تحدث زكري ويشار وهو متخصص في العلاقات العامة في المؤسسة الخيرية Accion كيف تساعد الأدوات المالية في مكافحة الفقر في العالم.
كما في حالة معظم الأفكار الرائعة بدأ كل شيء من مجرد رد فعل على وجود هذه القضية. على الرغم من أن الأعمال التجارية الصغيرة هي مصدر جيد لفرص العمل في دول العالم الثالث لم تحصل الشركات التابعة لهذا القطاع على القروض لأنها صغيرة وليس لها الأموال الكافية وهذا يعني أنها لن تقدر ضمان سداد مبلغ المساعدة المالية المقدمة لها. ونتيجة لذلك وفي إطار إتجاهات التطور العالمية كانت هذه مسألة هامة ذات صلة إلى يومنا هذا، إذا حصلت الشركات الصغيرة ذات الرؤساء الفقراء على القروض فهل ستكون قادرة على تنسيق أنشطتها للتسلق على السلم الإقتصادي وتجاوز خط الفقر آخيراً؟
عام 1973 عندما أصيبت دول أمريكا اللاتينية بالفقر حاولنا تجربة هذه الفكرة علمياً في مدينة ريسيفي في البرازيل. أنشأنا مؤسسة UNO الخاصة بتوفير قروض صغيرة من أجل الرأسمال لأصحاب الأعمال الغير الرسمية. ومن المستغرب أنه نجحت هذه التجربة وقدمت UNO 885 قرضاً صغيرا وهكذا تم خلق 1386 فرصة عمل وبلغت نسبة سداد القروض 99.5%.
تصور نفسك في ريسيفي كرجل أعمال عادي من الحي الفقير الذي يحتاج إلى الأموال لتأمين عائلته. إذا مرضت أو لم تذهب إلى العمل أو وجدت نفسك بدون المال الكافي لشراء المواد الجديدة فيمكنك أن تفلس تماماً. في مثل هذه الظروف الرأسمال الصغيرهو الإنقاذ من الجوع.
في السبعينات كانت مدينة ريسيفي (البرازيل) تعتبر عاصمة الفقر في أمريكا اللاتينية
تقديم القروض الصغيرة
في نفس الوقت في الطرف الأخر من العالم واجه خبير إقتصادي في معهد شيتاغونغ (بنغلاديش) محمد يونس نفس القضية حيث كان الفقر يجتاح القرية على مقربة من المعهد وفكّر الباحث كيف يحسّن حياة أهالي القرية.
درس هذه القضية بعناية فائقة قبل أن يجد حلها المناسب وهو الحصول على الإئتمانات ذات زيادات صغيرة للدهشة. كانت هذه الفكرة جديدة وغير مجربة وبالتالي لم تكن البنوك جاهزة لتمويل عملاء يونس في البداية. حتى أنه فعل كل شيء بنفسه وكان يوفّر النقود من جيبه. كما إختبارنا في ريسيفي نجحت فكرة محمد يونس وكانت تسدد القروض في الوقت والعملاء يعودون إليه بالطلبات المتزايدة. وفي وقت لاحق نال يونس جائزة نوبل للسلام تكريماً لجهوده وتعميم الظاهرة المعروفة لنا الآن كالقروض الصغيرة.
إستقرت إستراتيجية القروض الصغيرة في إقتصاد بنغلاديش ودول أمريكا اللاتينية بالتدريج وإنتشرت بهدوء في العالم كله وأتاحت فرصة الحصول على القروض التي يحتاج إليها الفقراء لفتح أعمال تجارية ومكافحة الفقر.
مرت 40 أعوام بعد تجربتنا في ريسيفي ولا تزال القروض الصغيرة تتقدم إلى الأمام وتصبح ظاهرة أكبر أهمية وأشد شمولة.
الشمولية المالية
ما تعودنا أن نسميه التغطية السكانية بالخدمات المالية لا تشمل تقديم القروض الصغيرة فقط بل الحصول على حسابات توفيرأيضاً حيث يمكن تخزين الأموال "لليوم الأسود" والتأمين لحالات الطوارئ ومنها الكوارث الطبيعية والأمراض والموت وإمكانية تحويل الأموال إلى الخارج وصرف العملات بأسعار معقولة لمن يساعد عائلتهم في البلد الأخر ونظام تمويل عن طريق خصم من الرواتب والذي يمكن من خلاله شراء البضائع الغالية مثل مصابيح للطاقة الشمسية للمناطق بدون كهرباء. أيضاً يجب أن نذكر عن دروس محو الأمية المالية أين تدرس الإمكانيات المتاحة لكسب الأموال و يوجد هناك تدريب على الأعمال التجارية حيث تدرس إدارة الأعمال وطرق زيادة القدرة الحالية. ويمكننا أن نتحدّث إلى ما لا نهاية.
نساء الأعمال تلتقين في مدينة بهار ضمن برنامج شركاء Saija Finance
نمت القروض الصغيرة العادية إلى مجموعة من الخدمات المالية التي أصبحت معتادة لسكان الدول المتقدمة. لا تتوفر هذه الخدمات بشكل عام للفقراء خاصة لأن البنوك لا تود أن تخاطر بموجوداتها المصرفية لصالح عملاء ذوي أرباح منخفضة. أولاً تصطدم هذه الشركات ببعض الصعوبات خاصة بضرورة إستخدام المزيد من الموارد. مثلاً معالجة 10 قروض بقيمة 100$ تتطلب بعشر مرات أكثر من الموارد مما في حالة قرض واحد بقيمة 1000$.
من أجل التوضيح نعطي مثال شريكنا Fundación Paraguay الذي يوفر 423$ لعملائه على أساس متوسط ووفقاً للإدارة الأمريكية لشؤون الأعمال التجارية الصغيرة وبلغت قيمة قرض رجال الأعمال الصغيرة في المتوسط 337730$ عام 2012. كما ترى إن مبالغ القروض عادةّ لا تختلف كثيراً ولكن يجب على المؤسسات المتخصصة أن تكون مستقرة مالياً لكي تنتمي إلى هذا المجال وتجذب عملاء جدد. وإنّه الحل الوحيد لدول العالم الثالث لأن الأعمال الخيرية ليست دواء لجميع الأمراض.
غيرمينيا توريس التي إشتغلت 27 عاما كخياطة إستفادت من القروض الصغيرة لمؤسسة Accion partner Fundación Paraguaya لتنمية أعمالها و أصبحت بالنتيجة قادرة على إرسال أطفالها إلى المدرسة
مهمة العالم
إنّ مهمتنا في الحقيقة هي قضية عالمية ومن المستحيل أن نحلها من قبل مؤسسة واحدة. وعلينا أن نشجع هذه الحركة حيث يعمل خبراء في الدعم المالي بجد ليتمكن الفقراء أن يستخدمووا خدمات الأدوات المالية الحيوية لمقاومة كوارث الحياة وتحسين أحوالهم المالية بدون فقدان إحترام الذات.
إنّ هذه المهمة صعبة جداً للوهلة الأولى ولكن تبذل مؤسسة Accion جهوداً لإيلاء الإهتمام لمختلف جوانب القضية. نبحث باستمرار عن طرق توسيع حدود الدعم المالي بإنشاء مؤسسات وصناديق حتى في أصعب المناطق في العالم ونستثمر في المشاريع المبتكرة التي يمكن أن تكون حلاً فعالاً لقضية توفير القروض للفقراء. ولن نتوقف عن تحسين معايير حماية العملاء الذين يتقدمون بطلبات الدعم المالي لكي لا يجرؤ أحد أن يكسب على حساب من يعيش في الأوقات الصعبة.
على الرغم من النجاح المدهش و زيادة القروض المقدمة يجب علينا أن نعمل كثيراً لأن ما يقارب 2.5 مليار من الناس في العالم يحتاجون إلى توفير خدمات مالية. سوف ننتصر معاً. إنّ التقدم التكنولوجي وتحول السياسة والعولمة والوعي بالقضية وزيادة الإستثمارات في مثل هذه المشاريع تشير إلى أنّ لدينا مستقبل مشرق