يتساءل الكثيرون كيف سيكون العصر الرقمي المقبل. نقدم ثلاثة أنواع التكنولوجيا التي يحتمل جداً أنها ستصبح جزءاً لا يتجزأ عنه.
"إنترنت الأشياء"
يعتبر "إنترنت الأشياء" وهو (IoT) منذ فترة طويلة أكبر إبداع في التكنولوجيا المحيطة بنا. IoT هو عبارة عن شبكة الأجهزة والأدوات والسيارات والأجهزة المنزلية وغيرها من الآليات المرتبطة ببعضها البعض التي توحد بين الناس، والنظم والتطبيقات وتسمح بجمع وتبادل بيانات.
بالمعنى الأوسع يشمل مصطلح IoT كل ما هو موصول بالإنترنت، ولكن غالباً ما يستخدمونه لتسمية المواضع التي "تعاشر" بعضها البعض.
يتوقع أن IoT سيوصل بين أجهزة كثيرة في منازلنا ابتداء من الأدوات والثلاجات الذكية وانتهاء بأفران الميكروويف. في عام 2014 نبأت شركة الأبحاث والاستشارات Gartner أنه عند حلول عام 2020 سيزداد عدد الأجهزة الموصولة عن 25 مليار.
أمثلة للاستخدام الواقعي لـ IoT هي Google Home و Amazon Echo. تسمح مكبرات الصوت Google Home المستخدمين على إعطاء أوامر صوتية والتفاعل مع الخدمات عبر المساعد الشخصي Google Assistant. يربط جهاز Echo بين المستخدمين والمساعد الشخصي الذكي Alexa من Amazon. منذ فترة قدم Apple و Samsung نظامين مماثلين من تصميمهما وهما HomePod و Bixby.
عدا ذلك أجهزة IoT الآن قابلة للنقل. كما ويودع Google و Samsung وغيرها من الشركات أموالاً كبيرة في تصميم الأدوات المحمولة التي تزود بالاستشعارات والبرامج القادرة على إجراء القياسات الحيوية المركبة مثل معدل ضربات القلب ودرجة التعرق وحتى حساب مستوى الأكسجين في الدم.
كما ويوجد اتجاه منظوري آخر لدى IoT وهو المدن الذكية. في هذا الحال تستخدم أسس "إنترنت الأشياء" من أجل المراقبة الذكية والنقل الآلي والتحكم بأنظمة الطاقة وتوزيع الماء من أجل توفير أمن ومراقبة البيئة المحيطة. تسعى الشركة المعروفة Microsoft على إنشاء مدن أكثر أمناً وفعالية بتغيير البنى التحتية والمباني والخدمات بواسطة حلول IoT.
كما وتزداد شعبية "إنترنت الأشياء" في الزراعة والطاقة والصحة ومجالات كثيرة أخرى. يجوز أن تكون الخطوة القادمة ملبوسات موصولة بالإنترنت. هذه الألبسة لم تنتشر على نطاق واسع حتى الآن ومع ذلك يمكن شراء قمصان بيومترية وسترات تدعم الدفع دون اتصال في متاجر الإنترنت.
البلوكشين
حين يجري الحديث عن التكنولوجيا القادرة على تغيير نمط حياتنا بشكل جذري لعل البلوكشين هو واحد من الأوائل الذي يخطر على القلب. لقد خرج هذا السجل الموزع أحادي الدرجة اللامركزي خلف نطاق التكنولوجيا التي هي أساس البيتكوين وهو (Bitcoin) منذ فترة طويلة. يستخدم البلوكشين الآن في مختلف الابتكارات وفي مجالات كثيرة مثل الخدمات اللامركزية السحابية وفي الصحة وحفظ تسجيلات المرضى والتحويلات المالية الصغرى والضمانات، والتعلم السحابي وغيرها الكثير.
سبب الاهتمام العالي بالبلوكشين هو شموليته، إذ يمكن تطبيق هذه التكنولوجيا عملياً في أية صناعة تتطلب إدراج التسجيلات أو مراقبة الاتفاقيات بين طرفين أو أكثر. يربطون البلوكشين بالعادة بالعملات المشفرة فقط ومع ذلك يمكن استخدامه لحفظ أية معلومات مثلاً حقوق الملكية العقارية أو نتائج مراجعة الحسابات أو البيانات حول الناخبين أو المعلومات حول سلسلة التوريدات. ما دامت الاتفاقيات والمعاملات موجودة في العالم بمقدور البلوكشين حفظ وتشفير وحماية هذه البيانات إلى ما لا نهاية.
يقدر البلوكشين على تغيير الخدمات اللوجستية بشكل جذري. يستغرق التحكم بسلاسل التوريدات الحالية وقتاً طويلاً جداً، ويسمح البلوكشين حل هذه المشكلة بالرفع من الشفافية وتفادي التزوير والسرقة وبتحسين الامتثال التنظيمي وتقليص العمل الورقي وتخفيض النفقات بشكل ملحوظ.
تسطير مؤسسة De Beers على أكثر من 30% من السوق العالمية للماس. وقد أعلنت في بداية هذا العام عن نيتها في إنشاء أول سجل البلوكشين بغية مراقبة الأحجار الكريمة من مكان الاستخراج إلى الشاري النهائي.
يبقى أمن البيانات الشخصية من أهم مشكلات عصر الإنترنت وذلك لأنه في الغالب يتم التحكم بها من قبل مختلف التطبيقات والخدمات التي نحن نوافق على أن تقوم بجمعها ومعالجتها.
يقدر البلوكشين على حل ذلك بإرجاع السيطرة على المعلومات الشخصية للمستخدمين وتوفير ما يسمى بالهوية ذاتية التحكم. Civic هو مثال منصة مؤسسة على البلوكشين التي توفر أمن البيانات الشخصية. هدفها هو تقديم بطاقات شخصية رقمية يمكن استخدامها للتفاعل السري والآمن مع العالم لكل إنسان على الأرض. Civic هو خدمة التحكم بالبيانات الشخصية التي تحميها وتفتح الوصول إليها في الوقت الحقيقي.
كما يقدر البلوكشين على المساعدة في حل بعض مشكلات حماية الصحة كذلك ممثلاً بمثابة قاعدة البيانات مع التسجيلات حول الحالة الصحية للمرضى. مثلاً يستخدم Medicalchain البلوكشين من أجل الحفظ الآمن للسجلات الطبية في حالتها المطلوبة. تسمح المنصة لمختلف المؤسسات والأشخاص – الأطباء والمستشفيات والمختبرات والصيادلة وشركات التأمين – الوصول إلى سجلات المريض وإضافة بيانات جديدة إليها.
إنها فقط بعض أمثلة الاستخدام الجائز للبلوكشين. يشمل مجال استخدامه عدداً هائلاً من المجالات بما في ذلك النظام الانتخابي والعقود الذكية وسوق الطاقة والأعمال الخيرية والعقارات والأمن السيبراني (الكمبيوتري) والتأمين وغيرها. يشك الكثيرون في مستقبل العملات المشفرة بيد أن معظم الناس يثقون بالمستقبل الزاهر لدى البلوكشين.
الذكاء الاصطناعي
يؤدي التطور السريع للذكاء الاصطناعي إلى مناقشات حادة حول الأفضليات والأخطار المحتملة لهذه التكنولوجيا. يتخوف البعض من أن الذكاء الاصطناعي سيستولي على السلطة، لذا يصرون على ضرورة مراقبة هذه التكنولوجيا بشكل صارم. مثلاً خاف عالم الفيزياء المعروف عالمياً ستيفن هوكينغ من أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يستبدل الناس بنفسه في يوم من الأيام، وقال في إحدة مقابلاته:
"الفيروسات الكمبيوترية موجودة منذ زمن بعيد، فما الذي يمنع إنشاء نظام الذكاء الاصطناعي الذي يحسن وينشر نفسه بشكل مماثل؟ سيصبح هذا شكلاً جديداً من أشكال الحياة يتفوق على الناس".
حتى إيلون ماسك المعروف بوجهات نظره المستقبلية يخشى من ظهور "دكتاتور لا يموت" على أساس الذكاء الخارق. يقول المدير العام لـ Teslaو SpaceX أن الذكاء الاصطناعي "أخطر بكثير من الحرب النووية مع كوريا الشمالية" وينبئ على أن الذكاء الاصطناعي قد يصبح سبباً للحرب العالمية الثالثة.
ومع ذلك تتطور أنظمة الذكاء الاصطناعي بسرعة وتطبق في مجالات كثيرة ابتداء من المساعدين الرقميين الأذكياء وانتهاء بالسيارات ذاتية القيادة. يستخدم الذكاء الاصطناعي الآن بنجاح من أجل التشخيص في الطب وإنشاء الأعمال الفنية والبرهان على النظريات الرياضية والألعاب وخدمات البحث (مثل Google) والمساعدين الشخصيين والتعرف على الأنماط وتصفية البريد المزعج إلخ..