لماذا لا يزال الاتفاق حول تخفيض الإنتاج بين روسيا والمملكة العربية السعودية بعيد المنال.
يباع النفط بحوالي 30 دولاراً للبرميل، وتتعالى في كل العالم أصوات تنادي بالتخفيض المنظم للإنتاج لإعادة التوازن إلى فائض العرض العالمي. والمشكلة أن أكبر المنتجين (وبالدرجة الأولى روسيا والمملكة العربية السعودية) ليسوا مستعدين أن يخطوا الخطوة الأولى.
صرح الناطق باسم الرئيس الروسي دميتري بيسكوف اليوم أن روسيا تناقش الإجراءات المشتركة في سوق النفط مع المملكة العربية السعودية «وبلدان أخرى»، إلا أنه رفض الإجابة عن السؤال حول استعداد موسكو لتنسيق حجم الصادرات النفطية مع الدول الأخرى المنتجة للنفط.
دعا الأمين العالم لمنظمة الأوبك عبد الله البدري جميع البلدان، المنتسبة منها إلى الكارتل وغير المنتسبة، إلى توحيد الجهود لإنعاش أسعار النفط، وقال:
«يجب النظر إلى هذا على أنه مشكلة يجب أن تحلها سويةً بلدان الأوبك والبلدان الأخرى».
وصرح وزير النفط العراقي الثلاثاء أن المملكة العربية السعودية وروسيا، أكبر مصدرين للنفط في العالم، مستعدتان لإبداء «مرونة أكبر».
للأسف، لا يوجد علامات واضحة أن البلدين نفسهما مستعدان لعقد اتفاق، رغم الخسائر الاقتصادية الناجمة عن أدنى مستوى أسعار منذ سنة 2003، والعوائق هي ذاتها: رغبة المملكة في المحافظة على حصتها من السوق وعدم قدرة روسيا على تخفيض الإنتاج في أشهر الشتاء. يتوقع المحللون أن الأحاديث عن الاتفاق ربما تعكس آمال المنتجين وليس توقعاتهم الواقعية.
كما أن وجهات النظر المتعارضة للبلدين حيال سوريا، حيث روسيا أقرب حليف للرئيس بشار الأسد، والمملكة العربية السعودية تريده أن يستقيل، عائق دبلوماسي هام آخر.
يقول كامل الحرمي المحلل المستقل والمدير التنفيذي السابق لمؤسسة البترول الكويتية الحكومية:
«هذا لن يحدث، الجميع يلمحون. لن تقدم المملكة العربية السعودية على هذا بدون الروس. إذا لم تقرر روسيا تخفيض الإنتاج فلا أرى أي إمكانية لمثل هذا الاتفاق».
الإشارات التي تصدر من السعودية وروسيا، وهما البلدان الوحيدان عدا الولايات المتحدة المنتجان لأكثر من 10 ملايين برميل في اليوم، توحي بأن الصفقة ليست حتى قيد المناقشة.
أعلن أمين ناصر رئيس شركة النفط الحكومية خلال مؤتمر قطاعي في الرياض الثلاثاء الماضي أن الأسعار ستتعافى بحلول نهاية سنة 2016. وفي موسكو قال نائب رئيس الوزراء أركادي دفوركوفيتش أن بلاده تستطيع المحافظة على حجم الإنتاج الحالي حتى في ظل الأسعار الراهنة.
هذه التصريحات تعارض ما قاله وزير النفط العراقي عادل عبد المهدي، إذ أكد أن عقد الاتفاق ممكن، مع أنه لم يورد أية تفاصيل في هذا الموضوع.
وقال عبد المهدي للصحفيين خلال مؤتمر في الكويت:
«يجب وضع حد لحالة عدم الاستقرار، وآن الأوان أن نسمع مقترحات رصينة قادمة من جميع الأطراف».
هناك سوابق تاريخية حين استطاعت اتفاقات تم التوصل إليها فجأة أن تكسر فائض النفط في السوق. عندما انهارت الأسعار في 1998−1999 إلى 10 دولارات للبرميل بقيت المملكة العربية السعودية والمنتجون الآخرون يصرحون أن لا نية لديهم لتخفيض الإنتاج. ولكن وراء الكواليس أجرى الدبلوماسيون من هذه الدول لقاءات سرية في كل أنحاء العالم من ميامي إلى مدريد لتنظيم سلسلة من تخفيضات الإنتاج التي أدت بالنتيجة إلى تعافي الأسعار.
حتى الآن يبقى الاتفاق حول تخفيض حجم الإنتاج بين الأوبك ومنافسيها مشكوكاً بأمره، فالجميع يسعى للمحافظة على الحصة من السوق. طلبت فنزويلا مراراً إجراء اجتماع طارئ لمنظمة البلدان المصدرة للبترول لمناقشة تخفيض الإنتاج، إلا أن الأعضاء الآخرين عارضوا الفكرة.
وتصر المملكة العربية السعودية التي تصبح سياستها النفطية أكثر صرامةً في ظل الخلاف المتطور مع إيران أن تخفيض الإنتاج ممكن فقط بالتعاون مع البلدان غير المنتسبة إلى الأوبك. وتخشى المملكة أن إيران بعد تحررها من العقوبات التي دامت عقوداً ستزيد حجم الإنتاج حالما تقلص المملكة إنتاجها.
وحتى الآن ترفض الأوبك تحديد سقف الإنتاج وتسجل روسيا أرقاماً قياسية في حجم الإنتاج، أما شركات الزيت الصخري في الولايات المتحدة فتبين أنها أكثر صموداً من المتوقع، ولا يزال الفائض يتزايد والأسعار تهبط.
وقال البدري يوم الإثنين في لندن:
«من المهم أن يجتمع كبار المنتجين ويفكروا في حل للمشكلة».