيعية المتطرفة، بينما تقوم طهران بالتبري من هذه التهم.
لماذا عملية الإعدام ستزيد من الضغوط المحلية؟
باعتبار الديناميكيات المعقدة في المنطقة، في اليمن وسوريا والعراق، إعدام النمر كان رسالة تظهر السياسة السعودية "الصارمة" ضد إيران وأتباعها كما يقول سكوت لوكاس، المحلل الإيراني وبروفسور العلاقات الدولية في جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة.
يقول: "قام السعوديون بتخطي الخط عمدا بإعدامه، ولزيادة الإهانة قاموا بوصفه بتعابير تجعله قريبا من إرهابيي القاعدة".
النمر كان واحدا من 47 شخصا أعدموا السبت. كان العديد منهم من السنة ممن واجهوا تهمة بالإرهاب ومن وصفوهم المسؤولون السعوديون بتعابير تناسب المجموعات الإرهابية كالقاعدة والدولة الإسلامية.
ردة فعل إيران
المتظاهرون الإيرانيون الذين تسلحوا بالحجارة والعبوات الناسفة هجموا على السفارة السعودية في طهران مساء السبت وأضرموا النار في جزء من المبنى. جزء من المتظاهرين اقتحموا السفارة وقاموا بتفتيشها، وكما صرح رئيس الشرطة في طهران حسين ساجدينيا تم إلقاء القبض على البعض منهم.
القائد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي صرح الأحد أن الحكام السعوديون سيواجهون "انتقاما إلهيا" لما قاموا به. كما أن خامنئي المعروف بانتقاده للسعودية زعم أن إيران سترد. الرئيس الإيراني حسن روحاني صرح أنه لا يريد تصعيد النزاع. وبينما ندد بالإعدام اعترف روحاني أن الهجوم على السفارة السعودية لا مبرر له.
يقول لوكاس أن ما حدث يمكن أن "يتطور بسرعة إلى نزاع محلي" في إيران بين المجموعات المتطرفة والأكثر اعتدالا، القريبة من روحاني.
هل سيزداد الانشقاق بين إيران والمملكة العربية السعودية؟
بحسب لوكاس "الكرة في الملعب الإيراني". المؤشرات التي قد تدل على أن طهران جاهزة لبدء المواجهة يمكن أن تكون على شكل "مساعدة الحوثيين" في اليمن أن زيادة الدعم لحزب الله الذي يرسل مقاتليه إلى سوريا. وقبل أن تقوم السعودية بقطع العلاقات قال لوكاس: "لا أعتقد أن هذا سيحدث".