بوتين وميركيل:ليست هناك ضرورة ملحة في ازدياد الناتج المحلي الإجمالي
Guido Bergmann/Bundesregierung/Reuters
الصفحة الرئيسية اقتصاد

من المحتمل أن فلاديمير بوتين وأنغيلا ميركيل يربطهما شيء أكثر من اللغة الألمانية والحيات فيشرق ألمانيا. لايولي كلاهما اهتماما للانتقادات ويستمران في ممارسة سياسية اقتصادية قد تؤثر تأثيرا سلبيا جدا على النمو الاقتصادي على الرغم من أن روسيا وألمانيا تبقيان حاليا في الموقف الصعب الذي يعتبر فيه النمو الاقتصادي من اهم أولويات التطور الناجح.

من المعتقد أنه في حالة سجل الناتج المحلي الإجمالي نموا - هذا يعني د أن الحكومة تتخذ قرارات صحيحة أو لا ترتكب أخطاء على الأقل، وإذا انخفض الناتج المحلي الإجمالي بالنسبة ليست أكثر من 0.2 بالمائة - كما حدث، على سبيل المثال في النصف الأول من هذا العام في ألمانيا - وخاصة إذا يتم انخفاض المعدل الاقتصادي الرئيسي خلال فترة أكثر من ستة أشهر متتالية - فلا بد أنه على الحكومة أن تتخذ إجراءات من أجل تصحيح الأوضاع.

هناك الكثير من يحاول إقناع ميركيل بأنه على الحكومة الألمانية زيادة الاقتراض والإنفاق من أجلتسريع النظام الاقتصادي وتنشيطه، و يقولون لها أن هذا سيساعد كثيرا في مواجهة الاقتصاد الألماني بشكل فعال لتبطؤ. أما بوتين فالكثيرون يقنعونه بأن بلاده حاليا تشهد ركودا اقتصاديا قويا والخروج الوحيد من هذا المأذقالاقتصادي هو تلبية احتياجات الغرب بشأن أكرانيا من أجل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا.

وعلى الرغم من كل شيء يمكن القول أن الناتج المحلي الإجمالي هو عبارة عن صورة لرفاهية البلاد ولكنهاتبقى صورة مشوهة جدا.

كان سايمون كوزنيتس، وهو عالم اقتصادي قد قدم صيغة لحساب مقدار الناتج المحلي الاجمالي، يتساءل في تقريره أمام الكنغريس الأمريكي في عام 1934 :

إذا تمت زيادة الناتج المحلي الاجمالي فلماذا لم تتحسن الأوضاع في الولايات المتحدة الأمريكية؟ يجب أن نتذكر دائما أن هناك اختلافات كبيرة بين معدليْن مهميْن - وهما كمية ونوعية الحياة، تكاليف و إيرادات، تنائج وتوقعات قصيرة الأجل وطويلة الأجل. وإذا كان نمو الناتج المحلي الإجمالي هدفا فمن الضروري أن نحدد هنا- ما هو الذي يجب أن ينمو بالتحديد و ما هو الذي يستهدفه هذا النمو؟

نرى اليوم كيف يحاول بوتين وميركيل فهم واقع هذه الاختلافات. ليس من المفترض أن يؤدي التراجع في النمو وخطر وقوع الركود الاقتصادي في ألمانيا إلى الانخفاض في نوعية الحيات للمواطنين الألمان. ويقول وزير الاقتصاد الألماني السيد زيغمار غابرييل في هذا الصدد عن توقعاته فيما أن عدد الأشخاص العاملين في ألمانيا سوف يشهد ازديادا ملحوظا هذا العام حيث سيصل بالنسبة 325 ألف شخص، وفي العام القادم الـ2015 سوف يشهد ازديادا أقوى بالمقارنة مع معدلات عام 2014. ومع ذلك يعتقد غابرييل أن نسبة البطالة سوف تبقى دون أي تغييرعلى مستوى 2.9 مليون شخص ما يعادل حوالي 4.9 % من النسمة.وسوف يشهد معدل الراتب في عام 2014 نموا بالنسبة 2.6 %، و في عام 2015 – حوالي 2.7 %.

وانطلاقا من هذه الاحصاءات والمعدلات الاقتصادية يتساءل المسؤولون الألمان- ما هو الذي يمكن التوصل إليه في حالة إذا تم قبول وتلبية متطالبات من داخل ألمانية وخارجها حول زيادة الإنفاق المسبب في عجز الميزانية؟

يجب على المسؤولين الألمان الأخذ بعين الاعتبار أن هناك نقطتان مهمتان بهذا الشأن.

أولا، وعدت ميركيل منذ فترة طويلة أن تقوم بضبط موازنة الميزانية للحصول على القروض في عام 2015. وهذا مهم جدا من الناحية السياسية حيث من المعروف أن الألمان هم من أكثر شعوب اقتصادا فيما يتعلق بحجم الوفورات لأسرة ألمانية واحدة الذي يعتبر من أعلى في العالم كله. وبالإضافة إلى ذلك يتميز الألمان باحترام مبدأ المسؤولة الشخصية وتنفيذ وعودهم - هذا ما يحتل مكانة مميزة في الثقافة الألمانية.

وثانيا، هناك مسألة استراتيجية لميركيل التي قد أصبحت حاليا تقود الاتحاد الأوروبي ولذلك تلهم زعماء الدول الأوروبية الأخرى بمواقفها الحازمة. وهذا في وقت عندما تصرّ فرنسا على عدم التزامها بقواعد أوروبية تتعلق بعجز الميزانية الأوروبية، وتحاول إبطاليا أن تحقق المزيد من الحرية في إنفاقها.

لا بد من أن تغيير موقف ألمانيا بشأن هذا السؤال قد تعتبره كل من النمسا وهولاندا رسالةً خاطئةً حيث قد أيدت هذه الدول الأوروبية ألمانيا في شأن الضرورة الملحة لخفض العجز في الميزانية.

ومن جهة أخرى، هناك احتمال كبيرأن تكاليف الاقتراض الألمانية قد تؤدي إلى إعادة النمو الاقتصادي في البلاد وازدياد الناتج المحلي الإجمالي في الأجل القصير. وصرحت ميركيل بهذا الصدد أن مثل هذا النمو يعتبر دون أي فائدة وهو عبارة عن معدل إحصائي فقط. ومع ذلك، من الصعب لها أن تدرك ما هو السبب للتقدير العالي لموقفها الثابت فيما يتعلق بالعقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا التي تعرقل النمو الاقتصادي بشكل كبير، وما هو السبب للانتقادات على نهج ألمانيا حول المسؤولية المالية الذي يقوم على سعي الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي.

أما فلاديمير بوتين فهو ينطلق في اعتباراته من الأسباب الأخرى. لوحظ أنه غالبا ما كان يتفاخر بأن معدل الناتج المحلي الإجمالي لروسيا قد شهد نموا سنويا بحوالي 7% في فترة ما بين عام 2000 وإلى عام 2008، ولكن في نفس الوقت يفهم بوتين جيدا طبيعة الربط الوثيق بين النمو والأسعار العالية للمواد الخام الأساسية. من المعروف أن الإيرادات من صفقات بيع الموارد الطبيعية قد وصلت إلى 18.7% من الناتج المحلي الإجمالي في روسيا، ويفهم الجميع أن أعلى الإيرادات التي شهدها الاقتصاد الروسي كانت نتيجة لبيع النفط والغاز والمعادن وهذا سبب النمو القياسي في تأريخ روسيا بما أثارت أيضا إعجابا على المستوى الدولي.

من المحتمل أن قيمة معدل الناتج المحلي الإجمالي تبدو للرئيس الروسي حساسة ووهمية لأنها تعتمد كثيرا على نفوذ العوامل الخارجية المختلفة التي من الصعب التنبؤ بها ولا يمكن لبوتين أن يؤثر عليها بشكل جدي. لذلك يرد بوتين على انعكاسات الوضع الاقتصادي المتدهور في روسيا بطريقة خاصة ويشدد قبضته على السلطة فقط ويرسخ الدعاية الدولية أكثر فأكثر محاولا البقاء في السلطة في الأوقات السياسية والاقتصادية الصعبة.

ويمكن القول أن الانخفاض المستمر في أسعار النفط يعطي لبوتين تفوقا سياسيا مهما حيث يعتقد معظم المواطنين الروس ويثقون في أن دول الغرب تشن حربا اقتصاديا ضد روسيا ولذلك يشعر الكثيرون منهم باستعدادهم التام لمواجهة هذه التحديات الأوروبية مهما كانت. وبالإضافة إلي كل ذلك فلا شك أن الأسعار المنخفضة للنفط ستكون لبوتين مصدارا للكميات الضخمة من الأموال التي من الممكن توزيعها لاستخدامها في القطاع العام وبين ضباط هيئات أمن الدولة التي تشكل قوة رئيسية داعمة لنفوذ الرئيس الروسي.

ولهذا السبب يمكننا أن نصل إلى الاسنتناج أنه ليس لدى فلاديمير بوتين أي سبب للكفاح من أجل ازدياد الناتج المحلي الإجمالي وليس هناك أي سبب لتقديم أي تنازلات للغرب. بويتن وميركيل يثقان في أن السباق الذي يهدف إلى نمو معدل الناتج المحلي الإجمالي ليس له أي معنى حاليا.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق