اليابان تحذر
الصفحة الرئيسية اقتصاد

إن عودة اليابان إلى الكساد الاقتصادي وهو السادس خلال السنوات العشرين الأخيرة ليس إلا تحذير صاخب وواضح تجاه الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وغيرها من البلدان المتطورة في العالم، وهذا التحذير كأنه يقول: "لا تدعوا أن يحدث هذا الشيء لكم". كما أن الاقتصاد الياباني المشهور بركوده قد لا يكون فريدا من نوعه أبداً.

نعم إن مصاعب اليابان معقدة جداً، والإجراءات الاستثنائية التي اتخذها المصرف المركزي للبلاد قد ساعدت على نمو الأسواق ولكنها لم تكن كافية لمنع انخفاض حجم الاقتصاد في الربعين المتتاليين للسنة. رئيس وزراء اليابان سيندزو آبيه يستطيع بل وحتى يتوجب عليه تأجيل تخطيط رفع ضريبة المبيعات، ولكن في البلاد حيث يوجد العبء الكبير من الديون على الحكومة، لن تأتي هذه السياسة المالية إلا بنتائج قليلة.

بسبب هذا يبقى آبيه على انفراد مع هذه القضية المعقدة، إجراء الإصلاحات التركيبية الضرورية جداً كرفع للتنافس في سوق الزراعة وزيادة دور النساء والأجانب في سوق العمل وكل هذا في ظروف المأزق الاقتصادي.

كيف وقعت اليابان في مثل هذا المأزق؟

رغم أن بعض المؤشرات تشير إلى أن النتائج الاقتصادية للبلاد خلال السنوات العشرين الماضية لم تكن بائسة كما تصورها الكثيرون ،يتفق معظم الاقتصاديين أنه بعد انفجار الفقاعة في سوق الأوراق المالية في بداية التسعينيات كان من الأفضل لليابان اتخاذ الإجراءات التالية: اتخاذ برنامجا أكثر طموحاً للدوافع المالية والعمل السريع لكي تضطر المصارف للإعتراف بخسائرها وتغير تركيب رأسمالها.

ولكن بدلاً من ذلك فإن محاولات اليابان الواقعة في وقت غير مناسب على موازنة الميزانية بواسطة رفع ضريبة الاستهلاك في عام 1997 ألقت اقتصاد البلاد في براثن الركود، أما القطاع المصرفي العاجز فأطال فترة الكساد الذي زاد من عبء الديون أكثر من لو أن الحكومة تصرفت بالموارد بصورة هادفة. في الفترة ما بين 1993 و2013 كانت الكمية العامة لديون الحكومة تزداد وسطياً بنسبة 5.3% سنوياً، وكان بإمكان تحييد هذا النمو في ظروف التنمية الاقتصادية العادية. ولكن عند عدم وجود هذه التنمية ازدادت نسبة الدين الإجمالي تجاه الناتج المحلي الإجمالي من 80% إلى أكثر من 240%، وهذا يزيد كثيراً عن مؤشرات 187 دولة التي يراقبها صندوق النقد الدولي.

المصاعب التي وقعت على عاتق اليابان في بداية التسعينيات تشبه كثيراً المشكلات التي تواجهها غيرها من البلاد المتطورة في العالم.

إن برنامج رفع المصاريف الحكومية في الولايات المتحدة وأوروبا لم يبلغ الحجم المطلوب لإستئناف التنمية الاقتصادية حسب معطيات صندوق النقد الدولي. المصارف لا تتمتع برأسمال كافي وهذا ما يزيد المشكلة تعقيداً حيث تنخفض كمية إقراض الأعمال التجارية لسنتين على التوالي. الاقتصاديون ينبهون على أن فترة الركود من الممكن أن تطول إذا لم تتخذ الحكومات الإجراءات المطلوبة لتسريع النمو الاقتصادي المتوقع بواسطة الاستثمارات في البنى التحتية وتشجيع عدد كبير من الناس على العمل وتنشيط التنافس.

إذا حكمنا من خلال الاتفاقية التي توصلت إليها في العطلة الماضية مجموعة العشرين التي انعقد اجتماعها في مدينة بريسبان الأسترالية يبدو أن رؤساء أكبر دول العالم يدركون جيداً ماذا يجب أن يفعلوه، ولكنهم يفتقدون الإرادة السياسية. من الجائز أن النظر إلى ما يحدث في اليابان سيساعد على ظهور تلك الإرادة.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق