قضايا روسيا تهم الكل
الصفحة الرئيسية اقتصاد

"قبرص بأسلحة نووية" هكاذا وصف روسيا أحد الصحفيين الأمريكيين. هذه المقارنة ليست معقولة لأن روسيا تملك مساحة شاسعة غنية بالموارد الطبيعية وليست جزيرة ذات نظام بنكي مريح فقط. ولكن هذه الاستعارة ترمز إلى الخوف من الأزمة المالية التي تهدد العالم بسبب البلد الذي يعتزم قطع جزء من الدولة المجاورة.

لا شك أن العملة الروسية "الروبل" تهبط بسبب تراجع سعر النفط. ولكن الأخطر من ذلك أن استقرار أسعار النفط لن تحل مشاكل الروبل. كما يشرح الصحفي ليونيد بيرشيدسكي الأسواق لا تقلق بسبب أسعار النفط فقط بل تزعجها خطط البنك المركزي الروسي لطبع النقود من أجل دعم صناعة النفط الروسية.

يخاف تكنوقراطيو البنك المركزي أن يكونوا مضطرين إلى طبع النقود لتمويل الصناعة عن طريق مباشرة وفي المقام الأول الصناعة العسكرية والشركات الحكومية. حقيقة أن البنك المركزي يتعامل مع شركة Rosneft بتردد يدل على الضغط على البنك وهو مضطر إلى الاستسلام في مثل هذه الظروف. لا يستطيع البنك المركزي التأثير على زعزعة استقرار العملة الوطنية ومقاومة زيادة الذعر في السوق بسبب تقديم الائتمانات بأسعار خاصة للشركات مثل Rosneft. وعلاوة على ذلك فإن الصفقة معRosneft تشير للمتعاملين في السوق إلى أن هناك شركات تتمتع بامتيازات أكبر من الشركات الأخرى. وهذا يؤدي إلى تزايد عدم الثقة وحجم المضاربة الضخم مهما كان سعر النفط.

حاول البنك المركزي تثبيت الحالة القائمة برفع سعر الفائدة إلى 17% وهذا لم يساعده وبدأ الروبل في الهبوط صباح اليوم التالي. هذا يدل على العوامل التالية:

  • ليس للبنك المركزي استقلالية كافية لمقاومة قرارات الحكومة.
  • تعتبر الحكومة هذه الحالة خطيرة إن قررت طبع نقود جديدة لدعم شركة Rosneft مهما كانت الظروف.
  • إن السيطرة الحكومية على حركة الأموال ليست بعيدة (لأن الأوليغاركيون والمتعاملون في السوق سيقومون بسحب الأموال إلى الخارج).
  • يخرج الوضع المالي في روسيا عن السيطرة تدريجيا.

إذا لم تشعروا بالخوف فاعرفوا أن هناك مشاكل في بعض الدول الأخرى. توجد في الشرق الأوسط دول كثيرة مع اقتصادات مرتبطة بأسعار النفط مثل العراق. كما كتب صحفية Bloomberg ميغان ماكاردل:

عندما تكون أسعار النفط عالية ويجري استخراجه المستمر وفي هذه الظروف سوف تحل الحكومة كل القضايا. ووفقاً لفرانك غونتر يجب على الدولة أن تخلق 250 ألف فرصة عمل سنويا لتوفيرها للشباب القادرين على العمل. يقول:

"تعتبر السنة جيدة عندما تكون الأسعار مرتفعة وكافية لتستطيع الحكومة أن تخلق كل هذه فرص العمل". وما هي إذا السنة السيئة؟ ومن الأمثلة على ذلك سنة 2006 عندما انحفض الإنفاق على الصيانة وحجم الاستثمارات المالية. "كان موظفو الوزارات العراقية يعملون بدون إضاءة لأن الحكومة لم تملك أموالاً لشراء اللمبات… ولكن لم يصرف من العمل أحد وتم دفع التقاعد بالكامل". إن نصف السكان القادرين على العمل يعملون في قطاع الحكومة وما يقارب 20% عاطلون عن العمل. يعتقد العراقيون أن الوظيفة المربحة الواحدة هي الوظيفة الحكومية. لأنها توفرأرباحا أكبر وكثيرا من التسهيلات وضمان عدم الفصل عن العمل ولا تتطلب العمل الشاق كما هو في القطاع الخاص. حسب تقديرات غونتر إذا انخفض سعر النفط لأقل من 40$ للبرميل ستواجه الحكومة صعوبات ومخاطر لأنها لن تستطيع دفع الأرباح والتقاعد بسبب عدم وجود مبالغ الميزانية الكافية حتى في حالة تقليل النفقات الأخرى إلى الحد الأدنى".

كان سعر النفط حول $110 للبرميل ليبلغ $55 في وقتنا الراهن. حانت الأوقات الصعبة للمتعاملين في السوق. يهبط سعر النفط وبالتالي تدرك السوق انحفاض الطلب. وبالتالي يشاهد تجار المواد الخام ماذا يحدث للأسهم ويلاحظون أنه تم خفض أسعار الصرف فيقترحون سعرا أقل من قبل. ويشاهد تجار الأسهم أن أسعار النفط انخفضت ويعتقدون أن الطلب قد انحفض. إنها حلقة مفرغة.

إذا ما تغير الوضع فسيصبح سعر النفط مجانيا إلى نهاية يناير.

أما في الدول الأخرى فقد وقعت الأزمة في فنزويلا. في عصر حكم هوجو شافيز كانت المؤسسات الاستثمارية ممولة من ايرادات الشركة الحكومية للنفط وكانت هذه المؤسسات تصرف أموالها للخدمات الاجتماعية وهذا أدى إلى تقليل استخراج النفط. بدا هذا النظام فعالا في حالة ارتفاع أسعار النفط أما الآن يتدهور الاقتصاد والاستقرار السياسي في البلد.

يعتقد المحللون أن هذا الوضع يمكن أن يؤدي إلى نتائج سياسية خطيرة. عندما هبطت أسعار النفط في المرة الأخيرة تفكك الاتحاد السوفياتي. وهذا يدلعلىى احتمال حدوث أزمة مالية للاقتصاد العالمي المعاصر لأنه يمكن لقضايا روسيا والدول الأخرى المنتجة للنفط أن تؤثر على النظم التجارية المرتبطة ببعضها البعض في الولايات المتحدة. يضعف الاقتصاد الصيني وتحاول دول منطقة اليورو أن تحافظ على موقفها الغير مستقر ولن يستمرالنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة الذي بدأ مؤخراً لمدة طويلة إذا بقي الوضع في العالم غير مستقر كما هو الآن.

يعتقد بيرشيدسكي أن الحكومة الروسية ستقوم بالسيطرة على حركة الأموالعلى الرغم من أن رئيسة البنك المركزي ترفض هذا السيناريو. مهما اتخذت روسيا من الإجراءات نأمل في نجاحها في النهاية فإذا لم يحدث هذا سيشهد العالم أوقاتا صعبة.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق