فكرة الحفاظ على الثقة بمساعدة الشبكة الموزعة بدلاً من المركز الإداري الموحد يثير الخيال. ولكن لا بد من الاعتراف بالعوائق الواقعة في طريق إدخال هذه التكنولوجيا من أجل فهمها من الآن. نقدم المشكلات الرئيسية التي تعيق تطور البلوكشين واستخدامه الواسع.
1. الضجة
كنا قللنا من الشأن لو قلنا أن الضجة في هذا المجال عالية جداً. رغم هتافات الإعجاب لا يحل البلوكشين كل المشكلات. ففي كثير من المجالات الاقتصادية ليست هناك أية جدوى من تبديل النظم الموجودة بالبلوكشين.
لماذا هذا مهم؟ لأن التوقعات المفرطة من التكنولوجيا الجديدة لا تمر دون أن تخلف أثراً. حين لا تتحقق التنبؤات الطموحة تنخفض ثقة الناس وهذا يكلف غالياً لكل النظام البيئي بما فيها الشركات الناشئة التي تحاول وضع أهداف قابلة للتحقيق والعمل لصالح المستثمرين وإنتاج المنتجات المدروسة جيداً للسوق.
2. فقدان الكمالية المحتمل
غالباً ما يقصد أن البلوكشين موزون جداً إذ لا يمكن اختراقه أو تغييره. ولكن هذا تصور مبسط. أولاً يوجد عدد هائل من البلوكشينات وبعضها مصممة أفضل من الأخرى. ثانياً البلوكشين الصامد أمام الاختراق اليوم قد يفقد هذه القدرة غداً.
تم تصميم النظم النموذجية على خوارزمية Proof-of-Work (و من بينها البيتكوين) على أساس الافتراض أنه ولا أية مؤسسة لن تستطع التحكم بأكثر من 50% من قوة الحوسبة للشبكة. مع الزمن ستتطور شبكة العقد الداعمة لقدرة البيتكوين على العمل بما فيها بالطرق حيث تفقد أحد المقترحات الرئيسية الواقعة في أساس الكمالية حيويتها.
آخذين بالحسبان أن البلوكشين يقدم للاستخدام لخزن بيانات هامة (مثل سجل الحقوق على العقارات أو تقارير شركات) يجب أن يكون صامداً أمام الاختراقات خلال فترة طويلة من الزمن: عشرات السنين. ولأجل ذلك لا بد من تصميم آليات تضمن سلامة البيانات خلال هذا الزمن، كما ولا بد من التفكير ماذا نفعل إذا فقد البلوكشين ما ذو أهمية حاسمة كماليته.
3. ICO التي تجمع آلاف ملايين دولارات على أساس White Paper وحدها
بات العرض الأولي للقطع النقدية طريقة واسعة الشعبية للغاية لاستجلاب الرأسمال إلى ساحة البلوكشين. إنها تساعد على تجاوز الكثير من العوائق المصاحبة للعملية التقليدية لجمع الرأسمال الاستثماري. بيد أن بعض هذه العوائق – مثل التحليل المفصل الذي يقوم به أصحاب الرأسمال الاستثماري – تلعب دوراً هاماً في الرفع من فرص العائد المرتفع من الودائع.
وتنحصر المشكلة الأخرى المحتملة في أن كميات الموارد المالية المجمعة في سير ICO تكون تارة منفصلة تماماً عن الحاجات الواقعية للشركة. وفائض المال قد يقضي على شركة ناشئة بنفس السهولة كنقصه. حين يكون المال كثيراً جداً يغفل الناس عن الانضباط المالي. الشركات "الثرية" فوق الحد توظف عدداً هائلاً من الناس دون أدنى حاجة إلى ذلك فتدفع مبالغ زائدة على الخدمات وتفقد تركزها على تصميم المنتج.
الشركة الناشئة لا تحتاج إلى مئات ملايين الدولارات من أجل تصميم منتج مبرمج وإخراجه إلى السوق. ICO الذي جاء بمئات ملايين الدولارات على أساس White Paper وحدها لن تفرح إلا المالك، ولكن كيف سيكون شعور المستثمرين حين تهدأ الضجة ويبرز الواقع؟
هذا لا يعني قط أن كل ICO سيئة بلا استثناء، ولكن هذا يعني أن كل مؤسسة تجارية تحتاج إلى مثقال ذرة من الفكر السليم. فرغم كل خبرة الرأسماليين الاستثماريين كثير من الشركات الناشئة العادية تتكبد بالفشل. في حال ICO احتمال النجاح أقل من ذلك ويتعلق سبب هذا بعدم وجود آليات الحماية الجديرة بالوسائل التقليدية لاستجلاب المال.
4. البحث عن التوازن الصحيح في التنظيم
الإفراط في التنظيم يعيق الابتكارات، ولكن ليس من المعقول القول أن تكنولوجيا البلوكشين لا تحتاج إلى التنظيم أبداً. في نهاية المطاف إنها تستخدم الوسائل – مثلاً لتحويل المال أو التوقيع على العقود أو إصدار السندات – الخاضعة للإطار التنظيمي والقانوني. في كثير من الحالات تشكل الإطار التشريعي منذ سنوات ولا يطابق الحقائق المعاصرة إلا قليلاً، لذا على ممثلي الصناعة التعاون النشط مع المنظمين والمشرعين لمساعدتهم في فهم التكنولوجيا وتطبيقاتها وتجديد القوانين والمعايير بحيث أن يدعموا الابتكارات بدلاً من إعاقتها.
5. أمن الكمبيوترات
يبقى أمن الكمبيوترات مشكلة في أي سياق رقمي ولاسيما بسبب مجموعة الخدمات المتطورة المبنية على البلوكشين. ففيما عدا التحديات "التقليدية" المتعلقة بالتكييف والظروف المتغيرة باستمرار يضطر الخبراء على التعامل مع البلوكشين ونظامه البيئي المتطور بسرعة مذهلة الذي يسبق بتطوره القطاعات الأخرى كثيراً. تظهر أنظمة البلوكشين والخدمات والوسائل الجديدة تماماً كل يوم. في مثل هذه الظروف يفقد المختصون بالأمن الكمبيوتري تفوقهم في المعلومات أمام القراصنة الذي هو موجود في المجالات الأخرى الأكثر استقراراً.