لماذا لم نعد نثق بـ White Paper لمشاريع العملات المشفرة
Photo by MILKOVÍ on Unsplash
الصفحة الرئيسية تحليلات, ICO, العملات المشفرة

السوق حالياً مليئة بـ White Paper المشكوك بها لدرجة أن العلماء قد طوروا طريقة التقدير السريع المؤسس على الأعراض المميزة. نحدث لماذا حتى تقدير الخبراء ليس دواء من كل الأمراض وكيف يمكن تصحيح حالة عدم الثقة التامة.

في عام 2008 حملت شخصية غامضة مستورة تحت اسم مستعار ساتوشي ناكاموتو في الإنترنت ملف pdf يحتوي على دليل لإنشاء مخطط يجوز بواسطته تبادل المدفوعات بالعملة الرقمية دون مشاركة المصارف.

تم ضم الملف إلى قائمة التوزيع التشفيري. وهكذا ظهر البيتكوين وهو (Bitcoin) ورفيق دربه البلوكشين. من تصور أن تلك الصفحات التسع ستكون أساساً لصناعة جديدة قفزت رسملتها خلال عشر سنوات إلى 300 مليار دولار.

لقد باغت هذا الانحراف الكثيرين في عالم التشفير. قال أليكساندرو هيفيا المختص في مجال علوم الكمبيوتر بجامعة تشيلي:

"حين سمعنا لأول مرة عن البيتكوين قرر الكثير منا أي جماعة المختصين في مجال التشفير (وأنا من ضمنهم) أن هذا لن يعمل".

لم يضم ناكاموتو إلى عمله التحليل المفصل حول تركيب البيتكوين كما هو معتاد في الأوساط العلمية. كما أنه لم ينشر أفكاره عبر القنوات المعتادة أي عبر مؤتمرات التشفير أو عبر موقع arXiv حيث ينشر العلماء أحدث أعمالهم للتحليل والتقدير من لدن المجتمع. قال المختص في مجال العلوم الكمبيوترية أمين غيون سيرر من جامعة كورنيل:

"لقد بات هذا مثالاً للكثير من الناس: يمكنك تسجيل أفكارك ونشرها للعرض العام في موقعك الخاص".

تحتوي السوق اليوم على حوالي 1600 عملة مشفرة وكان ظهور كل جديدة منها مصاحباً بمستند يفسر ميزتها وضرورة وجودها. ينشر المصممون White Paper هذه بغرض التكلم عن أفضليات مشروعهم وجذب المستثمرين.

ولكن من دون التحقيق الشكلي يصعب إنشاء عمل يقارن من حيث الحجم بعمل ناكاموتو. بعض من White Paper هي احتيالات سافرة مكتوبة بلغة فنية مزيفة وغالباً ما تخلو من أي معنى. قال سيرر:

"يحتمل إنهم طلبوا من صديقهم قرائته في ليلة العطلة وسموا كل هذا بتقييم الخبراء. هذه الأعمال لن تمر عبر التحقيق العلمي الحقيقي".

يتعلق أشهر مثال على الإقبال من هذا النوع بمنصة Tron، فقد نشر مصمموها White Paper مع مقتبسات من النصوص من الأعمال الأخرى. في بعض الحالات كانت التعابير تتكرر حرفياً دون أي استشهاد بالأصل. حذف المشروع رداً على الاتهام White Paper من موقعه وكتب مؤسسه في Twitter بأن النص "المنسوخ" كان نتيجة خطأ في الترجمة (لغة عمل Tron الأصلية هي الصينية).

Tron ليس المثال الوحيد، وذلك لأن White Paper المشكوك بها كثيرة لدرجة أن الخبراء قد طوروا طريقة التقدير السريع المؤسس على الأعراض المميزة. من بين الدلائل على ضعف عمل ما مثلاً عدم وجود استشهادات على الأبحاث السابقة. من المستبعد أن الفكرة الممتازة ظهرت من لاشيء وغير معتمدة على أية مفاهيم موجودة، وهذا ما يشدد عليه كريس ويلمر من جامعة بيتسبرغ وهو كذلك رئيس تحرير Ledger المجلة المكرسة لتطور البلوكشين. قال أليكساندرو هيفيا:

"المشكلة أن الناس يرغبون رغبة شديدة في الإعلان عن أنهم أنشؤوا شيئاً جديداً".

ظهر الكثير من المفاهيم الأساسية للتشفير الذي صار يستعمل في البلوكشين بين العامين 1980 و1990، هذا ما أشاد إليه أرفيند نارايانان المختص في مجال العلوم الكمبيوترية لجامعة برنستون.

بكلمة أخرى كان بإمكان مصممي العملات المشفرة – ذلك المجتمع الذي يحاول بسخرية القدر إزالة الرقابة المركزية – استخدام طرق أكثر تقليدية للتحقيق. ولهذا الغرض تم إصدار عام 2014 مجلة Ledger وهي أول مجلة أكاديمية تتعلق بالبلوكشين. مبدئياً تم إجراء مقابلة في مجتمع العملات المشفرة وفي الأوساط العلمية. قال ويلمر رئيس تحرير Ledger ما يلي:

"كان رد فعل الجميع على ظهور المجلة متحمساً، ولكننا حتى الآن نستلم أعمالاً دون استشهادات على المصادر".

اليوم يستلم Ledger يومياً من عملين إلى أربعة، والكثير منها لا ينال موافقة الخبراء بعد التقييم ".

بيد أن تقييم الخبراء ليس بالدواء الذي يشفي من كل الأمراض، ولديه قائمة من العيوب. فالمجتمع العلمي غالباً ما يقبل الأفكار الجديدة ببطء ويمثل بذلك خطراً على الابتكارات الواعدة. تستغرق العملية شهوراً وتارة سنوات. قال هيفيا:

"احتيج إلى وقت طويل ريثما قيم الخبراء البيتكوين. لو أن ساتوشي ناكاموتو انتظر تعليقهم قبل نشر عمله لكان عمله أصدر بعد مضي أربع سنوات فقط".

لذا من المفيد أن تكون هناك إمكانية نشر الأفكار مباشرة دون انتظار التحقيق. ويمكن للمواقع مثل arXiv وغيره من المخدمات الأكاديمية أن تساعد في ذلك.

لن يكن الحل سهلاً. يعتبر ويلمر أنه لا ينبغي على الباحثين أن يطوروا الأفكار ويبيعوها في آن واحد. وقال:

"حين تقول أن لديك فكرة رائعة هذا يؤدي في الحال إلى ظهور اشتباهات في المصلحة المالية".

سيرر متأكد من أن المستثمرين سيفوزون من استئجار المستشارين الفنيين، الذين بإمكانهم أن يتحققوا ما إذا كانت العملة المشفرة معتمدة على المبادئ العلمية الجادة أم لا. ويمكنهم رغم أنهم وسطاء أن يخدموا المجتمع الذي يستهدف إبعاد الوسطاء.

المصدر: Wired

اقرأ أيضا:
الرجاء وصف الخطأ
إغلاق