لعبة المونوبولي كمثال للإقتصاد
الصفحة الرئيسية اقتصاد

الكاتبة: Frances Coppola

لقد قمت بتنظيم ورشة عمل في الإسبوع الماضي في إستقبال استضافته مؤسسة HACT و التي ناقشنا فيها السوق العقاري في بريطانيا في سياق لعبة "مونوبولي".

إن لعبة الطاولة "مونوبولي" الشهيرة هي لعبة عن التخمينات العقارية. يفوز اللاعب إذا كان قد إستولى على جميع الممتلكات و أفلس بقية اللاعبين. إنها لعبة بسيطة ومن الطراز القديم، ووفقا للمعايير الحديثة فإن السعر يكاد لا يصدق. ولكن مع ذلك تحتوي اللعبة على رسالة مهمة حول علاقتنا اتجاه العقارات.

أول شيء يجب ملاحظته عن "المونوبولي" هو بدء جميع اللاعبين اللعب في ظروف متساوية تماما. و يجب على كل شخص يعتقد أن عدم المساواة هي بطبيعتها ميزة اللمشاريع الخاصة أن يلعب هذه اللعبة. في البداية كل اللاعبين سواسية لديهم نفس صندوق النقد و الدخل نفسه و نفس الفرصة للنجاح. إن هذا المجتمع يكفل أكثر قدرا من المساواة في العالم.يحدد النجاح أولا بالحظ ، وثانيا بالإستراتيجية.إن الناس الذين يفوزون بإنتظام في المونوبولي (من بينهم أخي على سبيل المثال) قد تعلموا كيفية إستخدام الإستراتيجية للتغلب على الحظ. في نهاية اللعبة، تكون كل الممتلكات في يد لاعب واحد، لأن الآخرون قد إضطروا إلى بيع ممتلكاتهم لكي يدفعوا له الإيجار. "المونوبولي" تبدأ بمساواة مطلقة و تنتهي بعدم مساواة كلية و كل هذا يحدث نتيجة للعمليات في السوق المفتوحة فقط.

إن عدم المساواة ليست شرطا إلزاميا في المشاريع الحرة، وإنما هي نتيجة حتمية.

في نهاية اللعبة، يملك لاعب واحد كل الأرضي و كل العقارات، أما البقية فهم مفلسون مشردون. ولكن حتى بعد ذلك يمكن للعبة أن تستمر. توجد في "المونوبولي" مواقف مجانية للسيارات (آخ، لو كان هذا متوفرا في الواقع). و يمكن للخاسر أن يعيش عليها حتى تبدأ الأمور في التحسن.

ومن المثير أنها يمكن أن تتحسن فعلا.

السمة الثانية في "المونوبولي" هي سوق العقارات الغير مستقرة. هذا يرجع إلى حقيقة أنه إذا كان شخص واحد يملك كامل الممتلكات والآخرون لا يستطيعون دفع الإيجار له ، السوق تنهار دائما.

النهاية الحقيقية للعبة "المونوبولي" هي في الواقع أحداث سابقة من حوادث أسواق العقارات، عندما تنخفض و بشكل حاد، قيمة المنازل و قيمة الأراضي التي يتم عليها البناء للمستوى الذي سيكون ممكنا فيه دفع الإيجار من الدخل الأساسي.

عندما يتجمع جميع اللاعبون على موقف السيارات، يمكن للاعب الأساسي أن يستمر في اللعب بنفسه لبعض الوقت. ولكن سيؤدي عدم وجود إيرادات الإيجار إلى إفلاسه عاجلا أو آجلا. عندها إذا إستمرت اللعبة يمكن للاعب الأساسي أن ينقذ نفسه من خلال رهن العقار. لكن لا يستطيع بقية اللاعبين أن يبقوا في موقف السيارات إذا كان من المرغوب أن تستمر اللعبة. بهذا الشكلكل العقارات ستكون مرهونة.

يمكن لبقية اللاعبين في الوقت الذي تكون فيه جميع الممتلكات و كل الأراضي مرهونة أن يتركوا الموقف و ينضموا إلى اللعبة. ولكن الرهون العقارية في "المونوبولي" هي شيء غريب. تطرح الأراضي المرهونة للبيع للجميع بمبلغ إعادة ما يكون 2/3 من السعر الأصلي وتهدم جميع المباني على الأرض المرهونة.

في هذه الحالة يملك اللاعبون الذين عادوا إلى اللعبة خيار لشراء عقار اللاعب الأساسي مع خصم كبير و يمكن للبنك أن يعلن مزادا بأسعار منافسة. حقيقة أن هؤلاء المستوطنون لا يملكون مالا ليست مهمة ، لأنه لا يدفع الإيجار في العقار المرهون. كل ما عليك القيام به هو إظهار البطاقة و سوف تحصل على المال.

بالطبع، يوجد هنا مشكلة خاصة. "البنك" قد أصبح ضمانة للاعب الرئيسي والآن، هو نفسه يفتقر إلى المال. إذا كان"البنك" لا يملك المال فلا يمكن للعبة بأن تستمر. ولكن هناك حل. عندما كنت طفلا ، ضاعت في لعبتنا "المونوبولي" القديمة بعض البطاقات النقدية. لذلك صنعنا بعض البطاقات بأنفسنا ، قصصناها من قطعة من الورق الملون و كتبنا عليها الأرقام. وفي الحقيقة فلقد قمنا بطبع الأموال. هل كان ذلك تضخما ؟ لا. هذا ببساطة سمح بمواصلة اللعب.

الآن إذا طبعت المال لدعم "البنك" تكون قد قمت بإعطاء فرصة ليس فقط للاعب الأساسي ولكن أيضا للحفاظ على المستوى الأساسي لدخل المشاركين "المفلسين"، يمكنك إعادة تشغيل اللعبة بعد انهيار سوق العقارات. تحية كبيرة للبنك المركزي الأوروبي.

ولكن بالطبع إنها فقط مسألة وقت حتى حدوث الإنهيار التالي بعد إعادة تشغيل اللعبة. يمكن أن يحدث الإنهيار الجديد بسرعة جدا - لأن اللاعب الأساسي الذي تمت مساندته و لم يفلس لا يزال يملك رأسمال أكثر من بقية اللاعبين.

يجب علينا أن نعترف أننا نعرف كيف نستطيع أن نعود إلى اللعبة بعد الإنهيار، ولكن الجلوس و الإنتظار في موقف السيارات لحين إنخفاض الأسعار ليس بأمر ممتع. خصوصا إذا كنت تعرف أنك سوف تعود للعبة مع زيادات كبيرة في الخسائر. ويمكننا أن نفهم هؤلاء اللاعبين الذين يبدؤون بلعبة أخرى، مثلا لعبة "المخاطرة". لا يوجد أفضل من حرب مجيدة لمساواة الفرص على ساحة اللعبة.

كيف يمكننا تغيير قواعد اللعبة لكي تصبح السوق العقارية في "المونوبولي" أكثر استقرارا ؟ كبداية قد تحتاج إلى تغيير اسمها. إذا كان سوق العقارات مستقرا فهل من الممكن إحتكاره؟

عموما يمكن لموقف المحتكر أن يكون ثابتا. لنفترض أن المحتكر قد أفلس الجميع بالفعل ، ولكن قرر بعد ذلك أنه من الفظيع جدا إرسال الجميع للعيش في موقف السيارات. لذلك يقلل من الإيجار إلى مستوى يمكن لللاعبين أن يتحملوا دفعه بالدخل الأساسي. الآن لدينا لعبة "احتكار الرأسمالي السخي " . ولكن سننظر ما الذي سيحدث مع تراكم الممتلكات في هذا السيناريو.

يحصل كل مشارك على 200$ و بالتالي يمكن أن ينفق منها على دفع الإيجار للرأسمالي السخي. يتبين أن "البنك" يقوم بتوزيع المال الذي بالتالي سيصل إلى جيب المحتكر. حتى وإن خفض قيمة الإيجار لتكون مقبولة لجميع المشاركين، يبقى هو الأكثر ثراء. تزيد عدو المساواة المالية حتما، على الرغم من عدم نمو الأسعار والدخل. لاحظ بأنه في هذه الحالة على "البنك" أن يطبع المزيد من المال من أجل توفير الدخل الأساسي. أو سيكون عليه أن يغير نظام "المونوبولي" الغبي من الضريبة الثابتة للمتزايدة. يمكن أن أسمي هذه اللعبة ب "بيكيتي" (شرفا للإقتصادي الفرنسي توم بيكيتي- المحرر).

نسخة أخرة من هذه اللعبة ألا يتغير الإيجار ولكن يمكن لأي واحد من الذين لا يملكون عقارات، أن يقدموا شكوى "للبنك" مطالبين بمبلغ ما حتى لو كان سعر ليلة واحدة في فندق في مايفير (أغلى مربع في اللعبة). في هذا الإصدار تنمو عدم المساواة أسرع من في"بيكيتي" و سيزيد "البنك" الضرائب و/أو يطبع النقود. يمكن أن نسمي هذه اللعبة "غوردون". لكن إذا حدد البنك المبلغ الذي هو على إستعداد بدفعه وهذا المبلغ لا يكفي لقضاء ليلة في فندق مايفير ستسمى اللعبة ب"جدعون". يرجى ملاحظة أن هذه النسخة غير مستقرة، لأنه يمكن لهؤلاء اللاعبين الغير محظوظين الذين قرروا أن يعيشوا في مايفير أن يفلسوا.

ولكن هناك نسخة أكثر تطرفا. لنتخيل أن هؤلاء في موقف السيارات قد استولوا على "البنك" وصادروا ممتلكات المحتكر وألقوا به خارج اللعبة. "جمهورية الإحتكارالإشتراكية” هي الآن صاحبة كل الملكية.وهي سوف توزع الدخل بين جميع المشاركين، كما كان من قبل، ولكن ستطالب بمال إضافي للإيجار لتجنب طباعة المال ("البنك" في النسخة العادية من اللعبة لن يفعل ذلك). الإيجار سيكون كما في مرحلة اللعبة العادية والذي من الممكن تحمله اعتمادا على الدخل الأساسي. سيرتفع الإيجار بمرور الوقت، لأن “جمهورية الإحتكار الإشتراكية” سوف تقوم ببناء بيوت جديدة و تحسن جودتها. لتبقى هذه النسخة يجب اتباع هذه الإرشادات: تؤجر العقارات و لا تباع. إذا تم زيادة الإيجار فيجب أيضا و بنسب متساوية زيادة .مستوى الدخل الأساسي

لعبة كهذه يمكن أن تستمر للأبد. و ستكون مملة للغاية.

يمكن للاعب الذي يؤدي دور "المصرف" أو حتى "القائد العظيم" الحصول على بعض الإثارة ببناء البيوت و التسلي بأسعار الدخل. ولكن سيستمر البقية في الدوران ، كسب الدخل و دفع الإيجار. يمكن إدخال بعض الإنتعاش للعبة ، عبر بطاقات "الحظ" و "الجمعية الخيرية"، كما يمكن إضافة مفاجآت اليانصيب. ولكن في الأساس سوف يعيش الجميع حياة هادئة جدا. يمكن أن نسمي هذه اللعبة "الركود الإشتراكي". لاحظوا ما يحدث للمال والثروة في هذا الإصدار من اللعبة. هذه لعبة دوارة بما أن كل العقار في حيازة الجمهورية و جميع الإيجار يذهب للجمهورية وكل الأموال تطبعها الجمهورية. لا يوجد شيء مثل رفاهية الناس الخاصة. يمكن توفير القليل من الدخل الأساسي، ولكن بعد جولة سيئة أو اثنتين كل مدخراتهم ستختفي. و حتى الإيجار الذي تجمعه الجمهورية يعود إلى الدخل الأساسي ببساطة. لذلك العنوان البديل لهذه اللعبة هو"نظرية الإحتكار الحديثة".

هناك نسخة مستقرة لهذه اللعبة دون وجود محتكر. يمكن للمشاركين ببساطة أن يقوموا بتقسيم الممتلكات الخاصة بهم بعدل و تعيين أسعارواقعية للإيجار. ولكن بعد ذلك ستصبح اللعبة أيضا مملة.

في الواقع يمكنك استخدام مجموعة متنوعة من الحيل والخدع للإستمرار في اللعبة، إذا كنت حقا تريد ذلك. و "الاستمرار في اللعبة" هو بالضبط ما تريده الحكومات. أي شيء لتجنب وحشية الإنهيار الذي قمت بوصفه. لماذا هذا مهم لهم ؟

ما زلت لم أتحدث حول دور الدين في سوق العقارات، بما أن في "المونوبولي" لا توجد مثل هذه الفكرة. ولكن لن يغير الدين الأمور كثيرا إن كانت الأسعار ثابتة. تدفع الديون الأسعار إلى الأعلى. تتذكرون أن في "المونوبولي" تكون الأسعار ثابتة، و أرجو أن أكون قد نجحت في إظهار كيفية انهيار أسواق العقارات حتى في غياب الديون و ارتفاع الأسعار.

شيء آخر تدفع الديون الناس لفعله، محاولة الملكية. ولكن هل هم حقا سيصبحون أصحابها؟ نعم يجوز أن يسمون أصحابا. ولكن كما قلت سابقا، إذا كان العقار المرهون فأول من يملك حق الملكية هو الذي يحمل الرهن العقاري. فكيف يجوز للمدين أن يعتبر نفسه مالكا لهذه الممتلكات ؟

إن الوهم بملكية العقار،هو ربما واحد من أكثر المعتقدات الغير عقلانية خبثا.يقع معظم العقار السكني تحت الرهن العقاري. ويرتبط جزء كبير من المدخرات عادة بطريقة أو بأخرى بالملكية. و ليس هناك خيار لهدم البيت المفلس. فليس من الغريب أن تريد الحكومات وبأي وسيلة أن تتجنب انهيار هذا السوق.

لكن تؤدي الإجراءات التي تتخذها الحكومات لتفادي الإنهيار الواقع حتما إلى احتكارات في ملكية العقارات. يملك البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الآن عددا كبيرا من السندات المدعومة للمباني السكنية الواقعة تحت الرهن العقاري. تضمن الحكومة في المملكة المتحدة قسما من القرض مع نسبة "الائتمان/الودائع". ضمنت ا الحكومتين مرارا وتكرارا الرهن العقاري. الآن لدينا العديد من المستثمرين من القطاع الخاص الذين يشترون ا العقارات. مع ذلك فإن الأسعار باهظة جدا بالنسبة لمعظم الناس العاديين، وخاصة الشباب. اللعبة بدأت و قد ظهر الجيل القادم الذي سيخيم في موقف السيارات.

ترجمة موقع: www.pieria.co.uk

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق