إعدام النمر كان رسالة محلية
الصفحة الرئيسية تحليلات

إعدام 47 شخصا الذي قامت به المملكة العربية السعودية والذي سرعان ما تحول إلى دراما عالمية وأشعل الحرب مع الخصم اللدود إيران لم يكن إلا رسالة محلية أرادت المملكة أن توجهها إلى المعنيين داخل حدودها، بحسب ما يعتقده المراقبون.

بعد عام من الهجوم الذي خلف عشرات القتلى والاقتصاد الذي يعاني من تقلبات النفط والحرب التي طالت في اليمن، حكام أكبر دولة مصدرة للنفط يريدون أن يظهروا للعموم أنهم لن يتهاونوا مع الأفكار المخالفة لآرائهم. أغلبية الذين تم إعدامهم كانوا من السنة واتهموا بعلاقات مع القاعدة وضلوع في عمليات إرهابية منذ أكثر من عشر سنوات، إلا أن إعدام عالم الدين الشعي نمر النمر حظي على اهتمام كبير وسبب مظاهرات في إيران وهجوما على السفارة السعودية.

يقول توبي ماتهيسين، مؤلف كتاب "السعوديون الآخرون" كدراسة عن الأقليات في المملكة: "كانت هذه إشارة إلى الداخل المحلي عموما"، ويضيف: "الإعدامات وخصوصا إعدام النمر لقيت ترحيبا واسعا بين السعوديين، هذه وسيلة لتوحيد الأشخاص حول الدولة". إعدام النمر يوم السبت وما تبعه من إنهاء العلاقات بين إيران والمملكة أوضح الخلافات الكبيرة في المنطقة والتي تشارك فيها هاتان القوتان، في سوريا واليمن على سبيل المثال. الضغوط زادت لأن حكومة الملك سلمان، الذي تولى العرش منذ عام تقريبا بعد وفاة أخيه عبدالله، تخلت عن السياسة الخارجية الحذرة للمملكة التي كانت دائما تتبعها.

يقول السفير الأمريكي السابق إلى المملكة روبرت جوردان أن الإعدام ربما كان محاولة لدعم حكم الملك سلمان. بعض الخصوم "أرسلوا إلى الموت"، يقول جوردان في مقابلة له على بلومبرغ يوم الاثنين: "الملك عبدالله كان يتردد في الضغط على الزناد أما الملك سلمان يعرض نفسه الآن كقائد قوي".

ما تحت الغطاء

بينما استنكر الشيعة مقتل النمر قام التلفزيون الحكومي السعودي ببث مشاهد من الإعدام وما تلاه يومي الأحد والاثنين. امتلأت الشوارع بالمراسلين الذين كانوا يسألون السعوديين في الشوارع أن يجيبوا على سؤال الساعة: "ما هو العقاب الذي يستحقه الإرهابيون؟".

وزارة الداخلية صرحت السبت أن العديد ممن أعدموا شاركوا في الهجمات الإرهابية منذ أكثر من عشر سنوات بما في ذلك الهجوم على المخيمات والقنصلية الأمريكية في جدة.

يقول فهد ناظر المحلل السياسي في JTG والمحلل السابق في السفارة السعودية في واشنطن: "هناك من يميل إلى اعتبار الإعدام رسالة لإيران وربما للمجتمع الدولي ككل". ويضيف: "لكن إن كانت هذه رسالة فهي موجهة للمتطرفين والمسلحين في المملكة".

يخشى المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون من أن إعدام النمر سيزيد من المشاكل الطائفية ويصعد الصراع في سوريا واليمن وفي كل مكان في المنطقة. قال الممثل السعودي لدى الأمم المتحدة عبدالله المعلمي في حديث مع الصحفيين ونقلا عن فرانس برس أن القرار السعودي بقطع العلاقات يجب ألا يؤثر على جهود السلام في سوريا واليمن.

المسؤولون مستاؤون

يقول فيصل بن فرحان آل سعود، مدير شمال للاستثمار من العائلة المالكة أن المسؤولون السعوديون "مستاؤون من درجة الاهتمام تجاه الموضوع" لأنهم يرون قرار الإعدام "كشأن داخلي".

كما ويقول: "لسنوات كانت تتعالى أصوات تسأل لِمَ لم يتم إعدام هؤلاء؟". توقعت الحكومة السعودية ألا يتجاوز رد إيران "الكلام الحاد". يضيف: "لا أظن أنهم انتظروا ردا صارما كالهجوم على السفارة".

لعبة بموازين عالية

يقول ماتهيسين أن إدخال النمر وعدد من الشيعة الآخرين في قوائم المعدمين جعل الإعدام "أكثر تقبلا" بالنسبة للأسرة السعودية الحاكمة كقاعدة للحكم السني، لكن برأيه المسؤولون يلعبون "لعبة خطرة" مخاطرين بإعادة التوتر إلى المناطق الشرقية التي تقطنها الأغلبية الشيعية والتي تضم حقولا نفطية أيضا.

شهدت المنطقة سلسلة من الهجمات على السعوديين الشيعة من قبل المسلحين السنة ممن لهم علاقات مع داعش. لكن الوضع كان هادئا منذ الاحتجاجات التي اندلعت أثناء الربيع العربي عام 2011، بما أن السعوديون الشيعة صرحوا عن غضبهم المكتوم كأشخاص من نوع ثان في المملكة.

يقول عبدالخالد عبدالله، بروفسور علم السياسة في جامعة الإمارات العربية المتحدة أن النمر كان شخصية هامة في هذه المظاهرات وهدد عام 2009 بقيادته الشيعة المسلمين إلى الانفصال. إعدامه، على الرغم من الاعتراضات الإيرانية، رسالة واضحة للمجتمع الشيعي السعودي بألا ينتظر أيا دعم من الإيرانيين.

يضيف: "الرسالة واضحة جدا: لا تستطيع إيران القيام بشيء حيال ما يحدث".

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق