يسمى بالحيتان عادة المستثمرون ذوو رأسمال ضخم لدرجة أنهم يقدرون على تغيير حالة السوق بشراء وبيع الأصول. وإذا أخذنا بالحسبان الحجم المتواضع نسبياً لسوق العملات المشفرة فإن تصرفات هؤلاء الحيتان يجوز أن تعطي للمستثمر إنذاراً هاماً.
يستخدم مصطلح "الحوت" في الأسواق المالية التقليدية، مثلاً منذ فترة قصيرة نسبياً أطلقت وسائل الإعلام اسم "حوت لندن" على التاجر الأسبق لدى JP Morgan برونو إكسيل الذي ألحق بالمصرف خسارة قدرها 6,2 مليار دولار أثناء تجارته بالمشتقات الائتمانية.
ما زالت سوق العملات المشفرة صغيرة إذ تبلغ رسملتها العامة حوالي 273 مليار دولار لذا بمقدور بعض المستثمرين تغيير سعر البيتكوين وهو (EXANTE: Bitcoin) وغيره من الأصول الرقمية بصورة حادة وفجائية. وبهذا الشكل من المهم للمستثمرين أن يعرفوا عن حيتان البيتكوين وكيف يمكن تأثيرهم على السوق أن يعبر عن نفسه.
من هم حيتان البيتكوين
حيتان البيتكوين هم غالباً الأنصار المبكرون للبيتكوين الذين يمتلكون ملايين القطع النقدية، كما يمكن أن يكونوا ناساً أثرياء يميلون نحو المخاطرة الذين اكتشفوا لأنفسهم سوقاً جديدة وذات آفاق، أو هم كبار المستثمرين من الشركات مثل صناديق التحوط مثلاً أو الشركات التجارية الخاصة التي ترهن كثيراً على حركة الأسعار.
من المثير للاهتمام أن 1000 شخص يمتلكون 40% من كل البيتكوينات الموجودة، وهذا يعني وجود الحيتان في المحيط الكبير المليء بالأسماك الصغيرة. وإذا قرر أحد الحيتان بيع جزء كبير من الأصول هذا يعني أن السوق تترقب الانهيار.
والمثال الممتاز على ذلك قصة نوبواكي كوباياشي إداري التنافس بقضية إفلاس ساحة تجارة البيتكوين Mt. Gox التي كانت الكبرى أيام زمان. هو نفسه لا يملك البيتكوينات ومع ذلك فهو حوت (وذلك لأنه يتصرف بأصول البورصة المفلسة). ومن شهر ديسمبر عام 2017 وحتى شهر فبراير عام 2018 باع 36 ألف بيتكوين في خمس قطع، وكما هو واضح من الرسم البياني المقدم أدناه هذه المعاملات مرتبطة مباشرة مع انخفاض سعر البيتكوين (النجوم البيضاء).
كيف يتاجر الحيتان بالبيتكوين
في بادئ الأمر كان حيتان البيتكوين يتاجرون في بورصات البيتكوين الكبرى والأكثر سيولة، وما زال بعضهم يتصرف هكذا بالذات. على كل حال مع تطور سوق الأصول الرقمية ظهر الكثير من الوسطاء خارج البورصات وهم يخدمون كبار مستثمري البيتكوين الذين يفضلون التجارة بمساعدة وسيط لأنهم بهذا الشكل يحتفظون بشخصيتهم مجهولة ويصلون إلى السيولة الإضافية.
من أجل استخدام خدمات الوسطاء خارج البورصات مثل Cumberland و Circle ينبغي الإيداع 100 ألف دولار و250 ألف دولار في العملات المشفرة على التوالي. وهكذا يجوز للاعبين الأثرياء التجارة فيما بينهم دون استخدام البورصات. على كل حال في بعض الحالات يستخدم الوسطاء خارج البورصات خدمات البورصات من أجل إغلاق الصفقات وتخفيض تأثير صفقة كبيرة ما على السوق عموماً.
الحيتان في سوق الألتكوينات
ويجوز أن يظهر التأثير الأشد من جهة الحيتان في سوق الألتكوينات. إذا كانت الرسملة العامة لأصل مشفر ما لا يزيد عن 100 مليون دولار مثلاً فإذا قرر مالك حافظة ضخمة بيع جزء كبير منه أو بالعكس شراء الكثير من القطع النقدية سيؤدي هذا إلى انحراف ملحوظ في السوق.
وهكذا قبل الاستثمار في الألتكوينات الصغيرة نسبياً من المهم معرفة كيفية توزيع الملك على هذا الأصل وما إذا توجد الحيتان في هذه السوق.
كيف تستكشف تصرف الحوت
بسبب تزايد كمية الوسطاء خارج البورصات الذين يعالجون كمية كبيرة من الصفقات مع الأصول الرقمية تصبح مراقبة الحيتان أصعب وأصعب بالتدريج. ومع ذلك يستحق فعل هذا إذا أودعت في العملات المشفرة جزء ملحوظ من حافظتك، إذ أن هؤلاء اللاعبين يمكنهم أن يؤثروا كثيراً على قيمتها.
ما الذي يمكنك فعله؟ قبل كل شيء بإمكانك مراقبة عناوين محافظ أكبر الحائزين على العملة المشفرة التي تهمك وكذلك محافظ مراكز التبديل، وهكذا ستكون على يقين من الصفقات الكبيرة.
حين أرسل في 12 نوفمبر عام 2017 مستثمر البيتكوين الثري روجر فير 25 ألف بيتكوين (بسعر 159 مليون دولار) إلى بورصة Bitfinex أدى هذا إلى خوف الكثير من المستثمرين ظانين أنه يريد أن يبيع هذه الأصول. إذا كان الحديث يجري عن "الرقائق الزرقاء" في سوق الأسهم فـ159 مليون ليس كثيراً، ولكن بيع كمية البيتكوين بهذا المبلغ كان قد يؤدي حتماً إلى انخفاض السعر، لذا في ذاك اليوم تصححت السوق مترقبة احتمال البيع الكبير.
عدا ذلك يمكن استكشاف تصرفات الحيتان بواسطة رصد دفتر الطلبات. إذا رأيت فيه مرة طلبات الشراء أكبر من العادة يحتمل أن الحوت قد انضم إلى اللعب. وبالطبع يخص هذا كذلك طلبات البيع الكبيرة فوق العادة. وكذلك إذا رأيت ما يسمى بـ"حيطان" البيع أو الشراء يحتمل أن الأمر يجري حول التلاعب بالسوق، ويعني هذا أن المستثمرين يلغون الطلبات معتبرين أنهم يراقبون تصرفات الحوت.
عدا ذلك يمكن أن تكون من بين دلائل انضمام الحوت إلى اللعب تغير رسملة السوق لعملة مشفرة معينة غير مرتبطة بأخبار المشروع ولا بأية أخبار أخرى. وهذا يخص كذلك زيادة التقلب أو الارتفاع الحاد للأسعار التي تبدو لأول وهلة غير قابلة للتفسير.
ولو أن بعض المشاركين في مجتمع العملات المشفرة لا يحبون الحيتان معتبرين إياهم أنهم يسببون الانخفاض الهائل للأسعار أو يتلاعبون بالسوق إلا أنه في حقيقة الأمر هؤلاء اللاعبين موجودون في كل الأسواق، وقد أظهر ذلك جلياً "حوت لندن" في عام 2012.
كما وينبغي الأخذ بعين الاعتبار أنه مع تطور أسواق العملات المشفرة وظهور فيها مستثمرين جدد من الشركات سيزداد عدد الحيتان وستغدو الصفقات الضخمة ظاهرة اعتيادية.