تفكك الأمم من وجهة نظر الإقتصاد
الصفحة الرئيسية اقتصاد

حان الوقت المناسب لنتذكر ليوبولد كور وهو خبير إقتصادي وقانوني وسياسي مشهور من النمسا.

لعب جو قرية أوبيرندورف حيث ولد كور في النسما الوسطى (عدد سكانها 2000 نسمة) دوراً كبيراً في تشكيل وجهات نظره.

إلتحق كور وهو مهتم بأفكار المفكر النمساوي فريدريخ فون خاييك بكلية لندن للإقتصاد وإنتقل من أوروبا إلى الولايات المتحدة عام 1938 حيث أقام 25 سنة.

في سبتمبر عام 1941 عندما أصيبت مدينة فيلنيوس بموجة مذابح اليهود كتب كور الجزء الأول من كتابه "تفكك الأمم" الذي سيتم الإعتراف به لاحقا .

وصف في كتابه فكرة تقسيم أوروبا إلى مناطق سياسية صغيرة كما كان الحال في الماضي على مثال الكنتونات وهي عبارة عن تقسيم إداري قائم في سويسرا منذ العصور الطويلة.

في نهاية المطاف كل شيء يتعلق بالحجم. كما لاحظ كيركباتريك سايل في مقدمة "تفكك الأمم".

" كما هو الحال في العمارة، حجم المبنى المشيد له أهمية كبيرة في حياة الأمة.

ويعتبر المبنى كبير للغاية عندما لا يعود قادرا على تأمين سكانه بكل الخدمات اللازمة ومنها إمدادات المياه ومجاري القمامة والتدفئة والكهرباء والمصاعد الشغالة وغيرها وعلى الرغم من ذلك يوسيع المساحة التي تحتلها البنية التحتية وهذا يؤدي إلى تضييق مكان العيش. عادةً يحدث ذلك عندما يوجد في المبنى أكثر من 90-100 طابق.

وبدورها تصبح الأمة كبيرة للغاية عندما لم تعد قادرة على تأمين الخدمات اللازمة لمواطنيها ومنها الدفاع عن الأرض وشبكة الطرق والبريد والصحة والعملة المستقرة والنظام القضائي وغيرها دون تأسيس مؤسسات معقدة وآليات بيروقراطية مختلفة التي تعيق تحقيق أهدافها. يواجه المجتمع المعاصر هذه الظاهرة بالذات.

والمغزى ليس في نوع المبنى أو الأمة أو خبرة المقاول أو الزعيم ولكنه في حجم الجمعية. إذا وكلت إلى قديس إدارة مبنى ذو 400 طابق أو أمة ذات 200 مليون مواطن ستكون تأدية هذه المهمة مستحيلة".

ليوبولد كور

وصل كور خلال بحثه إلى أنه توجد حدود لنمو المجتمع لا مفر منها:

"إن القضايا الإجتماعية تنمو للأسف بمتتالية هندسية بالنسبة لنمو الكائن الحي الذي تلاحَظ فيه وفي نفس الوقت تنمو قدرة الإنسان على حل هذه القضايا بمتتالية حسابية فقط إن تمكّن من ذلك".

تظهر في العالم الحقيقي حدود يكون النمو خارجها غير المنطقي.

أصر كور بأن وجود الديمقراطية الحقيقية مستحيل إلّا في بلدان صغيرة لأن سكانها يستطيعون أن يؤثروا على السلطات بشكل مباشر.

عندما سئل كور عما أثّر على وجهات نظره السياسية والإجتماعية أكثر، أجاب:

"أولاً حقيقة أنني ولدت في قرية صغيرة".

خصوصاً في ظل الأحداث المذكورة أعلاه لفتت ظاهرة تشكيل منطقة اليورو إهتماماً خاصاً لأن في هذه الحالة شهدنا ظهور هيكل سياسي ضخم غير فعال وحّد ثقافات غير متوافقة عن بطريقة غير منظمة.

وفقاً لكور إذا هناك شيء خاطئ فإنه أصبح كثيرا للغاية. ويجب أن نبحث عن حل لإيقاف النمو وليس لضم المزيد من الدول ذات إمكانات مختلفة تسبب التفاقم في هذا الإتحاد النقدي قليل الفعالية الذي تسيطر عليه قوانين العفوية. بالتأكيد يجب علينا أن نوقف التوحد المقبل.

عندما يصنف الإتحاد بأنه "كبير للغاية" لا يوجد حل لهذه المشكلة إلاّ التفكك ولن ينفع توحيد الجهود.

إذا أدركت الدول الأوروبية الكبرى أن الإتحاد السياسي غير منطقي برأي مواطنيها أو إنهم يرغبون أن يقتلوا بعضهم البعض فلا يجب على رؤسائها أن يتوقعوا أن المملكة المتحدة مستعدة للدخول في المعركة دون أخذ فائدتها بالحسبان كما كان في الماضي.

كما قال كور:

"كنا نضحك على الشعوب الصغيرة والآن يهددنا خلفاءها القليلون".

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق